Image

مساع أوروبية وبريطانية لحظر دعم مشاريع الوقود الأحفوري الأجنبية

تعتزم المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، الضغط على الدول الأغنى في العالم، لإنهاء الدعم المقدم للعمليات الأجنبية للنفط والغاز والتنقيب عن الفحم، وذلك في اجتماع مغلق لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، خلال الشهر المقبل، بحسب مصادر مطلعة.

ومن المُتوقع أن يثير المقترح بحظر أكبر مصدر أجنبي للتمويل العام لمشاريع الوقود الأحفوري، نقاشات ومفاوضات محتدمة في مقر المنظمة بالعاصمة الفرنسية، باريس.

وتبني هذه الخطوة على التزام بعض الدول الأعضاء في المنظمة، بمواءمة مؤسسات المالية العامة لديها مع أهداف اتفاق باريس، الذي يرمي للحد من ظاهرة الاحترار العالمي إلى ما يقل كثيراً عن درجتين مئويتين، وعند 1.5 درجة مئوية أعلى من المستويات، التي سادت قبل الثورة الصناعية، لكن جهود إنهاء دعم المشروعات الأجنبية سيسلط الضوء على الدعم المنتشر لصناعات النفط والغاز المحلية، حتى مع السعي لاتفاق عالمي ينهي إنتاج الوقود الأحفوري دون انبعاثات، مفترض التوصل إليه في قمة الأمم المتحدة للمناخ المقبلة «كوب 28». وقالت نينا بوشيتش، الخبيرة الاستراتيجية في تمويل المناخ لدى مجموعة «أويل تشينج إنترناشونال» الأمريكية: «وقف تقديم وكالات ائتمان التصدير لقروض وضمانات لمشروعات الوقود الأحفوري سيكون «خطوة أولى ضرورية لكي تظل أهدافنا المناخية الدولية في متناول اليد».

وتشير تقديرات «أويل تشينج إنترناشيونال»، إلى إنفاق وكالات ائتمان التصدير في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 41 مليار دولار سنوياً لدعم مشروعات الفحم والنفط والغاز بين عامي 2018 و2020، أي قرابة 5 أضعاف الدعم المقدم للطاقة النظيفة، وبخلاف موزمبيق فإن أبرز المستفيدين من الدعم خلال هذه الفترة كانوا في بلدان متقدمة شملت كندا وروسيا.

ووافقت البلدان الغنية في 2021 على إيقاف دعم توليد الكهرباء بالفحم في الخارج. ووفقاً لبوشيتش يُظهر هذا أن قرارات المنظمة من هذا النوع «يمكن أن يكون لها تأثير محفز على التحول إلى الطاقة النظيفة».

إن خطوة إعادة رسم موقف الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بشأن الوقود الأحفوري، تستند أيضاً إلى تعهدات من بعض الدول الأعضاء تشمل: المملكة المتحدة وكندا وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة، في قمة «كوب 26» في غلاسكو منذ عامين.

وتضمن تعهد هذه الدول بإنهاء الدعم العام الجديد للوقود الأحفوري الدولي بنهاية 2022، استثناءات للمشاريع، التي يتم فيها احتجاز الانبعاثات، ولبعض الحالات «المتوافقة» مع اتفاق باريس.

والتزمت الحكومات أيضاً في غلاسكو بالضغط على هيئات، مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومصارف التنمية متعددة الأطراف، بتحديث أُطر الحوكمة لديها، بحيث تتوافق مع أهداف اتفاق باريس، لكن التغييرات التي ستطرأ على ترتيبات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فيما يتعلق بائتمانات التصدير ستكون طوعية، وستتطلب إجماعاً من مجموعة من الدول الأعضاء، تضم كبار ممولي الوقود الأحفوري، الذين لم يدعموا تعهدات غلاسكو، مثل اليابان وكوريا الجنوبية.

وسيكون الأمر بمثابة ضغط أيضاً على الموقعين لكبح تمويل وكالات ائتمان الصادرات لديهم للوقود الأحفوري في الخارج. وعلى سبيل المثال صوّت مديرو وكالة ائتمان التصدير الأمريكية «إكسيم» في مايو على صرف قرابة 100 مليون دولار، لدعم توسع مصفاة تكرير في إندونيسيا، وكذلك لتحديثات كفاءة استهلاك الوقود وعوامل السلامة، وصوّت المديرون في يوليو لصالح دعم ائتماني لشركة «ترافيغورا» لتجارة السلع الأساسية لشراء غاز طبيعي أمريكي مُسال، بغرض تصديره إلى أوروبا.

وأعلنت «إكسيم»، أن هذه القرارات تدعم أكثر من 12.000 وظيفة في الولايات المتحدة، عبر تعزيز مبيعات النفط والغاز الأمريكية، لكن «إكسيم» لم ترد على طلب للتعقيب.

وصرحت لويز باروز، المسؤولة عن دبلوماسية المناخ والطاقة لتحالف «ما وراء النفط والغاز»، الذي يشمل حكومات فرنسا والدنمارك، بأن مناقشات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ستكون «أداة إنفاذ مفيدة لبدء عقد محادثات مع المتقاعسين».

وأفادت مصادر على صلة بوكالة تمويل الصادرات البريطانية، بأن كندا التزمت بدعم مقترح في هذا السياق من المملكة المتحدة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قبل اجتماع الشهر المقبل. وأعربت وزارة المالية الكندية، عن «تطلعها للعمل مع شركاء يتبنون الآراء ذاتها في المنظمة، وفي منتديات دولية أخرى، لتنمية وتعزيز الاقتصاد النظيف حول العالم».

ورفع الاتحاد الأوروبي، مقترحه الخاص، وفق شخص على اطلاع بالأمر، بعد موافقة الدول الأعضاء على مسودة مقترح خلال الشهر الماضي، لكن الاتحاد لم يعلق، ويأتي هذا في سياق الضغوط الجماعية المنسقة للتكتل لإنهاء الدعم للنفط والغاز والفحم.

وتنطوي ولاية التفاوض لقمة «كوب 28» هذا العام في دبي، والتي وافق عليها وزراء البيئة بدول الاتحاد هذا الشهر، على دعوة الاتحاد الأوروبي «لإلغاء تدريجي في أقرب وقت ممكن لدعم الوقود الأحفوري، الذي لا يعالج فقر الطاقة أو التحول العادل».

وقال فوبكه هويكسترا، المسؤول الجديد عن ملف المناخ لدى الاتحاد الأوروبي، عن دعم الوقود الأحفوري: إنه «عفا عليه الزمن، ويأتي بنتائج عكسية»، لكن المفوضية الأوروبية قالت في تقرير نُشر الأسبوع الماضي: إن إجمالي دعم الوقود الأحفوري في دول الاتحاد «ارتفع بشدة» إبان أزمة الطاقة في 2022 ليبلغ 122 مليار يورو، بعدما ظل مستقراً تقريباً عند 56 مليار يورو في العام السابق، وذكر التقرير: «يتعين على الدول الأعضاء تسريع وتيرة العمل لإنهاء دعم الوقود الأحفوري».