Image

المليشيا الحوثية.. ثراء فاحش بمنظومة فساد متكاملة يقابلها إفقار ممنهج للشعب

أموال طائلة جناها قادة مليشيا الحوثي، كانت هي حصيلة سنوات من انقلابهم على الشرعية واستثمارهم معاناة طويلة هي بمثابة البورصة التي جعلتهم أثرياء في وقت قياسي على حساب الشعب الذي يتم تجويعه وتركيعه بطريقة فاقت حتى ما كان يمارسه أئمة الجور قبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر.
 فخلال السنوات الماضية تحولت خارطة الأعمال والشركات التجارية الكبيرة لصالح تلك القيادات، بعد عملية ممنهجة استطاعت من خلالها صناعة واقع جديد، على الأوجاع اليومية لليمنيين ونهب مئات المليارات وتكديسها في بدرومات ومخازن خاصة بها.
لم يكتف الحوثيون بنهب خزينة الدولة ومواردها وميزانيتها العامة منذ اليوم الأول من انقلابهم على الشرعية، بل طالت يد الفساد والنهب كل الموارد المالية بما فيها القطاعات الخاصة بمختلف نشاطاتها الخدمية والتجارية، ليتم مصادرة الكثير من الأموال وبأرقام خيالية.
البنوك والمصارف وشركات الاتصالات والجامعات والمستشفيات والجمعيات الخيرية والمدارس الأهلية والمحال التجارية والفنادق والعيادات الخاصة وشركات ومخازن الأدوية والمولات والمعاهد ومؤسسات المطاعم والمشاريع الصغيرة من محال وكافتيريا وغيرها من المرافق والمراكز والممتلكات الخاصة، تحولت بفعل الانقلاب الحوثي إلى مال سائب وفيد قابل للنهب في أي وقت وتحت أي مبرر كان.
فما بين غسيل للأموال وصفقات مشبوهة وفرض للضرائب ونهب وسطو وابتزاز ومصادرة لممتلكات وعقارات عامة وخاصة وتأميم لأخرى وفرض لجبايات وإتاوات دون مسوغ قانوني، يتنقل المليشياويون الحوثيون وبوتيرة عالية وجشع لا نظير له، في محاولة منهم لخلق واقع ونظام اقتصادي جديد، يكونون هم من يديرون ويتحكمون بخيوطه ووارداته، نظام اقتصادي قائم على أنقاض القطاعات الاقتصادية الخاصة، وجيل من رجال المال والأعمال كرسوا حياتهم وجهودهم في بناء منظومة اقتصادية متكاملة.
استحواذ على الثروة والسلطة يقابله تدمير المؤسسات التعليمية والثقافية والصحية، وإرهاب المواطنين وإخضاعهم بالقوة المفرطة، وتعريضهم لعنف مبالغ فيه خوفا من ارتفاع أي صوت.
البداية كانت بالسيطرة على المؤسسة الأمنية والعسكرية والمصالح الحكومية الإيرادية، وكان قطاع النفط هو بوابة الثراء الأولى، تلاها قطاع الاتصالات والضرائب والجمارك والأوقاف التي باتت اليوم أحد أكبر مصادر دخل الحوثيين.
البنوك التجارية ومحلات الصرافة تحولت لدجاجة تبيض ذهبا وتبيض أموالا لقادة المليشيا، حيث تهربها إلى الخارج تحت لافتات اقتصادية.
النهب ومصادرة الأموال والممتلكات الخاصة كان مطمعا لقادة المليشيا عن طريق ما تسميه المليشيا الحارس القضائي الذي كان أداة السيطرة على ممتلكات الخصوم والمعارضين للحوثي وكذلك مؤسسات القطاع الحكومي والمختلط.
غسيل الأموال اتخذ أشكالا عديدة في دولة الحوثي، ولعل الطفرة المالية الكبيرة لدى المليشيا وتكدس الأموال جعلت قادة المليشيا غير قادرين على إنفاق الأموال الطائلة، فحولوها لمجال شراء العقارات والأراضي التي تجاوزت قيمتها أضعاف قيمتها الفعلية.
في مقابل حالة الثراء الفاحش ثمة جوع قاتل متفش في مناطق سيطرة المليشيا، وصل حد الموت جوعا بالتزامن مع انتشار الأمراض والأوبئة وارتفاع نسبة وفيات الأطفال جراء سوء التغذية.
وفوق هذا كله، تصل الوقاحة بمليشيا الإرهاب وقادتها إلى الحديث عن كونهم ثوارا مجاهدين أنقياء أتقياء يحاربون الفساد، ووصلت الوقاحة بالقيادي المليشياوي محمد على الحوثي إلى إطلاق هاشتاغ بعنوان أنصف الناس من نفسك، في الوقت الذي تضج شكاوى التجار والمواطنين من بطش هذا الذي وجد نفسه على رأس مليشيا، بعد أن كان مجرد صعلوك يتسول المقايل لمن يعطيه تخزينة قات، كما يقول من يعرفونه عن قرب ثم تنكر لهم. وكذلك الحال بالقيادي المليشياوي الآخر أحمد حامد، بعد أن عينته المليشيا مديرا لمكتب رئاسة الجمهورية، والذي يتشدق بعدم وجود أي أرصدة له في البنوك، فيما بدرومات الفلل التي استولى عليها مشحونة بمليارات الريالات المنهوبة. هذا الشخص الذي كان مجرد مهرج تمثيلي على مسرح الجماعة في صعدة، يؤدي الأدوار المضحكة والممجوجة، حتى أطلق عليه حينها لقب "كشكوش"، يصبح فجأة مديرا لمكتب رئاسة الجمهورية ليواصل دوره التهريجي؛ ولكن هذه المرة على مسرح بحجم صنعاء والمحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة جماعته.