Image

واحدية الثورة اليمنية المباركة .. ثورة أكتوبر .. الانتماء على أُسسٍ وطنيةٍ وهويةٍ يمنية

واحدية الثورة اليمنية المباركة ..
ثورة أكتوبر .. الانتماء على أُسسٍ وطنيةٍ وهويةٍ يمنية 
ـ  عدن .. أرضية تُشَكِّل الهوية الثورية لليمنيين 
ـ بعد أكثر من نصف قرن .. يعود النضال للحفاظ على المكتسبات 
ـ ما بين تعز وإب وردفان .. وُزعت المهام وثبت المركز فقامت الثورة


تُعَدُ الثورة اليمنية المباركة" سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر"، أهم منجز تاريخي حققه اليمنيون في القرن العشرين، ورسموا من خلاله الخطوط العريضة للسير نحو مراحل المستقبل، من خلال العمل بمبادئ الثورة والحفاظ على الجمهورية، والاستمرار بالبناء وتحقيق تطلعات أبناء اليمن الواحد.
ونحن نقلبُ في صفحات تاريخ الثورة اليمنية في شمال الوطن وجنوبه، وجدنا أنفسنا في ذكرى ثورة 14 أكتوبر الـ 60، نتوقف عند واحدة من أهم الثورات العربية ضد الاستعمار الغربي الذي برز عبر الإحتلال البريطاني لجنوب الوطن، وتحويله إلى قاعدة تجارية وعسكرية استعمارية مهمة، منذ سقوطها في عام 1839م.

محطة متقدمة 
كانت عدن محطةً متقدمةً لبريطانيا في ترسيخ وجودها الإمبريالي في المنطقة العربية وشرق أفريقيا والخليج العربي، وذلك للمكانة الفريدة التي تمتلكها عدن، والتي ظلَّت قرناً. وربع القرن، خاضعةً للبريطانيين، مستسلمةً لقدرها ومصيرها حتى منتصف القرن التاسع عشر، حينما بدأت بوادر النهوض القومي العربي بالتمدّد إلى عدن، وبداية تشكل الوعي العمالي، ثم السياسي بفضل التطور الطبيعي للمجتمع العدني الذي صحاب التوسع والتطور الاقتصادي الذي شهدته مستعمرة عدن فيما بعد عام 1945م.
لقد مهَّدت الأوضاع الاجتماعية التي كانت تعيشها عدن ومحطيها، الطريق أمام الثوار اليمنيين شمالًا وجنوبًا، لتفجر ثورة  "26 سبتمبر" ضد الحكم الإمامي المستبد في شمال الوطن، والتي كانت منطلقًا لتفجير ثورة 14 أكتوبر جنوبًا، حيث باتت الثورتين متكاملتين في الوسائل والآليات، ولم يكن من الممكن نجاح إحداهما بمعزل عن الأخرى، حيث كان مناخ نجاحهما مرهوناً بتوفر الشروط الموضوعية للواقع الاجتماعي الذي فجرهما.

أولى خطوات النضال
بدأت أولى خطوات النضال الثوري تتشكل بين عامي  1942مو 1956م، بتشكل الاتحادات العمالية التي ضَمَّت في صفوفها أكثر من ثلاثين ألف عامل يمني، فكانت بمثابة الأرضية الخصبة والخميرة الرئيسية للثورة فيما بعد، إلى جانب زيادة الوعي "الحقوقي، والسياسي والاجتماعي"، إلى جانب بداية تَشكُّل الأندية الثقافية والسياسية في عدن بعد العام 1945م، والتي بدأت أولى خطوات الحراك الثوري بإصدار الصحف باللغة العربية والتي حملت على صدر صفحاتها المطالب الإصلاحية والأفكار القومية وحقوق المرأة والحاجة للتعليم، وغيرها.
وتلى تلك الخطوات تأسيس الجمعية العدنية في العام 1950م، التي أصدرت حينها صحيفةً تتماهى كثيراً مع السياسات البريطانية فيما يتعلق بوضع عدن، والإجراءات المتّخَذة من البريطانيين تجاه كل من أتى من خارج عدن من المحميات، أو من الشمال، لكن أمام ذلك التماهي مع البريطانيين، ظهرت جماعة النهضة في العام 1952م، التي أصدرت صحيفة النهضة، وطالبت بتوحيد الجنوب في دولةٍ واحدةٍ، و إزالة الفوارق بين عدن والداخل، من خلال القضاء على سلطة السلاطين، كما دعت إلى توحيد الشمال والجنوب، وطالبت، بدلاً عن الحكم التقليدي، بإنشاء مجالس محلية، لها عاصمة اتحادية هي عدن.

