نيران الغلاء تحرق فرحة اليمنيين بقدوم العيد
يستقبل اليمنيين عيد الأضحى المبارك، وسط معاناة اقتصادية كبيرة وتلويح الحكومة من عدم قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها تجاه رواتب الموظفين مع موجة غلاء حادة حالت دون تمكن العديد من الأسر من شراء ملابس العيد والأضحيات التي تجاوز سعرها حد المعقول أصابت المواطن باليأس والإحباط حتى كادت الأسواق تخلو من المتسوقين.
"المنتصف" أجرت استطلاعا مع عدد من المواطنين الذين أجمعوا على أنهم سوف يغلقون أبواب بيوتهم تعبيرا عما وصل إليه الحال بهم بسبب الحرب الحوثية وفشل الحكومة في تحسين مستوى حياتهم.
يقول الأستاذ محمد العزعزي: لقد وصلنا إلى المثل القائل اللي ما يشتري يتفرج، بعد هذا الغلاء الفاحش في أسعار المواشي والملابس ساعد في ذلك غياب الرقابة وزارة الصناعة عبر فروعها في ضبط التلاعب بالأسعار.
ويضيف: صحيح هناك أزمة اقتصادية، إلا أن التجار وأصحاب المواشي يبالغون في تسعيرتهم فإذا كان سعر الكبش عمر عام ونصف الغام سعره 350 ألف ريال، فكم تكون قيمة الكيلو؟ إضافة إلى ذلك، ما علاقةالمواشي بارتفاع سعر العملة الوطنية التي يتحججون بها؟ الإنتاج محلي وعلف المواشي من المراعي، يعني لا يستورد شيء من الخارج. ولذا نقول لهم بأن يتقوا الله بالمواطن الذي أصبح يكافح الحياة، وقد تكون اللحمة لا تدخل بيته إلا في الأعياد.
أم مصطفى عبد الكريم معاناتها تتمثل في أن لديها ثلاثة أولاد وبنتا، محوشة مائة ألف ريال لشراء ملابس العيد. تقول: إلى الآن لم أستطع شراء أي شيء بسبب الغلاء. زمان كنت أكسي أولادي كلهم بخمسين ألف ريال ويبقي من المبلغ. الآن كسوة طفل واحد بالكاد تكفي طفلا واحدا. البنطلون سعره خمسة وعشرون ألف ريال والقميص عشرين ألفا، والجزمة سبعة عشر ألف، وما تبقى ملابس داخلية. وضع مزر أصبحنا معه نقف عاجزين أمام أطفالنا عن شراء ملابس ولو مرة في السنة.
أوقفنا راعي الغنم محمد الشريم ونحن نتبايع معه أمام قطيعه من المواشي والأغنام. اكتشفنا أنه لا يسوق الأغنام بل يسوق ثروة يتنقل بها من مرعى إلى آخر وبحسابه سعر الكبش 350 ألف ريال لحوالي 70 رأسا، يعني يجول في المراعي بـ24 مليون ريال لا يخسر عليها ريال، فقط المجهود الذي يقوم به في رعيهم.
المدرس عبد رحمن زيد قرر أن يغلق باب بيته في يوم العيد بعد أن عجز عن توفير أبسط الأشياء لأطفاله وهي الملابس، أم اعن كبش العيد فهو لم يعد يتذكر آخر مرة اشتري كبشا.
يقول: الغلاء ليس من اليوم بل منذ 2014 والأسعار تزداد بشكل شهري ويومي إلى أن وصلنا إلى حالة من الإفلاس. من قبل كان الناس قبل العيد يتشاركون في شراء عجل ويتقاسمونه كل واحد يفرق ثلاثين ألف للسهم. اليوم السهم بمائتي ألف ريال. لا نستطيع شراء الأضاحي نظرا لشحة الأجور، فقيمة كبش تساوي راتب ثلاثة أشهر. صحيح هناك ازدحام في مرابع بيع المواشي ولكن القلة وهم الميسورون من طبقة التجار وأصحاب الأموال الذين يشترون أضحية. أما الباقون فيعودون بخفي حنين والحسرة تملأ قلوبهم بسبب ارتفاع سعرها، والذي يزداد يوما بعد يوم كلما اقتربنا من العيد. أين الرقابة على الأسعار؟
وأين دور الحكومة؟ فقد اصبحنا لا نجد قوت يوميا، فكيف بكبش العيد وملابس العيد؟ لقد قتلوا الفرحة في نفوسنا وأصبحنا نخاف من قدوم العيد بسبب الضغوطات التي تقع علينا نتيجة المتطلبات.
أما عبد رحمن المسعودي بائع آيسكريم فأبدى قناعة منقطعة النظير وهو يقول: رحم الله امرءا عرف قدر نفسه، سوف نعيد بما قدر الله عليه في إسعاد أطفالنا يكفي أننا لن نحرمهم من جعالة العيد، فالوضع الذي نحن عليه جعل أطفالنا يشاركوننا المسؤولية ويخففون الضغط علينا وسيأتي يوم وستفرج ونعوضهم. صحيح أننا لا نستطيع شراء كبش العيد، إلا أن رجال الخير في هذه المناسبة لا يقصرون. نحصل منهم على ما يكفينا رغم الأوضاع التي نحن فيها، حيث التكافل الاجتماعي مازال موجودا بين الناس والحال أصبح واحدا، فلا نتحرج من أن يلبس أطفالنا ملابس بالية فكل الناس سواء.