Image

الهدنة الأممية تعود على الحوثيين بمكاسب عسكرية واقتصادية وسياسية

تحولت الهدنة الأممية المُعلن عنها في الثاني من أبريل الماضي 2022م، إلى ورقة رابحة جديدة بيد مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً، جنت من ورائها قرابة 200 مليار ريال "من الطبعة القديمة"، خلال الأربعة الأشهر الماضية، ومنحتها فرصة التقاط أنفاسها وإعادة ترتيب أوراقها العسكرية والسياسية، بعكس ما كانت توهم الشعب اليمني أنها تصب في صالحه وأن مكاسبها ستقلص من ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والمواد الغذائية، وتسهم في فتح الطرقات المغلقة، وتعود على الموظفين المتواجدين في مناطق سيطرتها برواتب شهرية، كانت وما زالت ترفض وتقف عائقا وراء تسليمها.

ويرى محللون عسكريون، أن الأمم المتحدة، قدّمت هدية ثمينة لمليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا، في الثاني من أبريل الماضي، بإعلانها "الهدنة الأممية"، المزمنة بشهرين، والمجددة لفترتين سابقتين قبل أن توقع على الثالثة في الثاني من أغسطس الجاري، حيث ساعدتها المرحلتان السابقتان من هذه الهدنة في التقاط انفاسها، واعادت ترتيب أوراقها العسكرية والاقتصادية والسياسية. في الوقت الذي رفضت طيلة (120) يوما، الفترتين السابقتين، تنفيذ اي بند من طرفها.

وأضاف المحللون لوكالة "خبر"، على الصعيد العسكري، واصلت الاسلحة الايرانية والقطع الداخلة في التطوير العسكري والطائرات المسيرة، تدفقها إلى "اذرعها في اليمن"، عبر المنافذ البحرية التي تسيطر عليها الاخيرة، وهو ما اظهرته المليشيا بقصد وبدون قصد في عرض عسكري كبير اقامته في مدينة ذمار (وسط البلاد) قبل انتهاء الهدنة الثانية بساعات. علاوة على تحشيدها آلاف المقاتلين وتدريبهم وتجهيزهم لمعركة جديدة تحت شعار "وان عدتم عُدنا"، في رسالة واضحة وصريحة رافضة لمخرجات اي اتفاقات او مهادنات.

ايرادات بمئات الملايين

واقتصاديا.. بعد ان كانت مليشيا الحوثي ترجع اسباب رفعها اسعار الوقود ومادة الغاز المنزلي والمواد الغذائية وغيرها الى شح في دخول تلك المواد عبر ميناء الحديدة، وانها غير قادرة أيضا على تسليم مرتبات الموظفين المتواجدين في مناطق سيطرتها الى عدم قدرة ايرادات الميناء على تغطيتها، كشفت وثائق ومصادر مطلعة عن فرضها جرعة جديدة على اسعار المشتقات النفطية، وحددت سعر صفيحة البنزين 20 لتراً ب14 ألف ريال و17.5 ألف ريال لصفيحة الديزل.

وبحسب الوثائق والمصادر المطلعة، جنت المليشيا الحوثية في أول شهر من الهدنة "أبريل الماضي"، ارباحا قدرت بنحو 50 مليار ريال، "من الطبعة القديمة"، أي ما يساوي 73 مليون دولار، ما يعني ان ارباحها خلال فترة الهدنة من 2 ابريل الماضي وحتى 2 اغسطس الجاري تقارب 200 مليار ريال، "292 مليون دولار أمريكي".

