Image

النقص الحاد للعمالة في اليابان يحفز عمليات اندماج طال انتظارها

في أحد جوانب صناعة الإنشاءات في اليابان التي تقدر قيمتها بنحو 400 مليار دولار (نحو 60 تريليون ين)، قامت شركة تبلغ من العمر 132 عاماً ومقرها مدينة أوساكا بعملية اندماج مع شركة أخرى منافسة الشهر الجاري.

العملية التي قادتها شركة إيمادا للإنشاءات صغيرة إذ لم تتجاوز قيمتها 18 مليون دولار (2 مليار ين)، لكنها رمزية، حيث تشير إلى أزمة خانقة تتزايد يوماً بعد يوم في القطاع، إنها تعني إخراج أحد اللاعبين من ساحة صناعة تتسم بكثير من التفتت، حيث يعاني نحو 470000 شركة مع أزمات تتراوح بين خلافة في قياداتها أو نقص حاد في العمالة. ومع قيام اليابان بتعديل قواعد العمل بدءاً من العام المقبل بغية الحد من الوقت الإضافي لسائقي الشاحنات، فمن المتوقع أن يحتدم السباق على عمال الإنشاءات.

الصفقة تشير أيضاً إلى تغير ديناميكيات الاندماجات والاستحواذات في اليابان، حيث باتت الصفقات المحلية أكثر سهولة في ظل دفع الناشطين وصناديق الأسهم الخاصة والحكومة علانية للشركات لدمج قواها. ووفقاً لبيانات شركة «سترايك» الاستشارية، فإن قيمة صفقات الاندماجات والاستحواذات في صناعة الإنشاءات بلغت العام الماضي مستوى قياسياً مرتفعاً تجاوز 186.8 مليار ين (1.2 مليار دولار).

وفي مركز نيهون الاستشاري للاندماجات والاستحواذات، مثلت الصناعة مصدر نحو 30% من الصفقات، وهو ما دفع المركز لإصدار كتاب هذا الصيف متخصص في إبرام الصفقات في قطاع الإنشاءات.

وقال تاكاكي شيميزو، رئيس أخصائيي الإنشاءات في مركز نيهون للاندماجات والاستحواذات، والمؤلف المشارك للكتاب: «إن شركات الإنشاءات الراغبة في البيع يزداد حجمها عن ذي قبل، وهو أمر يسرع وتيرة الاندماجات».

وكانت العوائق النفسية والثقافية أمام الاندماج بين الشركات اليابانية المتنافسة أكبر بكثير من شراء شركة أجنبية من الخارج، فدمج التكاليف في الصفقات المحلية أصعب بدرجة كبيرة، لأن عمليات خفض العمالة ليس أمراً يسيراً بالمرة.

وعلى سبيل المثال، تطلب الأمر من مجموعة ميزوهو المالية اليابانية أكثر من عقدين من الزمان لدمج نظمها المعلوماتية بعد اندماج ثلاثي وسط الأزمة المصرفية باليابان في العام 2000. وفيما تمثل الصفقات المحلية تحدياً كبيراً في الغالب الأعم، فإن الشركات اليابانية بما تملكه من سيولة نقدية كبيرة كانت دائماً تتصدر قوائم المصارف للمتنافسين المحتملين على الأصول الأجنبية. كما أن المسؤولين التنفيذيين كانوا دائماً نشطين في بحث خيارات التوسع في الخارج للتغلب على تقلص الأسواق المحلية.

وتبقى الشهية قوية للاستحواذات العابرة للحدود، ومن المحتمل أن تكون هناك صفقات ضخمة يقودها مشترون يابانيون في المستقبل، لكنّ المصرفيين يقولون إن النسبة بين الصفقات الخارجية والمحلية بات الآن أكثر توازناً، حيث شكلت الأخيرة نحو نصف حجم الصفقات مقارنة مع خمس سنوات مضت حين مثلت الصفقات الخارجية ما يصل إلى 70 % من إجمالي الصفقات.

إن أحد الدوافع الرئيسية لذلك هو تقلص القوى العاملة، فالكثير من الشركات تلجأ إلى عمليات استحواذ بغرض جلب عمالة الشركات المستحوذ عليها لمواجهة النقص في العمالة، وهي المشكلة التي حذر الرؤساء التنفيذيون من أنه لا يمكن معالجتها بالسرعة الكافية من خلال عمليات الأتمتة.

وطبقا لهيساو تاناكا، الرئيس التنفيذي لشركة «جابان ماتيريال» التي تقدم خدمات الصيانة للمصنع الأول للشركة التايوانية لتصنيع أشباه الموصلات في اليابان، فإن الإقدام على شراء وحدات الأعمال غير المربحة بالشركات العاملة بالقطاع يمثل استراتيجية واضحة للحصول على مئات العمال.

وبدون هذه الاستراتيجية، يؤكد تاناكا أنه سيكون من شبه المستحيل الحصول على عدد كاف من العمال قبل بدء الإنتاج بمصنع الشركة التايوانية لتصنيع أشباه الموصلات العام المقبل.

ويمكن لقضية الاندماجات هذه في اليابان أن تكون أكثر إقناعاً، على سبيل المثال، إذا قررت إحدى الشركات الثماني الكبرى لصناعة السيارات الاندماج مع شركة منافسة، أو إذا قررت كبرى التكتلات في اليابان بدمج الأنشطة الدفاعية أو النووية، لكن إمكانية تحقق هذه الصفقات تظل ضعيفة. كما أن استراتيجية الاستحواذ بغرض جلب العمالة ستكون مستدامة فقط إذا استطاع المشترون الاحتفاظ بالمهارات من خلال دفع أجور أعلى وتوفير ظروف عمل أفضل. لكن في كل الأحوال فإن إزالة المحرمات المتجذرة من أمام عمليات الاندماج المحلية يعد علامة على تحول نموذجي انطلق بالفعل، فيما يصارع الرؤساء التنفيذيون مع شيخوخة العمالة.