Image

يديرون تشكيلات قتالية .. زعماء عصابات يمارسون التقطع والنهب وتهريب الممنوعات

دخلت اليمن منذ عشر سنوات في إطار حكم العصابات المسلحة ذات الرتب العسكرية المزيفة، لتبدأ مرحلة جديدة من الانتهاكات التي تطال المسافرين والمتنقلين على الطرقات بين المدن والمحافظات، وصولا إلى الطرق الدولية والمنافذ البحرية التي تربط البلاد بدول الجوار والعالم.
 
واستغلت تلك العصابات انهيار مؤسسات الدولة وضعفها نتيجة الفوضى والانقلاب اللذين وقعا ما بين عامي 2011 و2014، بتمويل وإدارة خارجية، استغلت غياب سلطة الدولة وإدارتها من عصابة سياسية تتلقى التعليمات والأوامر والتمويل من دول خارجية، لتتكون دوائر متسلسلة من العصابات على مستوى جميع مناطق اليمن المحررة وغير المحررة كلها تعمل ضد المدنيين البسطاء. 
 
ومع تشكل العديد من التشكيلات العسكرية ذات التوجهات والولاءات المختلفة، منذ مطلع العام 2015، بدأت تتشكل تلك العصابات ذات الرتب العسكرية الممنوحة للمدرسين وسائقي المركبات وأصحاب الورش، والأسوأ من ذلك كله أنها منحت لعناصر وزعماء عصابات التهريب والمخدرات وناهبي الأراضي، والمجرمين الذين تم إطلاق سراحهم من السجون والإصلاحيات، والأخطر من ذلك كله منح عناصر من تنظيمي القاعدة وداعش مناصب ورتبا عسكرية وباتوا يديرون مناطق وتشكيلات أمنية ذات أهمية كبيرة بالمؤسسة الأمنية.
 
خارطة عصابات الرتب
تنتشر عصابات الرتب في جميع المناطق اليمنية، فتجدها على المنافذ الحدودية في المهرة وحضرموت وصعدة والجوف وحجة، وكذا على المنافذ البحرية والشريط الساحلي الممتد من المهرة إلى ميدي. 
 
عصابات الجوف ومأرب
تنتشر في الطرق الدولية الرابطة بين اليمن والسعودية والقادمة من منافذ الخضراء والبقع والوديعة، وغيرها من المنافذ وطرق التهريب على الحدود الشمالية للبلاد، وهي عصابات مشتركة ومكونة من عناصر مليشيات الحوثي الإيرانية، وعناصر تنظيم الإخوان المسلمين "حزب الاصلاح" المهيمن على ما يسمى "الجيش الوطني"، التابع للشرعية.
 
وعلى خطوط الطرق الترابة والصحراوية أو الخطوط المعبدة والمسفلتة التي تربط صعدة والجوف وتمتد إلى مأرب والعاصمة صنعاء، والقادمة من شبوة والوديعة وحضرموت والمهرة، وتقوم بعمليات تقتع للقاطرات والمركبات وباصات المسافرين، والمركبات الخاصة، القادمة من بلاد الاغتراب، او تقوم بأعمال تجارية بين المحافظات.
 
وتستحوذ تلك العصابات على مناطق وطرق تجارية هامة، يتم فيها فرض إتاوات تتراوح بين 10 آلاف ريال سعودي وخمسين ألفا، على القاطرة التجارية أو التي تحمل نفطا وغازا، كما تقوم في العديد من الأحيان بالتقطع ونهب المسافرين القادمين من السعودية ودول الخليج ونهب ممتلكاتهم المالية والمصوغات الذهبية والمبالغ المالية التي تكون بحوزتهم، فضلا عن نهب ومركباتهم، وقتلهم في بعض الحالات.
 