أول معارضة لبريطانيا
ما ورد في صحيفة "النهضة" لم يرُق للبريطانيين الذين رأوا ذلك تحدياً لهم، فمنعوا صدورها عام 1953م، لكن الجماعة نفسها أصدرت عام 1954م مجلة "الفجر" التي دعت إلى وحدة الجنوب داخلياً، وإلى وحدة الجنوب والشمال، وكشفت "الفجر" بذلك عن وجود جماعةٍ سياسيةٍ كبيرة تقف خلف هذه المطالب، وهو ما تمثَّل حينها برابطة أبناء الجنوب العربي بدايةً، وتَشكَّل بعد ذلك كيان جديد تحت مُسمى "الجبهة الوطنية المتحدة" عام 1955م، مطالبةً بمقاطعة الانتخابات النيابية التي كانت تقيمها السلطات البريطانية. وقد تشكَّلت هذه الجبهة، نتيجة الانشقاقات التي حدثت في كل من الجمعية العدنية ورابطة أبناء الجنوب الذين رأوا تلاعباً بريطانياً واضحاً بمطالبهم المتمثلة بالاستقلال وتوحيد اليمن، وهنا، وجدت بريطانيا نفسها، أول مرة، أمام معارضةٍ تُشكِّل تحدياً حقيقياً لوجودها.
وفي ظل تَشكُّل أول معارضة لبريطانيا، تم الإعلان عن تأسيس حركة اتحاد العمال التي، بحسب المؤرخ اليساري البريطاني، فريد هاليدي، في كتابه "الصراعات السياسية في شبه الجزيرة العربية"، كانت من أكثر الحركات العمالية تطرفاً ثورياً وقومياً في العالم العربي، لنمو تيارات ثوريةٍ وقوميةٍ في صفوفها، ولأنها استوعبت العمال اليمنيين، جنوبيين وشماليين، على حدٍ سواء، ورفضت الأشكال السياسية القائمة على أساس شطري، إذ كانت قاعدة الانتماء إليها على أُسس هوية وطنية يمنية، وعلى أساس هوية طبقية، أي عمالية.

الرد البريطاني وبداية الصراع
وكانت بريطانيا ترقب كل هذه التحولات، بذهول وخوف شديد، وتدرك خطورة ما ستؤول إليه الأمور، فقرّرت مواجهة هذه الخطوات بخطواتٍ سياسيةٍ خبيثةٍ، وهو ما تَمثَّل بإعلانها عن مُسمى "اتحاد الجنوب العربي"، نهاية الخمسينيات; لمواجهة الحركة العمالية العدنية، وضرورة دمج مستعمرة عدن في إطار هذا الاتحاد، وفقًا لمعاهدة لندن بين البريطانيين وحزب الجبهة الوطنية المتحدة، وكانت خطوة دمج عدن بالداخل خطوةً لمواجهة قوة الاتحادات العمالية التي بدأت تقود الجماهير في عدن، وتقيم الإضرابات والمظاهرات المطالبة بحقوقهم العمالية، وصولاً إلى الاستقلال.
غير أن الصراع السياسي، حينها، وصل إلى حد أن شكَّل الاتحاد العمالي حزب الشعب الاشتراكي، بديلاً عن الجبهة الوطنية المتحدة التي وقَّعت مع بريطانيا إتفاقية لندن، بخصوص دمج عدن في الداخل، خطوةً لضرب المطالب العمالية المسيسة حينها، من خلال إيجاد مواجهةٍ مباشرة بين الاتحادات العمالية والقوى المشيخية والسلطانية في المحميات.

