Image

اليمين المتطرف في أوروبا يشم رائحة السلطة عن قرب

بعد سنوات من الصعود السريع، خاصة بعد اندلاع الأزمة المالية في العام 2008 وما تلاها من تدفقات عارمة للهجرة غير الشرعية، بدأ اليمين المتطرف في أوروبا يشم رائحة السلطة عن قرب؛ أولاً في السويد حيث وقعت المفاجأة مساء الأربعاء الفائت بتقدم التحالف المحافظ على الائتلاف التقدمي الحاكم واستعداده لتشكيل الحكومة الجديدة بمشاركة أساسية من حزب «ديمقراطيو السويد» الذي قام على فلول النازيين الجدد؛ ثم في إيطاليا، حيث بات من المسلّم به أن الفوز في انتخابات الأسبوع المقبل سيكون معقوداً للحزب اليميني المتطرف «إخوان إيطاليا» الذي تأسس فوق ركام الحركة الفاشية.

وكانت نتائج الانتخابات السويدية معلقة بخيط رفيع طوال ثلاثة أيام منذ مساء الأحد الفائت، حيث كان ائتلاف «الحزب الاجتماعي الديمقراطي» الذي تتزعمه رئيسة الحكومة الحالية يتقدم بفارق بسيط على تحالف الأحزاب المحافظة التي كانت قد قررت للمرة الأولى رفع الحظر عن التعاون مع الحزب اليميني المتطرف الذي حصد 20 في المائة من الأصوات. لكن بعد الانتهاء من فرز أصوات الناخبين السويديين في الخارج، ارتفع عدد المقاعد الذي حصلت عليه أحزاب التحالف المحافظ إلى 176 في الريكسداغ (البرلمان) مقابل 173 لأحزاب الائتلاف الحاكم، ما دفع برئيسة الحكومة ماغدالينا أندرسون إلى الاعتراف بفوز المعارضة وإعلان استقالتها، داعية إلى الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة. لكنها فاجأت الوسط السياسي بإعلانها أنها ستستمر في قيادة «الحزب الاجتماعي الديمقراطي» الذي فاز في جميع الانتخابات العامة السويدية منذ العام 1914، وقاد عشرا من الحكومات الأربع عشرة التي توالت على البلاد منذ ذلك التاريخ. وقالت أندرسون في الندوة الصحافية التي أعلنت خلالها عزمها على الاستقالة، إنها مستعدة لقيادة المعارضة الجديدة. لكن في حال تعذر على تحالف الأحزاب اليمينية التوصل إلى اتفاق لتشكيل الحكومة، فإنها مستعدة للتعاون مع جميع القوى السياسية، باستثناء اليمين المتطرف، لتشكيلها.

في تلك الأثناء، كان زعيم حزب «ديمقراطيو السويد» جيمي آكيسون يغرد على حسابه في تويتر كاتباً: «ولى حكم الحزب الاجتماعي الديمقراطي، وأزفت ساعة استعادة الأمن والرفاه في السويد».

وتجدر الإشارة إلى أن النتائج النهائية أعطت اليمين المتطرف، للمرة الأولى، الكتلة البرلمانية الأكبر بين الأحزاب المحافظة. وينذر فوز التحالف اليميني في هذه الانتخابات بمفاوضات صعبة جدا ًلتشكيل الحكومة الجديدة. ورغم أن الليبراليين والديمقراطيين المسيحيين كانوا دافعوا خلال الحملة الانتخابية عن فكرة التعاون مع اليمين المتطرف لتشكيل الحكومة، وأن الليبراليين ألمحوا إلى إمكانية إعطاء الحزب اليميني المتطرف حقيبة وزارية ثانوية، جاءت النتائج لتجعل من «ديمقراطيو السويد» القوة الوازنة في تحالف اليمين، وليطالب زعيمهم بدور مركزي في الحكومة الجديدة، الأمر الذي من المستبعد جداً أن توافق عليه أحزاب التحالف، خاصة الحزب الليبرالي. وتجدر الإشارة إلى أن اليمين لم يحكم في السويد سوى أربع مرات منذ العام 1932.

وكانت المفاوضات غير الرسمية بين أحزاب اليمين قد بدأت مطلع هذا الأسبوع بشكل علني، بعد أن كانت هذه الأحزاب حاولت إبقاءها طي الكتمان، لكن الليبراليين أصروا على كشفها.