Image

على وقع الصراع المسلح.. هل يفتك الجوع بالسودان؟

يعاني السودان من آثار انعدام الأمن الغذائي، منذ وقت يسبق أزمة الاشتباكات المسلحة الدائرة في العاصمة وأماكن شتى على طول البلاد وعرضها؛ إذ يحتاج نحو 4 ملايين امرأة وطفل دون الخامسة إلى مساعدات إنقاذ وتغذية خلال عام 2023، بحسب تقديرات أممية.

 

ووفقًا لأحدث نشرة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في فبراير الماضي:

  • تعكس التقديرات زيادة مطردة في نسب الفقر للعام الثالث على التوالي في البلد الذي يُعدّ من أفقر دول العالم.
  • يواجه ثلث سكان السودان أزمة جوع متصاعدة، مما يزيد من التداعيات المؤلمة للأزمة.
  • وصلت الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء السودان إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
  • ثمة حاجة لتقديم أكثر من 1.7 مليار دولار لتقديم المساعد الإنسانية والحماية إلى 12.5 مليون شخص من الأكثر ضعفاً بالبلاد.

وتعليقاً على الصراع المحتدم حالياً، عبَّر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، مساء الاثنين في تدوينة عبر موقع "تويتر"، عن قلقه البالغ حيال التطورات الأخيرة في السودان، موضحاً أن ما يقرب من 16 مليون شخص، أي ثلث عدد السكان، يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، وحذر من أن تصاعد العنف لن يؤدي سوى إلى تدهور الوضع.

أخبار ذات صلة أخبار السودانالخرطوم بلا "خدمات إنسانية".. وتحذير من انهيار النظام الصحي أخبار السودان"هذه الأسباب" أشعلت شرارة العنف في السودان

 الأمن الغذائي

وعرَّف مؤتمر القمة العالمي للأغذية الذي عُقد في عام 1996، الأمن الغذائي بأنه وضع يتحقق عندما يتمتع جميع الناس، في جميع الأوقات، بإمكانية الحصول المادي والاقتصادي على أغذية كافية وسليمة ومغذية، تلبي احتياجاتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية.

وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي السوداني، الدكتور وائل فهمي بدوي، إنّ توفير الغذاء يُعدّ أمراً ضرورياً في كل الأوقات، حتى مع المعوقات التي تفرضها الحروب، لا سيَّما الأهلية منها، كما هو الحال بالسودان حالياً، والتي وصلت فيها الأوضاع إلى نقطة "اللا رجعة"، كما أفاد عضو المجلس السيادي، ياسر العطا.

ويضيف بدوي في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أنّ قضية تأمين سلة الغذاء للمواطن السوداني، مثل غيره من مواطني الدول الأخرى، من أهم القضايا ذات الأولوية للحكومات لارتباطها بالجوانب المعيشية اليومية له.

أخبار ذات صلةخاصنقص الغذاء والماء والأدوية.. سكان الخرطوم في قلب المأساةخاصكيف تنعكس التطورات الحالية على الوضع المعيشي للسودانيين؟

ويتابع: "عدم الخروج من المنازل بسبب استمرار الاشتباكات يزيد من حالة الركود الحادة المسيطرة على الأسواق والتضخم الجامح الذي ما زال سائداً حتى تاريخه، في وقت يحتاج فيه كثير من المواطنين للعمل".

  • بحسب الجهاز المركزي للإحصاء في السودان، تراجع معدل التضخم السنوي إلى 63.3 بالمئة في شهر فبراير الماضي.
  • بينما كان معدل التضخم في يناير 83 بالمئة، وتشهد معدلات التضخم في البلاد تراجعاً خلال الأشهر الماضية، بعد أن تخطت في وقت سابق الـ 400 بالمئة منتصف العام 2021.

ويتحدث بدوي عن أثر غياب المساعدات الدولية، وبما سيؤدي إلى صعوبة بالغة في تدبير الاحتياجات اليومية من الأسواق الكائنة بالشوارع، ومن المفترض أن تكون مؤمنة؛ لتمكين المواطنين من الحصول على احتياجاتهم اليومية من الغذاء وخاصة في شهر رمضان الحالي.