البُعد الوطني الكبير
لم يكتسب هذا النضال بُعدهُ الوطني الكبير، إلا مع بروز الكيانات الوطنية الكبيرة والقومية، والتي بدأت بالظهور بعيد إطاحة النظام الإمامي في صنعاء مباشرةً، وحصول الجبهة القومية على موطئ قدم في تعز، ومناطق الشمال التي كانت بعيدةً عن الاقتتال الجمهوري الملكي حينها، والتي أُعلن عن تشكيلها تحت مُسمى "الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل".
ولم تأخذ الجبهة طابعها الوطني العام، إلا من خلال الصلات والروابط التي ظلَّت تربطها مع الداخل اليمني شمالاً وجنوباً، على عكس ما كان عليه الحال في المؤتمر العمالي وحزب الشعب الاشتراكي اللذين ظلا محصورين بعدن، ومعزولين عن محيطهما الوطني شمالاً وجنوباً. 
وهذا هو الفارق الذي جعل من نضال الجبهة القومية أكثر تأثيراً من غيرها، بالنظر أيضاً إلى طبيعة القوى التي اتحدت تحت مظلة الجبهة القومية، من كل مناطق المحميات والشمال على حد سواء، وأعلن عن أول نبأ عن الجبهة القومية من إذاعة صنعاء في 20 يونيو/ حزيران 1963م، في الوقت الذي صدر بيان من القاهرة عن الرئيسين، عبد الناصر، وعبدالله السلال، حول حق الشعب اليمني في الشمال والجنوب بالاستقلال والوحدة.

مؤتمر تعز ومصير الثورتين

عُقد أول مؤتمر للجبهة القومية، بعد عام من تشكيلها في 22-25 نوفمبر 1965م، في مدينة تعز التي ظلَّت المنطلق الرئيسي للجبهة في نضالها شمالاً وجنوباً، حيث كثيرون من أعضاء الجبهة، أفراداً وقيادات، شاركوا في القتال، شمالاً ضد الفلول الإمامية، وجنوباً ضد المستعمر البريطاني الذي ظل يدعم الملكيين شمالاً أيضاً، ما وحَّد مصيرية ثورتي سبتمبر وأكتوبر، وجعل انتصار إحداهما انتصاراً للآخر. وهذا ما تم فعلاً بعد ذلك، من خلال تفجر الجنوب اليمني نضالاً مسلحاً ضد بريطانيا التي كانت داعماً رئيسياً لعودة الملكيين في صنعاء، وبالتالي ضعف الإمامين بعد انسحاب البريطانيين في نوفمبر  1967م.
ومع هذا، لم تكن ثورة "14 أكتوبر" لطرد المستعمر فحسب، بل ثورةً وحّدت الجنوب اليمني كله في إطار كيانٍ سياسيٍّ واحدٍ معترفٍ به دولياً وإقليماً. هذا الكيان الذي ظل حاملاً فكرة الوحدة اليمنية، حتى تحققت في مايو 1990م كإرادة وطنية شعبية، وليست مجرد مشروع نخب حاكمةٍ ستنتهي الوحدة برحيلها.

