الهدم الحضاري والإبداعي .. في زمن الحروب والصراعات الداخلية ..!!

01:47 2022/06/02

من المعلوم ..... 
بأن كل مظاهر الحياة في أي مجتمع تتأثر بشكل سلبي ، نتيجة الحروب والاضطرابات والصراعات الداخلية والاستبداد السياسي ، بالذات ذلك الجانب الإبداعي ، سواء في المجال العلمي ، أو الفكري ، أو الفني ، لأن هذه المجالات لا تترعرع ، ولا تزدهر ، إلا في ظل بيئة يسودها الأمن ، والأمان ، والاستقرار ، والسلام ، والحرية .لذلك نلاحظ أن البلدان التي تنعم بالأمن ، والأمان ، والسلام ، والاستقرار ، والحرية ، يكون إنتاجها الإبداعي في المجالات العلمية ، والفكرية ، والفنية ، والحضارية ، أكثر بكثير جداً ، من البلدان التي تعاني من الحروب والصراعات الداخلية ، وتفتقد للأمن والاستقرار ، والسلام ، والحرية ، والديمقراطية ، والعدالة ..!! 
 
لأن المفكرين والباحثين في بلاد الأمن والأمان والسلام والحرية ، يجدون متسعاً من الوقت للبحث في مجالاتهم الابداعية ، ويجدون متسعاً من الحرية ، ويجدون متسعاً من الوفرة المادية ، وهي أهم العوامل التي تشجع على الٱبداع والبحث والابتكار ، وبذلك فإن إنتاجهم الإبداعي والفكري والعلمي ، ينمو ويتطور ويزدهر ، وبإزدهار هذا المجال ، تزدهر حياة المجتمع ، وتزدهر حضارة المجتمع ، وتصبح ثقافة هذا المجتمع وحضارته ، هي السائدة على بقية المجتمعات الإنسانية ، ( المجتمع الغربي إنموذجاً ) ..!! 
 
ومن يمتلك الأفضلية في الانتاج الابداعي ، يمتلك القوة والقدرة على السيطرة ، والتدخل في شئون المجتمعات الضعيفة والمتخلفة ، بما يتناسب مع مصالحه وبما يحقق أهدافه ، بينما نجد أن المفكرين والباحثين في بلاد الحرب ، والخوف ، والفتن ، والصراعات ، والقمع والاستبداد ، لا يجدون متسعاً من الوقت للبحث والدراسة ، ولا يجدون متسعاً من الحرية الفكرية والإبداعية ، فالأنظمة الاستبدادية والقمعية ، تضيق عليهم الخناق ، وتحاصرهم فكرياً وإبداعياً ، ولا يجدون متسعاً من الوفرة المادية ، فالحروب والصراعات ، لا توفر لهم سوى الفقر والجوع ، وهو ما يضطرهم لصرف الكثير من أوقاتهم ، وتفكيرهم ، للبحث عن لقمة العيش ، وبذلك تنكمش قدراتهم الإبداعية والفكرية ( فالإنسان الخائف ، والجائع ، غير مؤهل للانتاج الفكري والإبداعي ) ، وبإنكماش هذا المجال ، تنكمش حياة المجتمع ، وتنكمش حضارة وثقافة هذا المجتمع ، وتصبح ثقافة وحضارة هذا المجتمع ، تابعة وعالة على بقية المجتمعات الإنسانية المتطورة والمتحضرة ..!! 
 
والمجتمع المتخلف والمضطرب والفقير والمستعبد والضعيف ، يصبح ساحة مفتوحة ومباحة لثقافات وحضارات المجتمعات المتقدمة والآمنة والمستقرة والغنية والقوية ، وساحة مفتوحة للتدخل في شئونه وقراراته وسياساته ، وتصبح المجتمعات الضعيفة ، ولن نبالغ إذا قلنا بأن المجتمع الفاقد لمقومات وعوامل الابداع والتطور والابتكار والتقدم ' هو مجتمع فاقد لسيادته وقراره السياسي ' ولا يمكن لهذا المجتمع استعادة سيادته واستقلاله وقراره إلا في ظل بيئة يسودها الأمن والامان والاستقرار والتعايش السلمي ' وبذلك فإن أي دعوات للحروب والصراعات في أي مجتمع كان ' هي ليست أكثر من دعوات هدم لكل مقومات الابداع والتطور والتقدم ' وأي دعوات للسلام هي دعوات بناء وتعزيز لكل مقومات الابداع والتطور والتقدم ..!! 
 
فالحضارة والقوة ، هي نتاج وفرة وتراكم  الأعمال الإبداعية والفكرية ، وزيادة الأعمال الابداعية والفكرية ، هي نتاج الأمن والاستقرار والسلام والحرية والديمقراطية ، وفي المقابل فإن الضعف والعجز ، هو نتاج انعدام الأعمال الإبداعية والفكرية ، وانعدامها هو نتاج الخوف ، والحروب ، والصراعات ، والاستبداد ، وبذلك لا يمكن إنشاء حضارة قوية ، في ظل بيئة تسودها الحروب والصراعات الداخلية والاستبداد السياسي ، وفي كل الأحوال تظل الحروب والصراعات الداخلية والاستبداد والقمع والفقر والخوف ، من أهم عوامل الهدم الإبداعي والفكري والحضاري ' ويظل الأمن والأمان والاستقرار والتعايش السلمي والحرية ' من أهم عوامل النهضة الابداعية والفكرية والحضارية ..!!