Image

مصر.. هل يُنعش العيد وموسم الصيف الإقبال على المطاعم؟

سلسلة من التطورات الصعبة واجهها "قطاع المطاعم" بمختلف أشكالها، سواء الشعبية وكذلك السياحية، على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، بدءاً من وباء كورونا، ووصولاً إلى انعكاسات الأوضاع الاقتصادية الناتجة عن الضغوطات التي تفرضها تداعيات الحرب في أوكرانيا، على تراجع القوة الشرائية للمواطنين، وبما يؤثر على الأنماط الاستهلاكية المختلفة، وترتيب الأولويات لصالح الاحتياجات الأساسية أولاً.

 

في مصر، التي يزيد عدد سكانها عن 104 ملايين نسمة في الداخل، شهد القطاع تحديات واسعة بعد عودة النشاط في أعقاب الإغلاق التالي لفترة جائحة كورونا، تفاقمت تلك التحديات في ظل ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة العملة المحلية، وجميعها أمور انعكست بشكل كبير على تكلفة التشغيل وارتفاع أسعار الخامات والمواد الغذائية وبالتالي ارتفاع أسعار الخدمة ككل، وبما دعم ارتفاع أسعار تلك المطاعم، في مقابل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، ما عزز مخاوف واسعة من قبل العاملين بالقطاع جراء تلك التحديات.

كان خفض قيمة العملة المصرية بنسبة 23 بالمئة في الرابع من يناير الماضي هو الثالث منذ مارس من العام 2022 (وهو العام الذي شهد فيه الجنيه تخفيضاً لقيمته في مارس وأكتوبر)، لتصل خسائر الجنيه إلى نحو 57 بالمئة من قيمته منذ ذلك الحين.

وعلى الرغم من ذلك، أظهرت المطاعم مقاومة نسبية، لا سيما في ظل الكتلة السكانية الكبيرة، الأمر الذي جنب القطاع حالة الركود التام التي أصابت بشكل أو بآخر بعض القطاعات على الصعيدين المحلي والدولي، في وقتٍ يُمني فيه العاملون في هذا القطاع أنفسهم بانتعاشة جديدة خلال عيد الفطر، ومع دخول فصل الصيف والإجازات.

أخبار ذات صلةخاصمكاسب غير متوقعة للمطاعم وشركات التوصيل بسبب المونديالخاصمصر.. التضخم يلتهم "كعك العيد" وسط زيادات واسعة بالأسعار

تراجع "محدود"

يؤكد ذلك رئيس شعبة المطاعم بغرفة الإسكندرية التجارية، محمد الحلو، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أشار خلالها إلى أن المرحلة المنقضية قد شهدت بعض التراجع النسبي في الإقبال مقارنة بالأعوام الماضية، موضحاً أن المطاعم التي عملت خلال وقت الإفطار شهدت رواجاً في رمضان، فيما تراجع الإقبال في الفترة الثانية بعد ساعات الإفطار ليلاً.

ويشير إلى أن موسم عيد الفطر المُبارك، ولا سيما مع طول فترة الإجازة بالنسبة للعاملين في عدد من القطاعات، عادة ما يشهد إقبالاً واسعاً، وهو إقبال متوقع هذا الموسم أيضاً، كما أن فصل الصيف كذلك عادة ما يشهد إقبالاً أكبر من فصل الشتاء، وهي عوامل تدعم توقعات بانتعاش الحركة في المرحلة المقبلة.

ولا يعتقد الحلو بأن قطاع المطاعم تضرر بالشكل الذي تضررت به قطاعات أخرى جراء ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القدرة الشرائية والعوامل الاقتصادية المرتبطة بانعكاسات الأوضاع الخارجية، وذلك على اعتبار أن المطاعم "كانت ربما الوسيلة الأرخص نسبياً بالنسبة للأسر الراغبة في الترفيه وقضاء يوم خارج المنزل (..)".

ويتابع: "الناس يُمكن أن يؤجلوا قرارات شراء سيارة أو هواتف جديدة أو سفر، بينما يظل التردد على المطاعم فرصة متاحة بالنسبة للكثيرين كجزء من الترفيه والاستهلاك في الأعياد والمواسم والإجازات، وبالتالي كان التأثير أقل، ويختلف من مطعم لآخر أيضاً".

أحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري، تظهر تراجع معدل التضخم الأساسي، الذي يستبعد الوقود وبعض المواد الغذائية المتقلبة، إلى 39.5 بالمئة في شهر مارس، بعد أن قفز إلى مستوى قياسي عند 40.26 بالمئة في فبراير.