ويرى الخبير الاقتصادي أنّ إقدام البعض على التسوق يعدّ بمثابة مجازفة خاصة للأطفال وكبار السن بالمنازل، نظراً لعدم وجود - حتى الآن - بيانات رسمية من الحكومة للتعريف بالمناطق الآمنة، والأسواق والشوارع المؤمنة.

ويلفت إلى أنه كان من الممكن، أن تنتعش الأسواق الراكدة حالياً بعض الشيء بشراء متطلبات عيد الفطر، إلا أنّه مع تفاقم الوضع الأمني فمن غير المتوقع تحقيق ذلك.

أخبار ذات صلةخاصلعنة الأزمات تطارد السودان منذ 3 عقود.. ما القصة؟

طول المدة يزيد المعاناة

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي السوداني، محمد الناير إنّ زيادة المخاطر المتعلقة بالأمن الغذائي السوداني مرهونة بطول مدة العمليات العسكرية والاشتباكات المستمرة منذ السبت الماضي وحتى الآن.

ويضيف في تصريحات خاصة لـ "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أنّ المشكلة حالياً تخص فقط الخروج من المنازل لشراء الاحتياجات، لكن في حال طال أمد الأزمة الحالية، وعدم عودة دولاب العمل للوضع الطبيعي، ستتفاقم مشاكل الاستيراد والتصدير، وبالتالي سيضر ذلك بعجلة الاقتصاد السوداني.

ورجح أن يكون المخزون الاستراتيجي لدى الدولة حاليًا، مازال يؤمن حاجة البلاد لفترة زمنية وصفها بالمعقولة، متوقعاً أن يتم حسم ما يحدث على الأرض من اشتباكات مسلحة في وقت قريب.

  • واردات السودان خلال العام الماضي من المنتجات البترولية بلغت نحو 2.9 مليار دولار.
  • واردات السودان من القمح بلغت 1.13 مليار دولار.
  • صادرات البلد المأزوم من الذهب بلغت نحو 2.2 مليار دولار.
  • صدّر السودان ماشية ولحوم بنحو 550.6 مليون دولار (وفق بيانات البنك المركزي السوداني) والتي تكشف عن ضعف الميزان التجاري.

وهنا يعلق الناير قائلاً: "عمليات التصدير والاستيراد عبر الموانئ البحرية لم تتوقف بعد حتى الآن، وهو أمر جيد أنها لم تتأثر بتوقف حركة الطيران خاصة أن التجارة والنقل البحري يمثلان 95 بالمئة من التجارة البينية السودانية.

ثروات ومساعدات

يظهر التناقض جلياً في الحالة السودانية، فرغم امتلاك السودان ثروات هائلة، إلا أن نسب كبيرة من سكانه بحاجة ماسة للمعونات.

وتلقى الاقتصاد السوداني عدة ضربات متتابعة، مرتبطة بالتطورات الداخلية المتقلبة التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة، وكذلك متعلقة بتداعيات التطورات الخارجية، لا سيَّما تلك المتعلقة بالحرب في أوكرانيا وتبعاتها، بعدما ألقت بظلالها على أسعار السلع والطلب عليها.

كل هذه المشكلات المتصاعدة دفعت الباحث الاقتصادي السوداني، عمر البكري أبو حراز، إلى أن يذهب إلى أن الأمل في استغلال ثروات السودان المدفونة قد تبدد.

ويوضح في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أنّ ثمة قدراً كبيراً من الثروات السودانية يمكن استغلاله في سد الفجوة الغذائية بشقيها النباتي والحيواني، حال استقرار الوضع السياسي والأمني.

ويستبعد في الوقت ذاته إمكانية استمرار تصدير اللحوم السودانية تحديداً مع استمرار عدم الاستقرار الأمني، وما يمثله من خطورة على البضائع، وكذلك إغلاق المطارات بسبب الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، مشيراً إلى انخفاض عمليات نقل اللحوم الحية والمذبوحة بين مناطق الإنتاج والتجهيز.

الوضع الإنساني

في سياق متصل، قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين، عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن آخر ما يحتاج إليه الشعب السوداني هو المزيد من انعدام الاستقرار في بلد يزداد فيه الجوع كل عام.

واضطر برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، إلى تعليق عملياته بشكل مؤقت في السودان، عقب مقتل 3 من موظفيه خلال الاشتباكات في كبكابية شمال دارفور في السودان، أثناء القيام بعملهم على الخطوط الأمامية لمحاربة أزمة الجوع.