Image

تأثير الدولة الطائفية على الوحدة الوطنية في اليمن. الحوثية .. تجسيد للفكر الإيراني في إقصاء الآخر

أعاد بروز مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيًا، في اليمن، بشكل علني في تسعينيات القرن الماضي، المخاوف من عودة  الطائفية التي تشكل تهديدًا حقيقيًا على الوحدة الوطنية لليمنيين، خاصة وأنها تقوم على أفكار دينية مستوحاها من التجربة الإيرانية التي لا تقبل بالآخر مذهبيًا.

الأبعاد المذهبية للحوثية
ومنذ اللحظات الأولى التي بدأت فيها جماعة الحوثي الارهابية، بالتحرك نحو العاصمة صنعاء، بعد استقدامها من قبل جماعة الإخوان المسلمين إلى ساحات الفوضى في 2011، وهما الجماعتين اللتين يهددان بشكل كبير النسيج الاجتماعي اليمني، لاقترانهم تنفيذ أهداف وأجندة خارجية تخدم الصهيونية والماسونية العالمية، بدأت تلك الجماعة في تأسيس نهجها الطائفي للعودة باليمن إلى عهد الإمامة البائد.
فبعد مرور 9 سنوات من الحرب التي تشنها هذه الجماعة الطائفية على اليمنيين، برزت الدوافع والأبعاد الحقيقية لهذه الجماعة المذهبية، فحملت معها كمية كبيرة من الشحن الطائفي عبر شعاراتها المرفوعة، واقرار العديد من المناسبات الدينية الدخيلة على المجتمع، وبشكل مبالغ فيه من حيث التكاليف التي تنفق فيها، والطريقة التي يتم الاحتفال بها، وممارسات العديد من الشعائر المذهبية الطائفية ذات الفكر والطابع الإيراني.
كما عمدت الجماعة بعد صعودها واحتلالها المرافق الحكومية بالقوة، إلى ممارسة العديد من الأعمال المناطقية على حساب المجتمعات المحلية في مناطق عدة، ومنها صنعاء، ومحيطها الجغرافي، أو ما بات يُعرف بطوق العاصمة، من خلال سعيها إإى التغيير الديمغرافي والجغرافي في تلك المناطق، بدأتها بنهب وسلب ومصادرة أراضي القبائل لصالح عناصرها القادمة من صعدة، وذات البعد السلالي المؤيد لفكرها الطائفي، إلى جانب القيام بممارسة عمليات تجنيد في صفوف الأطفال وإكسابهم معلومات وأفكار ذات طابع طائفي – ارهابي – دموي بالدرجة الأولى، فضلًا عن قيامها بعمل ما يُسمى بالدورات الثقافية ذات البعد الطائفي الواضح.

استهداف الوعي الوطني
وفي هذا السياق، يرى العديد من المحللين والمراقبين للشأن اليمني، بأن مليشيات الحوثي عمدت منذ اكتسابها قوة الدولة بعد احتلالها مؤسساتها بالقوة، وإخضاع مناطق ذات كثافة وتنوع سكاني كبير، على إعادة تشكيل الوعي الوطني لدى المجتمع، فاستهدفت بالدرجة الأولى ثورة 26 سبتمبر وأهدافها، باعتبارها الثورة التي قضت على الطائفية والمذهبية، ووحدت اليمنيين تحت مظلة يمنية واحدة منذ العام 1962.
وينظر المحللون والمراقبون، إلى ما يجري وتمارسه تلك الجماعة الإيرانية، باعتبارها أحد أبرز الأذرع الإيرانية في المنطقة، إلى جانب الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان،  من حروب في اليمن هي حروب ليست مقطوعة الصلة عن جذورها المذهبية والطائفية من أجل استعادة حق مسلوب من آبائها الاماميين، عدا عن الأبعاد الجديدة والخطيرة لدوافع هذا الحرب، المتمثلة في بروز البعد الطائفي المدعوم إيرانيًا وغربيًا أيضا، ضمن استراتيجية التقسيم الطائفي للمنطقة العربية التي وضعتها السياسة الامريكية والغربية بدعم من الصهيونية في اطار مشروع "سايكس بيكو جديدة".