نضج الثورة وملاذها 
بعد تفجر ثورة 14 أكتوبر في جبال ردفان الشامخة، وبعد نضجها ثورياً وعسكرياً شمال الوطن، خاصة في "صنعاء وتعز وإب والحديدة"، حيث مثَّلت هذه المحافظات ملاذاً آمناً للثوار الذين استطاعوا منها أن يرسموا خطتهم الثورية ضد المحتل البريطاني البغيض بجنوب الوطن بالتعاون مع إخوانهم ورفاقهم من عناصر المد الثوري في الشمال، توحَّد الجميع، وقاتلوا في دعم الثورة السبتمبرية، والتي كان لها الدور الأساسي في تفجير ثورة الـ 14 من أكتوبر عام 1963م ليتم بعدها طرد المستعمر والمحتل البريطاني، وإنهاء تواجده في أرض اليمن، بعد إحتلالٍ دام طيلة قرن وربع من الزمان.
واليوم، وبعد مرور 60 عام، بات من المعلوم أن ثورة 14 اكتوبر 1963م، تُعَدُ واحدة من أهم الثورات العربية التي غيَّرت بقيامها مجرى الأحداث، وانتصرت للحرية والكرامة بعد سنوات من النضال الثوري المُسلَّح ضد الاستعمار البريطاني، حيث قدم فيها اليمنيون ملاحم عظيمة من البطولة والاستبسال والنضال الثوري والتضحيات الكبيرة بالأرواح والدماء والأموال لطرد وتحرير البلاد من الاستعمار البريطاني المحتل، والذي جثم على أرضنا في جنوب الوطن، لأكثر من 125 عاماً، تعرَّض فيها اليمنيون لشتى صنوف القهر والإذلال والاستنزاف والعبودية.
لقد أكَّدت هذه الثورة بقيامها ترابط الشعب اليمني وواحدية الثورة اليمنية السبتمبرية الأكتوبرية ووحدوية اليمنيين في نضالاتهم عبر التاريخ، هي حقائق لا يمكن التشكيك فيها مهما حاول البعض أن يزرع الشكوك في عقول وأفكار الأجيال.
إن ترابط الأحداث التي رافقت الثورتين تؤكد هذه الحقائق، حيث ساعد نجاح ثورة سبتمبر في تسريع الخّطى نحو استقلال الجنوب، ومثَّلت الحاضن الكبير لانطلاق ثورة أكتوبر، وخلقت في عدن، وفي كل مناطق الجنوب ظرفاً هيأ وأوجد مناخاً ممتازاً لقيام ثورة 14 أكتوبر المجيدة، وهبَّ الشعب كله في مقاومة الاحتلال البريطاني بدعم وتأييد من ثوار سبتمبر المجيدة، وظل الثوار في عدن وبقية المحافظات الجنوبية في صراع دائم مع الاستعمار البريطاني.
غير أن بداية الثورة الحقيقية كانت عندما لوَّحت حركة القوميين العرب في اليمن بتبني فكرة الكفاح المسلح ضد الاستعمار وعملائه في المنطقة، وهي الفكرة التي طرحها قادة الحركة وأوصلوها إلى أذهان الرئيس السلال والقيادة العربية في اليمن.

اجتماعات ونقاش مُطول 
ومن المهم التأكيد هنا على ان كثيراً من قيادة الحركة في عدن تبوأوا مناصبًا رسمية رفيعة في الشمال، وقد هيأ إنشاء مكتب لشؤون الجنوب برئاسة المناضل قحطان الشعبي، والذي عُين مستشاراً لرئيس الجمهورية العربية اليمنية لشؤون الجنوب عقب ثورة سبتمبر للتسريع بقيام الحركة، وتلاحقت الاجتماعات والاتصالات التي كان اهمها الاجتماع العام الموسع الذي عُقد في دار السعادة في 24 فبراير عام 1963م، وحضره الكثير من العناصر القيادية، وبعد نقاش مُطوَّل خرج الاجتماع بالإتفاق على تأسيس “جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل” على أن يكون شكل نضالها انتهاج الكفاح المسلح حتى التحرير، وأكد هذا القرار مرة أخرى اجتماع أغسطس 1963م حين انضمت قوى أخرى للجبهة كالناصريين والبعثيين وغيرهم، علماً بأن اجتماع فبراير تم الإعداد والتحضير له بالاتصالات المستمرة التي كانت تجريها قيادة الحركة مع الرئيس السلال والقيادة الجمهورية ورموز القيادة المصرية.

تعز.. وتوزيع المهام
ويشير الكاتب راشد محمد ثابت في كتابه عن ثورة 14 اكتوبر، إلى أنه بعد ترتيب الأوضاع الإدارية لعمل هيئات الجبهة في مقرها الرئيسي بتعز، عملت القيادة على توزيع المهام النضالية على عدد من العناصر بحسب خصائص وظروف كل منطقة على حدة، وقد باشرت القيادة في تعز العمل على إعداد المقاتلين أولاً من جبهة ردفان بقيادة الشيخ راجح بن غالب لبوزة، والتنسيق مع مكتب القيادة المصرية في تعز بتحديد فترات زمنية للتدريب في معسكر خاص في صالة لنشطاء الجبهة القومية يُرمز إليه بعملية (صلاح الدين).

