Image

مقتل الظواهري ربما يوفر فرصة لـ «طالبان» للانفتاح على العالم

لا شك أن الهجوم الجوي الأميركي بالطائرة من دون طيار، الذي أسفر عن مقتل زعيم القاعدة، أيمن الظواهري في كابول يوم الأحد الماضي، أدى إلى ضبط قيادة «طالبان» وهي في حالة تلبس وبصورة غير متوقعة. فقد كشف الهجوم أن وعود هؤلاء القادة بأن يمنعوا أن تصبح دولتهم ملاذاً للإرهابيين مرة أخرى مجرد أكاذيب، فالظواهري كان يعيش في العاصمة الأفغانية، وتردد أنه كان يقيم في منزل أحد كبار قادة «طالبان». ويقول الكاتب الأميركي بوبي جوش في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن «طالبان» مازالت بعد مرور ثلاثة أيام على مقتل الظواهري تسعى جاهدة لإعداد رد على ما حدث. وربما يكون سبب ذلك هو أن قائد «طالبان»، هبة الله آخند زاده، وفريق قيادته، يدركون ما يمثله مقتل الظواهري من فرصة وتحدٍ على السواء. ففي الوقت الذي تستعد فيه «طالبان» للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لعودتها للسلطة بعد انسحاب الجيش الأميركي الصيف الماضي، لم يتحقق حتى هدفها الخاص بتأمين الاعتراف الدولي بها كحاكم شرعي لأفغانستان. فوضع «طالبان» المنبوذ يجعل من المستحيل تقريباً على حكومة «طالبان» إدارة اقتصاد البلاد، الذي كان يتم دعمه بالمساعدات الخارجية حتى الانسحاب الأميركي الصيف الماضي. فالأزمة الاقتصادية ازدادت عمقاً في الشهور الأخيرة. وتعاني أفغانستان تداعيات أسوأ جفاف منذ عقدين. ويكشف تقرير حديث للمفتش العام الأميركي لإعادة إعمار أفغانستان أن 70% من الأسر الأفغانية «عاجزة عن تغطية تكاليف الغذاء الأساسي والاحتياجات غير الغذائية».

وربّ ضارة نافعة؛ إذ إنه لو استطاع آخند زاده الآن كبح مقاتليه، وكذلك عناصر القاعدة في البلاد، عن الرد على مقتل الظواهري باستخدام العنف، فربما يعزز ذلك من إعلان القيادة بأنها ليست «طالبان» القديمة. وبالتالي، سيسهل ذلك على المجتمع الدولي التعامل مع أفغانستان، وتمهيد الطريق للمساعدات الإنسانية المطلوبة للغاية، وتوفير بعض الدعم للاقتصاد المهلهل. ويضيف جوش أنه من ناحية أخرى سيعتبر الكثيرون في «طالبان» أن قتل الظواهري إهانة وطنية، ومن المرجح أن تتعالى الأصوات الداعية للانتقام خلال الأيام المقبلة. وسيراقب آخند زاده على وجه الخصوص موقف سراج الدين حقاني، أهم نوابه والراعي الأفغاني الرئيس للقاعدة ومالك المنزل الذي كان يختبئ فيه الظواهري.

وحقاني الذي ربما يعتبر أشد المعادين لأميركا من بين كل قادة «طالبان»، مصنف كإرهابي من جانب الولايات المتحدة؛ وأعلن مكتب التحقيقات الاتحادي عن مكافأة قيمتها 10 ملايين دولار «لمن يدلي بمعلومات تقود إليه مباشرة» لإلقاء القبض عليه. وكانت المكافأة المعلنة لقتل الظواهري 25 مليون دولار. وشبكة مقاتليه المجهولة، التي تُعد أقوى مجموعة داخل «طالبان»، تدين له بالولاء أكثر من ولائها للقائد الأعلى.

ولن يكون من السهل على آخند زاده كبح جماح عناصر شبكة سراج الدين الأكثر ميلاً للهجوم الضاري. وقد يقول حقاني إن الظواهري كان ضيفه، وهو ملزم بالانتقام لمقتله. وتتمسك قيادة «طالبان» كثيراً بالقواعد القبلية القديمة المتعلقة بالضيافة، وطوال سنوات كانت «طالبان» تتذرع بتلك التقاليد عند رفضها لمطالبتها بطرد زعيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن. ولكن من الممكن أن يرد آخند زاده على ذلك بأن العرف يلزم الضيوف بالرحيل قبل أن يصبحوا عبئاً كبيراً على مضيفيهم. وربما يستطيع استخدام تلك الحجة للفت نظر أعضاء القاعدة البارزين الآخرين الذين يتمتعون حالياً بضيافته.

وبوسع آخند زاده الاعتماد على دعم فصيل «طالبان» المعتدل نسبياً بقيادة عبدالغني برادر، الذي يشعر بالضيق منذ تهميشه على يد حقاني والمتشددين التابعين له. وسيكون من السهل للغاية على آخند زاده تأكيد أن الانتقام لمقتل الظواهري لن يكون في مصلحة أفغانستان. ولكن هذا على أساس افتراض أن قائد «طالبان» يقدم رعاية شعبه على رعاية ضيوفه. واختتم جوش تقريره بأنه يتعين على آخند زاده وفريق قيادته أن يدركوا أن أنظار الأفغان وأنظار العالم مركزة عليهم.