وأوضحت، أن ارباح ذلك الشهر توزعت بواقع، 19.7 مليار ريال هي أرباح من وراء مادة البنزين، (وشملت هذه الارباح، الضرائب والجمارك بنسبة 16.4 في المئة، وعمولة شركة النفط التابعة لهم المقدّرة بثلاثة ريالات لكل لتر بنزين وأربعة ريالات لكل لتر ديزل و5 في المئة لصندوق الطرق وخمسة ريالات لكل لتر بنزين أو ديزل لمحطة الكهرباء، فضلاً عن رسوم الميناء النفطي "1.5 ريال لكل لتر بنزين و1.7 ريال لكل لتر ديزل"). بينما بلغت أرباحها خلال الشهر نفسه لمادتي الديزل والغاز المنزلي على التوالي، 20.6 مليار، و440.9 مليون ريال.

اشتراطات حوثية

أما على الصعيد السياسي، فقد رفعت المليشيا من سقف مطالبها، وباتت تراوغ كالعادة، حيث طالبت برفع عدد الرحلات من مطار صنعاء وتوسيعها لتشمل اكثر من عاصمة عربية، إضافة لعدد السفن الداخلة إلى ميناء الحديدة، علاوة على ذلك، مطالبة التحالف والحكومة اليمنية الشرعية، بتوريد عائدات النفط والغاز لمحافظات مأرب، شبوة وحضرموت إلى حساب البنك المركزي في صنعاء الخاضعة لسيطرتها. وهي الاشتراطات التي يراها مراقبون ناتجة عن فشل الطرف الآخر في إدارة ملف الهدنة.

وعلى الجانب الإنساني، لم تنفذ المليشيا ايا من التزاماتها تجاه بنود هذه الهدنة، بقدر مضاعفتها لجرائمها وانتهاكاتها بحق المدنيين، وآخرها فرضها، في يوليو الماضي، حصارا استمر لأيام على اهالي منطقة "خبزة" الواقعة في محافظة البيضاء، قبل ان تشن هجوما مسلحا وحشيا استخدمت فيه مختلف أنواع الأسلحة، وراح ضحيته قتلى وجرحى وأسرى مدنيون بينهم نساء وأطفال.

وتضمنت بنود الهدنة، إيقاف الطرفين كليا لعمليات اطلاق النار براً وبحراً وجواً، وفتح مطار صنعاء امام الرحلات الانسانية بين صنعاء والاردن كمرحلة اولى، وسماح التحالف العربي والحكومة الشرعية بمضاعفة دخول السفن المحملة بالمشتقات النفطية والغذاء إلى ميناء الحديدة الذي يسطر عليه الحوثيون، وهو ما نفذه التحالف والحكومة من طرفهما. بالمقابل، تقوم المليشيا بفتح الطرقات المغلقة في البلاد بداية من تعز، وصرف مرتبات الموظفين المتواجدين في مناطق سيطرتها من ايرادات الميناء، وتقليص اسعار السلع والمواد الغذائية، وهو ما لم تف به المليشيا.

وبالرغم من كل ذلك، وافق التحالف والحكومة الشرعية على فترة ثالثة من الهدنة، تبدأ من 2 اغسطس الجاري وتنتهي في 2 سبتمبر القادم، دون مكاشفة الشعب اليمني المعني بهذا الاتفاق بما يدور في كواليسه، لتظل المعاناة واقفة على ساقيها في حين المكاسب الحوثية في تقدم مستمر.

وتشير المعلومات ان استمرار الهدنة بهكذا آلية تضاعف من معاناة ملايين اليمنيين، وتضخ إلى خزانة المليشيا مئات الملايين شهريا، من ايرادات ميناء الحديدة، وضرائب شركات الاتصالات، وايرادات المحافظات، وعائدات الصناديق "الكهرباء، الطرق، السياحة، الشباب.. وغيرها"، والرسوم المفروضة -مؤخرا- على طلبة المدارس الاساسية والثانوية، والكثير من ذلك.

ويتفق الكثير من المراقبين على ان الهدنة وبنودها أيا كانت، ما هي إلا ترحيل لحل القضية الأساسية وهي استكمال تحرير المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية، باعتبار ذلك مطلبا شعبيا، وأي خذلان أو تقاعس تجاه المطالب الشعبية مصيره الفشل.