أخبار ذات صلة أخبار مصرالتضخم الأساسي في مصر يتباطأ إلى 39.5% خلال مارس اقتصادنشاط القطاع الخاص المصري غير النفطي يرزح تحت ثقل التضخم

بينما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع التضخم في المدن إلى 32.7 بالمئة في مارس على أساس سنوي، وهو ما يقل قليلا عن أعلى معدل قياسي مسجل حتى الآن.

ويأتي الذهاب للمطاعم كجزء من طقوس كثيرٍ من المصريين خلال الأعياد، ضمن "الفسح والخروجات" اليومية خلال الإجازات، سواء على المطاعم المصرية والسورية واليمينية المنتشرة بمختلف المحافظات المصرية، وغيرها من المطاعم الأخرى الشعبية والسياحية.

وتزخر مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي بترشيحات مختلفة لمطاعم في فترة الأعياد، كما تسارع عديد من تلك المطاعم إلى تقديم مجموعة من العروض لجذب الزبائن، علاوة على السباق في تقديم وجبات مختلفة ومبتكرة أحياناً.

أخبار ذات صلةخاصمعدل التضخم يربك الأسواق في مصر قبيل شهر رمضانخاصإلى أين يتجه الجنيه المصري على المدى القصير؟

المطاعم السياحية

أما بالنسبة للمطاعم السياحية فقد استفادت من المبادرات التي أعلنت عنها الدولة المصرية لجذب مزيد من الوفود السياحية، لا سيما حزمة التيسيرات المتعلقة بتأشيرات دخول مصر، وهي الحزمة التي أشادت بها غرفة المنشآت والمطاعم السياحية، وذكرت أنها تأتي في سياق تحقيق استراتيجية الدولة الهادفة للوصول إلى 30 مليون سائح في 2028 والوصول إلى نسبة نمو من 25 بالمئة إلى 30 بالمئة سنوياً.

يقول مستشار وزير السياحة السابق، سفير الإرشاد السياحي في العالم، وليد البطوطي، في تصريحات لـ "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن النمو الذي شهده قطاع المطاعم مرتبط من ناحية أخرى بما يجنيه القطاع السياحي من ثمرات جهود طويلة مبذولة من أجل استعادة الحركة السياحية بشكل كامل في مصر.

ويوضح أن الحرب في أوكرانيا وإن أثرت في حينها على أعداد الوفود السياحية القادمة إلى مصر من كل من روسيا وأوكرانيا، إلا أنه حدثت انتعاشة بعد ذلك، وكانت هناك أسواق بديلة في فترات تراجع السياحة من البلدين، حيث انتعشت الوفود من الولايات المتحدة وأوروبا.

ويتابع: "انعكس ذلك على الأرض على القطاعات ذات الصلة، من بينها قطاع المطاعم، لا سيما وأن كثيراً من السائحين ما يكون جزء من برامجهم تناول الطعام في المطاعم المحيطة خارج الفنادق، وبالتالي دعّم ذلك تلك المطاعم في ضوء الأعداد الكبيرة من السياحة الوافدة، حيث نشهد موسماً قوياً".

  • تشير الأرقام الرسمية المتوفرة إلى طفرة شهدها قطاع الفنادق والمطاعم في مصر، خلال الفترة من يوليو 2021 حتى مارس 2022، ليسجل نمواً بلغت نسبته 62.8 بالمئة.
  • بلغ إجمالى الاستثمارات في قطاع المطاعم و"الكافيهات" ما يتجاوز الـ 104 مليارات جنيه، طبقاً لتصريحات سابقة لهشام وهبة، عضو مجلس إدارة غرفة المنشآت والمطاعم المصرية.

وفي تقدير البطوطي، فإن ذلك لا يتوقف عند حد "المطاعم السياحية" أو تلك المتواجدة في المناطق السياحية، إنما امتد أيضاً إلى عديدٍ من المطاعم الشعبية، على اعتبار أن ثمة ظاهرة جديدة وهي توجه السائحين لتلك المطاعم ليأكلوا مما يأكل المصريين، وهو ما استفاد به عدد من المطاعم الشعبية (من بينها مطاعم شهيرة في القاهرة) ممن لم يكن في حسبانهم السوق الأجنبية.

مصر.. فتح المطاعم والمقاهي بنسبة 25% من طاقتها