دعم البعد الطائفي
ومن خلال المتابعة الدقيقة لمجمل الأحداث التي شهدتها اليمن منذ فوضى 2011م، التي هدفت في المقام الأول إل  القضاء على مبدأ الجمهورية والديمقراطية التي تمتعت بها اليمن خلال حكم الرئيس الشهيد الراحل الزعيم علي عبدالله صالح، ومن ثمة تمكين تقسيم اليمن إلى مربعات مذهبية وطائفية تكون للحوثية الإيرانية مكان، أو نصيب الأسد فيه.
ومن خلال ما جرى من تدمير واستهداف مباشر للمؤسسة العسكرية والامنية اليمنية، ومرافق الاقتصاد والتعليم، يتضح للعيان الهدف من تلك الفوضى والحروب التي تلتها، وما خلفتها من عملية سياسية تقودها دول مشاركة في الدمار والحرب، وأخرى ذات مصالح خاصة اقتصادية وسياسية في المنطقة، والعالم، إلى جانب دول العالم التي تديرها حكومات مصغرة من اللوبي الصهيوني، وتحت مظلة الأمم المتحدة لتحقيق أهداف إقامة أول دول طائفية في اليمن، كنواة لدول طائفية أخرى ستظهر تباعًا في المنطقة، وهذا ما لم تفقهه دولًا مثل السعودية، ومحيطها الخليج العربي، بأن الاستراتيجية الغربية تسعى لتمكين إيران بمذهبها الطائفي لتكون قوة حامية وضامنة لبقاء اسرائيل في المحيط العربي، والعراق أكبر نموذج على ذلك.

حوار التمكين
لقد شكل الحوار الذي تقوده الأمم المتحدة في اليمن بمساندة ودعم من الولايات المتحدة دول مثل بريطانيا وفرنسيا، واغلبية المجتمع الدولي والذي وصل مرحلة الحوار بين السعودية والحوثيين أحد أذرع ايران في المنطقة، بداية لتحقيق الهدف في تميكن إيران من اليمن، او اقله أجزاء كبيرة ذات اهمية استراتيجية، بعد ان تم تمكينها من العراق وسورية ولبنان، وقريبا بالبحرين والكويت وشرق السعودية.
ويرى المراقبون والمحللون، أن جولات المفاوضات بين السعودية والحوثيين، هي بالاساس جولات مفاوضات بين المذهبين السني "السعودية"، والشيعي "إيران"، بضغوط أمريكية ودولية وبرعاية اممية ، وبمساندة ومباركة العديد من الأطراف اليمنية التي فقدت انتمائها القومي- العربي بعد فشل تجربة القومية العربية، وبقيادة تنظيم الإخوان المسلمين الذي كان السبب للوصول إلى تحقيق الاستراتيجية الغربية بالمنطقة بقيادة قطر وتركيا.

تأثير التمكين 
وفي هذه الاطر ذات الأهمية الكبيرة، يتفق جميع المراقبين والمحللين للشأن اليمني، على ان أي تمكين للحوثيين، او بالاصح "إيران" من حكم أجزاء من اليمن تحت حجة حلول الأزمة اليمنية الحالية، سيكون له التأثير الكبير ليس على اليمنيين الذين باتوا على قناعة ووعي كامل بما تشكله الحوثية الطائفية عليهم، بل سيكون تأثيرها الكبير والأخطر على المحيط الخليجي والعربي، حيث منابع النفط والثروات المعدنية والأماكن المقدسة التي تسعى إيران الطائفية الشيعية للوصول إليها وتحويلها إلى حوزات شيعية.
ويذهبون إلى القول، بأن أدبيات الصراع في اليمن ما قبل ثورة الـ26 سبتمبر، حافلة بهذا البُعد المذهبي والطائفي لهذه الجماعة الإيرانية المتطرفة، والتي تم توظيفها في إطارها وأبعادها الطائفية كمكاسب سياسية فئوية، بعد ذلك تمثل بإقصاء كل مناطق اليمن لحساب منطقة بعينها ببعدها المذهبي الواضح، والقادم سيكون مماثل وأشد سوءً قي الخليج بعد تأسيس وتكوين دولة طائفية حوثية في اليمن.