إب .. والمركز الثابت 
كانت بداية الثورة بتحرك المناضل غالب بن راجح لبوزة إلى الداخل للاستطلاع والتعرف على طبيعة ما يجري داخل منطقة ردفان، والعمل على تجميع أو تنظيم المجاميع المقاتلة في الداخل، وتوزيع المهام للأفراد والمجموعات بهدف الحصول على المعلومات الدقيقة حول ردود أفعال السلطات الاستعمارية في المنطقة من عودة المقاتلين إلى مناطقهم، ومدى ما تقوم به القوات البريطانية من حشد عسكري استعداداً للقتال،
وفيما إذا كانت تتمركز في المنطقة بصورة ثابتة أو مؤقتة على ان تظل القيادة في صورة ما يجري داخل منطقة ردفان من خلال مراكز المتابعة التي عملت الجبهة على تنظيمها عبر "مركز ثابت في محافظة (إب)" بالتنسيق مع القائد العسكري أحمد الكبسي الذي كان من أعضاء الحركة ومكلفاً رسمياً من صنعاء لمتابعة النشاطات المعادية من الجنوب ضد الثورة والجمهورية. 
كما تم ترتيب عناصر متحركة للاتصال بين الداخل في ردفان والقيادة في مدينة تعز، وكانت حصيلة المعلومات التي وصلت من ردفان أن الإدارة البريطانية قد ضاقت ذرعاً من عودة الشيخ راجح لبوزة إلى منطقته مع عدد من المقاتلين الذين كانوا في جبهات القتال داخل الشمال يدافعون عن النظام الجمهوري الجديد.


طلقة رصاص
وحينها ثارت ثائرة الضابط السياسي البريطاني "مستر مينلل" الذي أرسل رسالة إلى الشيخ غالب لبوزة يوضح فيها عِلم السلطة البريطانية بعودته وزملائه إلى ردفان وهم يحملون الأسلحة والقنابل اليدوية، ويطلب منه الحضور إلى الحبيلين لمقابلته مع إحضار الاسلحة مشفوعة مبالغ مالية كضمان التزامه بالبقاء مع التعهد بحسن السلوك وعدم العودة إلى شمال اليمن، ما لم فسوف ينال مع زملائه العقاب الشديد، وهذا الإنذار كان بادرة انطلاق المعركة الأولى التي بشرت بولادة ثورة منظمة لم تتوقف حتى يتم الجلاء التام والشامل.

بعد نصف قرن
أما اليوم، وبعد مرور أكثر من نصف قرن من تلك الثورة الخالدة، يواصل اليمنيون التغني بمكاسب تلك الثورتين، وما تحقق لهم من منجزات خالدة، وما انعكس عليهم من حياة اجتماعية وسياسية واقتصادية في ظل انتشار الأمن والأمان، حتى جاء عصر الفوضى الذي سُمي "بالربيع العربي" في العام 2010م، وامتد تأثيره حتى اليوم في عدد من الدول العربية، ومنها اليمن.
وحاولت قوى التخلف والرجعية الانتقام من الثورتين بالتمادي في رفع شعار العودة إلى الماضي، ومحاولتهم تغيير المسار الطبيعي لنضال عقود من التضحيات والتطور الاجتماعي والسياسي الذي رسم ملاحم الدولة اليمنية الحديثة، خاصة في عهد الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، ليخوض اليمنيين و اليمن نضالًا جديدًا للحفاظ على تلك المكاسب والمنجزات بالوقوف في وجه الإمامة الجديدة المتمثلة بمليشيات الحوثي الإرهابية ذات الفكر والدعم الايراني .. 
حان وقت الثورة الجديدة، في انتظار شرارتها الأولى.