وسط غياب تام لدور الحكومة .. حراك دولي لمواجهة الانهيار الوشيك للاقتصاد في اليمن
شهدت الساعات القليلة الماضية حراكًا دوليًا مكثفًا لمواجهة الانهيار الوشيك للاقتصاد اليمني، على خلفية استمرار الصراع الدائر في البلاد منذ تسع سنوات بسبب انقلاب مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيًا على الدولة.
ووفقًا للأمم المتحدة، فإن خطة الاستجابة للأزمة الإنسانية للعام 2023م في اليمن، تعاني فجوة تمويلية حادة هي الأكبر خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وبحسب البيانات الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام الجاري لم تُموَّل حتى الآن سوى بنسبة 33%، "حتى 1 أكتوبر 2023م لم يتم الحصول سوى على 1.43 من إجمالي 4.34 مليار دولار، التمويل المطلوب لتلبية احتياجات ما يقدر بنحو 21.6 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية أو الحماية في البلاد".
وتشير البيانات إلى أن حجم التمويل الإنساني في العام 2019م بلغ 86% من إجمالي حجم التمويل المطلوب، ثم انخفض في عام 2021م إلى 62%، واستمر في الانخفاض عام 2022م ليصل إلى 52%، لكنه في العام الجاري 2023م سجّل أدنى مستوى له، حيث لم يتجاوز حاجز الـ33% فقط، رغم تفاقم الأزمة الإنسانية وتزايد الاحتياجات المرتبطة بها.
وحذّرت الأمم المتحدة من أن التناقص السنوي المستمر في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية أجبر منظمات الإغاثة إما على تقليص الخدمات المقدمة، أو إغلاق برامج المساعدات الضرورية، الأمر الذي يُعرّض ملايين اليمنيين للخطر.
من جانبه، جدد البنك الدولي التزامه بمواصلة جهوده في حشد كافة الموارد لدعم لليمن، والإسهام الفاعل في تحقيق الاستقرار والتعافي الاقتصادي.
جاء ذلك، خلال لقاء عُقد "مساء الأربعاء"، في مدينة مراكش المغربية، بين نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج، ووفد حكومي يمني رفيع المستوى، ضم وزراء التخطيط واعد باذيب، والمالية سالم بن بريك، والشؤون الاجتماعية محمد الزعوري، على هامش الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين، ناقشوا فيه التحديات التي تواجه اليمن في مجالي الغذاء والطاقة.
وأكد بلحاج، خلال اللقاء، حرص البنك الدولي على مواصلة جهوده من أجل حشد كافة الموارد المتاحة لدعم اليمن، والمشاركة الفاعلة في تحقيق الاستقرار والتعافي الاقتصادي المنشود.
من جهته، شدد الوفد الحكومي على ضرورة اعتماد مجموعة البنك الدولي لنهج جديد يتضمن تعبئة القطاع الخاص من أجل الإسهام في معالجة أزمتيّ الغذاء والطاقة اللتين تعاني منهما اليمن بسبب تداعيات وآثار الحرب المستمرة منذ نحو 9 سنوات، وتفاقمت بشكل كبير جراء الأزمات العالمية، خصوصًا الحرب الروسية - الأوكرانية.
ودعا وزير التخطيط، البنك الدولي إلى توسيع نشاط مكتبه الذي تم إفتتاحه حديثاً في عدن، وزيادة مستوى برامج بناء وتعزيز القدرات المؤسسية الحكومية، بالإضافة إلى رفع مستوى تدخلاته الإغاثية والتنموية; للإسهام في تحقيق الاستقرار والتنمية على المدى الطويل في البلاد.
فيما طالَب وزير المالية بمواصلة البنك الدولي دعم وتوسعة مشاريع الحماية الاجتماعية في البلاد، ومن ضمنها الحوالات النقدية، ودعم النمو الشامل، وخلق فرص عمل للإسهام بزيادة القدرة الشرائية لدى الأُسر الفقيرة.
يُذكر أن الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين، التي تحتضنها مدينة مراكش، تستمر خلال الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر الجاري، بمشاركة ممثلي أكثر من 189 دولة حول العالم، ومسؤولين وخبراء من المؤسستين الدوليتين.
وكان الاجتماع المشترك بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الاوروبي، الذي عُقد خلال الفترة من 9 إلى 10 أكتوبر الجاري، أكد في بيانه الختامي، أهمية الاستمرار في تلبية احتياجات اليمن الإنسانية والاقتصادية والتنموية في ظل شنّ الحوثيين حربًا اقتصادية ضد الحكومة الشرعية.
وفيما أشادوا بالدعم الحاسم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي باعتباره أحد أكبر المانحين الإنسانيين لليمن، حذروا من أن الاستجابة الإنسانية الدولية لا تزال تعاني من نقص التمويل إلى حدٍ كبير، ودعوا إلى تقديم تعهدات جديدة وصرف التعهدات الحالية.
ودعوا إلى وقف جميع القيود والتدخلات التي تؤثر على عمليات الوكالات الإنسانية على الأرض، في اشارة واضحة لما تمارسه المليشيات الحوثية بحق الفِرَق الإنسانية والإغاثية العاملة في مناطقها من منع ومصادرة المعونات والأدوية لصالح عناصرها الإرهابية.
كما تبادل وزراء الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي وجهات النظر حول احتياجات الاستقرار والتعافي والتنمية في اليمن، واتفقوا على الحفاظ على اتصالات منتظمة بشأن هذه القضية بهدف الدعم المشترك للتنمية المستدامة في اليمن.
وأكد وزراء الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي التزامهم بضمان حرية الملاحة والأمن البحري في المنطقة، وتصميمهم على ردع الأعمال غير القانونية في البحر أو في أي مكان آخر والتي قد تهدد الممرات الملاحية والتجارة الدولية والمنشآت النفطية.
وتشهد المناطق المحررة والواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي على السواء، ارتفاعًا غير مسبوق لأسعار السلع الاستهلاكية خاصة الاساسية منها. بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الادوية لمختلف الأمراض بما فيها الأمراض المزمنة كالسكري والسرطان والقلب، وغيرها من الامراض الخطرة، وباتت في ظلها معظم الأُسر والمرضى غير قادرين على توفير الغذاء والدواء.