Image

اليمين الإيطالي المتطرف على أعتاب السلطة

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في إيطاليا، والمقررة في 25 من الشهر الجاري، تزداد المخاوف الأوروبية من التداعيات المحتملة لوصول اليمين المتطرف إلى الحكم؛ خصوصاً بعد الدخول المباشر لموسكو على خط الحملة الانتخابية مهدّدة الإيطاليين بفترة طويلة من المعاناة بعد قطع إمدادات الغاز، وبعد أن رفعت بعض الأحزاب في الائتلاف اليميني الصوت ضد العقوبات الأوروبية على روسيا ودعت إلى رفعها.

وتجمع الاستطلاعات الأخيرة على أن حزب «إخوان إيطاليا» الذي قام على ركام الحركة الفاشية، سيحصل على ما يزيد على 25 في المائة من الأصوات، وبالتالي فإن رئاسة الحكومة المقبلة ستكون معقودة لزعيمته جيورجيا ميلوني التي قد تصبح المرأة الأولى التي تصل إلى هذا المنصب في التاريخ الإيطالي. وتجدر الإشارة إلى أن المرة الأخيرة التي ذهب فيها الإيطاليون إلى صناديق الاقتراع لتجديد المقاعد البرلمانية، كانت في عام 1919 عندما فازت الحركة الفاشية الوطنية وصعد إلى الحكم بنيتو موسوليني.

وما يزيد من حظوظ الأحزاب اليمينية في الوصول إلى الحكم هذه المرة، أنها نجحت، رغم التنافس الشديد بين قياداتها على زعامة الجبهة اليمينية، في الاتفاق على تشكيل ائتلاف انتخابي، والتعهد بأن يتولى رئاسة الحكومة المقبلة، في حال الفوز، الحزب الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات. والسبب في ارتفاع حظوظ القوى اليمينية أن القانون الانتخابي الإيطالي يكافئ التحالفات الانتخابية والأحزاب الكبرى، على حساب الأحزاب الصغيرة التي كانت دائماً تشكّل الخاصرة الرخوة للنظام السياسي الإيطالي ولاستقرار الحكومات التي قارب عددها السبعين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

آخر هذه الحكومات، التي ستسقط حكماً قبل نهاية هذا الشهر، هي حكومة تصريف الأعمال التي شكّلها الحاكم السابق للمصرف المركزي الأوروبي ماريو دراغي، مطالع العام الماضي، من تشكيلة واسعة ومتباينة من الأحزاب التي لم يكن يجمع بينها شيء سوى عدم الرغبة في إجراء انتخابات مسبقة بعد أن تعذّر عليها الاتفاق لاختيار شخصية برلمانية قادرة على تشكيل حكومة مستقرة. وقد شاركت في تلك الحكومة جميع الأحزاب البرلمانية، باستثناء «إخوان إيطاليا» الذي يستعدّ اليوم لقطف ثمار تفرّده بمعارضة الحكومة التي كانت شهاباً عبر بسرعة في عتمة السياسة الإيطالية.

وتدور المخاوف الأوروبية من وصول اليمين المتطرف إلى الحكم في إيطاليا، ومن تداعيات التخلّي المحتمل للحكومة الجديدة عن السياسة التي اتبعتها حتى الآن حكومة دراغي، حول محاور ثلاثة. أولاً، المواقف العدائية التي تنهجها القوى اليمينية المتطرفة؛ خصوصاً حزب الرابطة وحزب إخوان إيطاليا ضد المؤسسات الأوروبية، ودعواتها المتكررة للحد من صلاحياتها واستعادة الحكومات الوطنية جزءاً كبيراً من السلطات التي باتت اليوم حصراً بيد المفوضية والمجلس الأوروبي. وكانت هذه القوى اليمينية دعت خلال الأزمة المالية والاقتصادية السابقة في عام 2008 إلى الخروج من نظام العملة الموحدة، وحتى إلى إجراء استفتاء حول البقاء داخل الاتحاد الأوروبي، لكنها عدّلت مؤخراً في مواقفها المعلنة، مكتفية بالمطالبة بمراجعة عميقة للمواثيق الأوروبية، وإعادة تشكيل التوازنات وآليات اتخاذ القرار بين الدول الأعضاء.