Image

ملايين كبار السن البريطانيين أمام خيارات مُرة الشتاء المقبل

عندما بدأت بالتخلص من بعض الوزن، أول مرة، قالت الأرملة العجوز البريطانية يفون ديبيرغو (77 عاماً - من بلدة اكسفوردشر)، إنها قادرة على تحمّل خسارة الوزن. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية خسرت نحو 12 كيلوغراماً، عن طريق تناول وجبة مطبوخة واحدة يومياً، مع حبة فاكهة أو شطيرة على العشاء. وفقدت هذا الوزن بينما كانت تحاول ادّخار بعض المال، وهو مظهر حقيقي لأزمة تكاليف المعيشة الطاحنة التي تضرب المملكة المتحدة، والتي لا يبدو لها نهاية في المستقبل المنظور.

وتقول ديبيرغو التي تعتمد على تقاعدها، الذي تحصل عليه من الدولة ومزايا أخرى، إن فاتورة البقالة ارتفعت إلى الضعف تقريباً خلال شهر فقط، مع ارتفاع تكاليف الوقود بصورة مرعبة من أجل فواتير الطاقة في الشتاء. وقالت ديبيرغو في مقابلة مع «سي إن إن» عبر الهاتف: «لا أريد أن ينتهي بي المطاف لأصبح مثل هيكل عظمي».

وستشهد فاتورة الطاقة للعائلة البريطانية ارتفاعاً سنوياً يبلغ نحو 4180 دولاراً اعتباراً من أكتوبر، بزيادة قدرها 80%، بعد أن رفعت هيئة تنظيم الطاقة السعر الأسبوع الماضي.

وهي أزمة يجب أن تكون في أولويات عمل الحكومة، ولكن رئيس الحكومة السابق كان غائباً تماماً، حيث أخذ عطلتين في أقل من شهر واحد. واتهمه منتقدون بأنه يغسل يديه من أزمة الطاقة، ويلقي باللوم على الحرب الأوكرانية.

وكان نحو مليوني متقاعد يعيشون حالة من الفقر قبل الأزمة، وفق معلومات من «مركز إيجينغ بتر» الخيري الذي يركز على تحسين حياة كبار السن، والذي أشار تقريره السنوي الصادر عام 2022 إلى أن هناك نحو 200 ألف متقاعد فقير في هذا العام زيادة على ما كان عليه في عام 2021.

ويقول 44% من الأشخاص الذين وصلوا مرحلة التقاعد في المملكة المتحدة حسب القوانين الحالية، وهي سن 66 عاماً، إن التقاعد هو مصدرهم الرئيس للدخل، وفق الأرقام المأخوذة من «خدمات الأموال والتقاعد» التابعة لوزارة التقاعد والعمل. ويحصل معظم المتقاعدين على الراتب الأساسي، وهو 141.85 جنيهاً استرلينياً أسبوعياً (نحو 170 دولار) أو نحو 7400 جنيه إسترليني (8770 دولاراً) سنوياً، وأصبح هذا التقاعد 11376 دولاراً سنوياً عام 2016، بزيادة تقدر بـ3.1% في أبريل، وهذا الرقم أقل من معدل التضخم البالغ 9%. وستكون الزيادة الجديدة في التقاعد في أبريل المقبل.

ورسم الأشخاص الذين شاركوا في مسح أجرته منظمة «إندبندنت ايج» الخيرية، في يونيو الماضي، صورة قاتمة للحياة اليومية التي يعيشونها، وقال أحد المشاركين: «لقد أطفأت التدفئة في منزلي، ولا أمسح الأرض في بيتي، ولا أكنسها، ولا أغتسل الا في وقت الضرورة. ولم أعد قادراً على إعداد الخبز مع أحفادي، الأمر الذي يكسر قلبي». وهذا الفقر من شأنه أن يفاقم الحالات الصحية لدى المتقاعدين، حيث انخفض متوسط العمر، وفق تقرير «مركز ايجنغ بتر» الذي أشار إلى أن عدد السنوات التي يمضيها المتقاعدون في صحة جيدة في تناقص.

وهذا ما يقلق العجوز ديبيرغو دائماً، وتواصل التفكير فيه، وهي ليست متأكدة من أنها ستتمكن من جعل منزلها دافئاً في الشتاء، للتعامل مع الأعراض المرتبطة بالألم العضلي الليفي والتهاب المفاصل. وقالت ديبرغو: «أعتقد أن الحكومة تعتقد أننا يجب إما أن نموت أو نتجمد من البرد حتى الموت».

دائرة مُفرغة

قال اتحاد الخدمات الطبية، وهي هيئة تمثل قادة المملكة المتحدة في المجال الصحي، هذا الشهر، إن الفقر في مجال الطاقة بصورة خاصة يمكن أن يؤدي إلى «دائرة مفرغة من الحاجة إلى الرعاية الصحية». وأوضحوا أن الأطباء يمكنهم معالجة المرضى، ولكن إذا كان المرض في الصدر نتيجة البرد، ستصبح البيوت الرطبة دائرة مفرغة من العدوى ستتواصل عندما يعود المريض إلى منزله.

ووفق وزارة الصحة فقد توفي 10 آلاف شخص في بريطانيا وويلز عام 2021، لأن منازلهم كانت باردة للغاية. وحذر المسؤولون في وزارة الصحة من حدوث أزمة إنسانية، إذا لم تتمكن الحكومة من معالجة أزمة تكاليف الطاقة.