Image

إب .. جمال الطبيعة وعبث المليشيات

تمتاز محافظة إب - تاريخيًا - بأنها المحافظة اليمنية الأكثر جمالًا  بالتضاريس والجغرافية، ولهذا أطلق عليها اليمنيون مُسمى (اللواء الأخضر)، وهي الصفة التي لا تزل إب تحتفظ بها، رغم متغيرات الزمن، وتسارع وتيرة الأحداث بمتوالياتها المؤلمة حد الوجع،
غير أن إب، بطبيعة أهلها الذين يعشقون البسمة، ويحبون النكتة، ويبتسمون للآخر وإن كان يريد بهم شرًا.

إب، دوحة أسعد الكامل الملك الذي بلغ صيته الآفاق، هذه المحافظة تعيش اليوم بريفها، والحضر، بجغرافيتها وإنسانها، أسيرة لطاعون العبث المليشياوي، طاعون لم يراعي  الخصوصية التاريخية  لهذه المحافظة، التي لم تلفظ يومًا وافدًا قدم إليها هاربًا من (ثار القبيلة)، أو من بطش (أجهزة السلطة)، فكانت بسهولها وجبالها، ووديانها و قراها، وحضرها، وبكل طبقاتها الاجتماعية حاضنة ومُكرمة، ومضيافة لكل من وفد إليها لاجئًا، أو طالبًا للرزق، ففيها يجد كل وافد مبتغاه.

اليوم تعيش هذه المحافظة بؤس الطاعون المليشياوي العبثي، بؤس وتعاسة، وتسلط من نصبوا أنفسهم أوصياء بدون وجه حق على شعب انهكته العصبيات، ودمرته الصراعات، وطحنته الولاءات الضيقة، واستغله تجار الدين الذين يشترون بآيات الله ثمنًا قليلًا، وكأن هؤلاء بمثابة السرطان الذي نهش بالجسد اليمني، ونالت محافظة إب الحصة الأكبر من هذا الفيروس القاتل بدءً من الاخوان،و وصولًا إلى مليشيا الحوثي التي اتخذت من إب مسرحًا للعبث، وكأنها تنتقم من أهلها لأنهم تعايشوا مع أسلافها من تجار الدين، مع ان اهل إب ليس لديهم مشكلة مع أي كان، ولكن  مشكلتهم الحقيقية أنهم أهل كرم، ومرؤة، لا يؤمنون بالعنف، ولا تحركهم العصبيات، بدليل أن غالبية وجهائها وفدوا من خارجها فمنحتهم الوجاهة، والنفوذ بكل مودة، ومحبة.

يحدث في إب من السلوكيات، والممارسات المليشاوية، ما يصعب تحمله، وما لم تفصح عنه المحافظة الصابرة، لكن ما يعتمل في وجدان، وذاكرة، وعيون أهلها يشير لكثير من المواجع، والكثير من عوامل القهر، بعد أن طغت سلطة (المشرفين) على سلطة السلطة المحلية، ورموزها الشكليين، وبعد أن تم مصادرة غالبية المرافق الخدمية العامة بحكم الأمر الواقع، والخاصة بحكم (المشرف القضائي)، وما يجري في ريف وقري إب، ربما لم يحدث في عصر أئمة العهود الغابرة.


جرائم القتل يطتكاد تكون ظاهرة يومية بالمحافظة وريفها، وعلى يد جحافل المشرفين الذين يشرفون على موت أبناء المحافظة، ونهب ثرواتهم العينية والآخري، إذ بمقدور أصغر مشرف أن يستولي على ما يريد من أملاك أبناء المحافظة، وفي الوقت الذي يريد، والطريقة التي يريد، ولن يجرؤ أحد على الاعتراض، وإلا يصبح (طابورًا خامسًا، وعميلًا للمرتزقة وداعشي).

بعيدًا عن صراخ الانتهازيين، وجوقة المطبلين، فأن في إب قهر يسكن قلوبهم، قهر ثقيل، ربما أثقل من جبال  (سمارة) و (بعدان)..
قهر ستجده في عيون مواطني هذه المحافظة البسطاء، وستجده في آهات رموزها، ووجهائها الكاضمين الغيض، لكنهم لن يتمكنوا من العفو لان ما يصيبهم  وقعه ثقيل على أنفسهم، لأن من تولوا شؤونها لم يُقَدِروا نبل أبناء هذه المحافظة، وكرمهم، ووطنيتهم، ولذا تعاملوا معهم بغطرسة، وتعالى، وهذا سلوك قد لا تحتمله إب وأهلها، لكن المسألة تبقى مسألة وقت.