Image

«3 لاءات» تشلّ لبنان

أدخل الشغور الرئاسي لبنان في خريف سياسي، تؤكد كل المؤشرات المرتبطة به أنه خريف مديد، في بلد بات مفتت المفاصل، ومفتقداً للسياسة بمعناها الحقيقي.

وهذا ما تبدّى بوضوح في التعاطي اللامسؤول مع المسعى الحواري الذي كان يؤسس له رئيس مجلس النواب نبيه بري، لانتشال الاستحقاق الرئاسي من قبضة المزاجيات المتقلبة والحسابات الحزبية والأحقاد المتبادلة.

وقد عبّر بري عن ذلك باعتذاره عن عدم السير قدماً بهذا التوجه، نتيجة «الاعتراض والتحفظ» التي قوبلت به دعوته من قبل البعض.

وعلى وقع «الثلاثية» التي باتت تتحكم بالمشهد السياسي اللبناني حتى الصميم: «لا رئيس» و«لا حكومة» و«لا توافق»، والتي دفعت ببري إلى الاعتذار عن الدعوة للحوار، منح الرئيس السابق ميشال عون.

ومن حيث لا يدري، الثقة لحكومة نجيب ميقاتي الملتبسة بالصلاحيات، أي حكومة تصريف الأعمال القائمة حالياً، ذلك أن رسالته إلى البرلمان ، بشأن نزع التكليف عن ميقاتي وسحب الثقة من حكومته، انتهت بتثبيت الثاني في موقعه، على أن تستمر حكومته بتصريف الأعمال بالمعنى الضيق. وتزامناً، جاءت دعوة بري إلى جلسة لمجلس النواب، تعقد الخميس المقبل، لانتخاب رئيس للجمهورية.

وستكون تلك هي الخامسة في ماراثون الجلسات المخصصة لانتخاب رئيس، من دون نتيجة حتى الآن.. فهل تحصل معجزة رئاسية الأسبوع المقبل، أم أن المسألة دونها طريق وعر، ولاسيما بعد إجهاض المساعي الحوارية الأخيرة لبري؟

قلق دولي

على الجانب الآخر، لم يكن غريباً أن تحمّل الأسرة الدولية الأفرقاء السياسيين اللبنانيين تبعة الفراغ الرئاسي، في ظل التخبط الذي يعيشه لبنان، أمام مرحلة محفوفة بأخطار وتداعيات الانهيار الموروث من الحقبة السابقة، بالإضافة إلى التداعيات الماثلة من جهة أخرى، فكلام عن أن كل المواقف الخارجية التي صدرت إزاء هذا الواقع تبدو كلها من باب «رفع العتب»، وهي «باردة» قياساً بحجم التعقيدات اللبنانية.

ومن بوابة هذا المشهد، لم يكن أدلّ من صدقية ارتفاع القلق الدولي على الوضع في لبنان من مؤشرين حملا دلالات بارزة عن المآل التشاؤمي الذي يحوط الاستحقاق الرئاسي: الأول تمثل في مبادرة بري إلى إلغاء دعوته إلى الحوار، والثاني تجسّد في كلمة غير مألوفة في وصف الواقع اللبناني الانهياري، توجه بها ميقاتي إلى القمة العربية التي انعقدت في الجزائر، ونعى من خلالها لبنان للقادة العرب، متوجهاً إليهم بالقول: «إن لبنان الذي تعرفونه قد تغير»، وداعياً إلى «تشابك الأيدي العربية لإنقاذ لبنان الذي يعتز بالعروبة والمُحبّ لأشقائه.. فلا تتركوه وحيداً».