أسلحة ومخدرات وأسرى
وتتم بين مأرب والجوف وصنعاء عمليات تبادل وتهريب أسلحة ومخدرات ومشتقات نفطية، وهي عمليات مشتركة بين عصابات مأرب الاخوانية وعصابة الحوثيين، كما يتم فيها تهريب السجناء والأسرى من العسكريين والسياسيين، مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 50 ألف و100 ألف ريال سعودي.
كل شيء مسموح في الحب والحرب، تحت هذه القاعدة تمارس عمليات إجرامية بحق المواطن والوطن، بين تلك العصابات التي تشكلت من فوضى 2011، وباتت تهرب حتى النساء والأطفال، فضلا عن المواشي والأنعام، فضلا عن تسهيل مرور شحنات الأسلحة الإيرانية القادمة عبر سواحل البحر العربي، لتمر عبر نقاط مأرب الإخوانية ومناطق القبائل الموالية لنظام مأرب، وصولا إلى مناطق الحوثيين، لذلك لم يتم حسم المعارك في تلك الجبهات وظلت في حالة تخادم تراوح مكانها.
 
عصابات تعز
تشترك العصابات المنتشرة في مناطق تعز المحررة مع العصابات المحيطة بالمدينة، بعامل مشترك أنها متخادمة فيما بينها، لتبقى حالة تعز مستعصية على التحرير، أو إحراز أي تقدم في مفاوضات فتح الطرق والمنافذ.
 
تتحدث التقارير الأمنية والصحفية التي تتناول حالات تعز، عن عمليات تهريب تجري بين مناطق الإخوان بقيادة المحور العسكري لتعز ومناطق الحوثيين، حيث تتمركز قيادتهم للمناطق الوسطى في منطقة الحوبان شرق مدينة تعز، ويتم في تلك العمليات تهريب النفط والغاز المخصص للمناطق المحررة في تعز، فضلا عن تهريب السجناء والمجرمين، والأسلحة والمخدرات القادمة من سواحل الجنوب "لحج وعدن وأبين".
 
وتشير التقارير إلى أن قوات محور تعز المكونة من فصائل تنظيمية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين ذراع اليمن، تم منحها رتبا عسكرية، ويشغلون مناصب في وزارة التربية والتعليم والزراعة والصحة، وآخرين من سائقي المركبات وباصات النقل، وأصحاب ورش مكنيك وبنشر وتغيير زيوت، واليوم يحملون رتبا أقلها مقدم وملازم أول.
 
في المدينة
تشهد المناطق المحررة في مدينة تعز ومحيطها الغربي، العديد من عمليات النهب والسلب والتقطع من قبل عصابات مسلحة تابعة لمحور وأمن تعز، تمارس تلك العصابات وبشكل شبه يومي عمليات سطو مسلح ونهب ومصادرة لممتلكات التجار والمواطنين، دون أي عقاب او ملاحقة من قبل الجهات المختصة، باعتبار ان تلك العناصر تتبعها.
 
وخلال السنوات الأخيرة، رصدت العديد من التقارير والبلاغات حالات عدة في هذا الإطار، طالت جميع مناحي الحياة بما فيها اقتحام حفلات الترفيه، وقاعات الأفراح والتعازي، كل شيء في المدينة بات تحت رحمة تلك العصابات والتشكلات العسكرية المنفلتة.
 
بين المحور والرئاسي
وتنتشر عصابات محور تعز واللواء الرابعة حماية رئاسية، على الطرق الرابطة بين تعز ولحج، وصول الى منطقة طور الباحة، بالنسبة للطريق الوحيد الرابط بين تعز وعدن، وتقوم بفرض جبايات مالية على جميع المركبات التي تمر على ذلك الطريق المتهالك والذي يتسبب بوفاة العشرات من المسافرين جراء الحوادث التي تسجل بشكل شبه يومي.
 
وتفرض تلك العناصر التي حلت مكان قوات اللواء 35 مدرع الذي كان يقوده عدنان الحمادي الذي تم اغتياله بمؤامرة مكشوفة من قبل عناصر التنظيم الارهابي الدولي،  وتعمل نقاط عصابات الرتب على فرض مبالغ مالية ما بين خمسين إلى مائة ألف على المركبة التجارية، وعشرة إلى ثلاثين ألف على مركبات المسافرين، فضلا عن عقد اتفاقات حماية مقابل مبالغ مالية سنوية بالملايين مع شركات النقل بالنسبة للباصات الكبيرة، وأخرى تجارية ذات علامة معروفة وشهيرة.
 
