Image

الليرة اللبنانية: القضاء اللبناني يدعي رسمياً على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وسط هبوط غير مسبوق في العملة

قدّمت الدولة اللبنانية بادعاء شخصي بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بجرائم الرشوة والتزوير وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي، حسب ما أفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

وشمل الادعاء اللبناني إلى جانب سلامة، شقيقه رجا، ومساعدته ماريان الحويك، وكل من يظهره التحقيق.

يأتي ذلك بعد تغيّب سلامة عن جلسة كانت مقررة الأربعاء، في إطار تحقيقات تتمحور على ثروته وشبهات غسل أموال، وفق ما أفاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس.

وكان من المفترض أن يمثل سلامة أمام محققين أوروبيين في قصر العدل في بيروت، لكنه اكتفى بإيفاد موكله القانوني من دون أن يحضر.

واستدعى قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا حاكم مصرف لبنان إلى جلسة تحقيق تعقد عند العاشرة والنصف من صباح الخميس للاستماع إلى إفادته تنفيذاً للاستنابة القضائية الأوروبية.

ويندرج الادعاء اللبناني الجديد في إطار تحقيق محلي بدأ قبل عامين بشأن ثروة سلامة ومصدرها، ويسير بشكل منفصل عن التحقيقات الأوروبية.

وطلبت الدولة اللبنانية ممثلة برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر، بادعاء شخصي ضد سلامة وشقيقه ومساعدته وكل مَن يظهره التحقيق، "بجرائم الرشوة والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي".

وطلبت القاضية بموجب الادعاء اتخاذ إجراءات عدة في حق المدعى عليهم، بينها "توقيفهم وحجز أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية"، إضافة الى "تجميد حسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين لدى المصارف اللبنانية والأجنبية" ومنعهم من التصرّف بعقاراتهم.

في كانون الثاني/يناير، استمع محققون من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ في بيروت إلى شهود، بينهم مدراء مصارف وموظفون حاليون وسابقون في مصرف لبنان، في إطار تحقيقات بقضايا غسل أموال واختلاس في لبنان مرتبطة بسلامة.

وتركز التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة "فوري اسوشييتس"، المسجلة في الجزر العذراء ولها مكتب في بيروت والمستفيد الاقتصادي منها رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان.

ويُعتقد أن الشركة لعبت دور الوسيط لشراء سندات خزينة ويوروبوند من المصرف المركزي عبر تلقي عمولة اكتتاب، جرى تحويلها إلى حسابات رجا سلامة في الخارج.

وقبل عام، أعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية "يوروجاست" أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمدت 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه، بينهم شقيقه، بتهم غسل أموال و"اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021".

وأفادت صحيفة زونتاغس تسايتونغ الأسبوعية السويسرية الشهر الماضي بأنّ جزءاً كبيراً من مبلغ يراوح بين 300 و500 مليون دولار، اتُهم سلامة باختلاسه، أودع في حسابات في 12 مصرفاً سويسرياً.

وبموازاة التحقيق الأوروبي، فتح القضاء اللبناني في نيسان/أبريل 2021 تحقيقاً محلياً بشأن ثروة سلامة ومصدرها بعد استهدافه بالتحقيقات الأوروبية.

وفي 23 شباط/فبراير، ادعى القضاء اللبناني على سلامة وشقيقه ومساعدته ماريان الحويك بجرائم اختلاس أموال عامة والتزوير والاثراء غير المشروع وتبييض الاموال، ومخالفة القانون الضريبي.

وكان من المفترض أن تعقد جلسة لاستجواب سلامة في إطار التحقيق المحلي الأربعاء، إلا أنه جرى تأجيلها لإفساح المجال أمام المحققين الأوروبيين.

ولطالما نفى سلامة، الذي يشغل منصبه منذ العام 1993، الاتهامات الموجهة إليه، معتبراً أن ملاحقته تأتي في سياق عملية سياسية "لتشويه" صورته.

ويتزامن انطلاق التحقيق مع هبوط حاد في العملة اللبنانية سجل الثلاثاء، مع وصولها إلى مستوى غير مسبوق وبلغ سعر صرفها مئة ألف ليرة في مقابل دولار واحد في السوق الموازية.

ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار.

 

واستأنفت المصارف الثلاثاء إضراباً مفتوحاً كانت باشرته في شباط/فبراير احتجاجاً على قرارات قضائية ألزم بعضها المصارف بقبول تسديد ديون بالعملة الأجنبية عائدة لها، بالليرة اللبنانية، فيما ألزمتها قرارات أخرى بتسديد ودائع لبعض المودعين بالعملة الأجنبية.

ووصفت المصارف هذه القرارات بأنها "تعسفية"، مشيرة الى أنها "تكيل بمكيالين"، بحسب بيان صدر عن جمعية المصارف.

ولم يعد بإمكان المودعين الوصول إلى مدّخراتهم العالقة في المصارف اللبنانية التي فرضت قيودًا على عمليات السحب وتحويل الأموال.

في منتصف شباط/فبراير، حطّم عشرات المودعين واجهات مصارف وأحرقوا إطارات في بيروت للمطالبة بالحصول على ودائعهم العالقة.

ومنذ صيف العام 2019، يشهد لبنان أزمة اقتصادية صنفها البنك الدولي بين الأسوأ منذ العام 1850، وتُعتبر الأسوأ في تاريخ لبنان.

في مطلع آذار/مارس، بدأت محال السوبرماركت تسعير السلع بالدولار بقرار من السلطات إزاء التراجع السريع في قيمة العملة المحلية. وكانت قد سبقتها إلى ذلك قبل أشهر، المطاعم والمتاجر في بلد يستورد 90 بالمئة من سلعه.

وارتفعت أسعار السلع الغذائية بشكل هائل منذ العام 2019. ويفيد البنك الدولي أن نسبة التضخم بلغت 332 بالمئة من كانون الثاني/يناير 2021 إلى تموز/يوليو 2022، وهي الأعلى في العالم.