كما تقوم بالتحكم بحركة قاطرات الغاز والنفط، والبضائع القادمة من ميناء عدن، وتقوم بمنعها من دخول المدينة في بعض الأحيان في حال تم الاختلاف على قيمة الجبايات المالية، ما يعرض الحركة التجارية والمعيشية والحياتية اليومية لسكان المدينة لحالة من عدم القدرة على توفيرها نتيجة ارتفاع اسعارها.
 
عصابات طور الباحة
وكما هي الحالة بالنسبة لمناطق سيطرة المليشيات الحوثية المدعومة إيرانيا، من انتشار عصابات نهب الأراضي ومصادرة الحقوق والممتلكات من المحلات التجارية، تشهد المناطق المحررة في لحج وعدن، أعمالا مماثلة باعتبار أن ثقافة التقطع والنهب والسلب والقتل، مشتركة بين عصابات وتشكيلات ما بعد عام الفوضى.
 
وتعد منطقة طور الباحة التابعة لمحافظة لحج، والمحاذية لتعز مباشرة، من أهم مناطق التقطع والنهب والسلب من اصحاب الرتب والتشكيلات العسكرية، حيث سجلت 15 حادثة تقطع في أقل من شهر طالت مركبات تجارية ومسافرين وعائدين من الخارج، كان فيها 13 حادثة قتل وثلاث عمليات تفجير وثمان اشتباكات ، وأكثر من 10 عمليات اختطاف، وخمس عمليات تقطع ونهب، وفقا لتقارير صحفية مؤكدة.
 
وتشير التقارير إلى أن من يدير تلك العصابات أطراف وجهات وتشكيلات عسكرية متعددة تنتمي إلى مناطق في لحج والضالع، لذلك لا يمكن السيطرة عليها، لتعدد القيادات والجهات واختلاف توجهها وقياداتها المتعددة.
 
وتنتشر تلك العصابات في طرق لحج المتجهة إلى تعز، وأخرى على طريق يافع والبيضاء، وتقوم بفرض إتاوات مالية تتراوح بين 120 ألف ريال و200 ألف على القاطرة، و30 إلى خمسين ألفا على المركبات الأخرى، في حال تم الاختلاف معهم يتم قتل السائق ونهب المركبة ومصادرتها مع البضائع التي فيها.
 
يتحدث أحد سائقي القاطرات على طريق عدن – يافع، قائلا: كنت في عهد النظام السابق، أدفع ثلاثة آلاف ريال لمكتب النقل عن كل حمولة ورحلة بين عدن ويافع، اليوم ىقوم بدفع أكثر من 130 ألف ريال، للنقاط والعصابات المتقطعة المنتشرة بين ميناء عدن ويافع، لذا أترك العمل في بعض الأحيان حيث لم يعد يخارج مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والجبايات.
 
وعلى طريق عدن – أبين، يتم ايقاف العديد من القاطرات بين الحين والأخر، نتيجة رفضها دفع إتاوات وجبايات كبيرة على كل قاطرة، قبل أن يتم التدخل من الجهات الأمنية في عدن لتحديد قيمة الجباية، في عملية استهتار واضحة، فبدلا من القبض على تلك العصابات يتم عقد اتفاق بينها وبين مالكي القاطرات أو الجهات التابعة لها لتحديد قيمة الجبايات، وتحت مبرر انقطاع المرتبات.
 
أخيرا، تشير جميع التوقعات والأحداث إلى أن حالات حكم عصابات الرتب والتشكيلات العسكرية، ستظل لفترات طويلة في ظل غياب الجهات الرسمية للدولة التي تم إسقاط نظامها، وحتى يتم إعادة النظام ومؤسسات الدولة، ستنمو وتستفحل تلك العصابات التي تعمل ضد المواطن لصالح القيادات والزعامات المرفهة في الخارج والداخل.