Image

صنعاء.. أينما وليت نظرك فثم متسول

أطفال بعمر الورود وفتيات بعمر الزهور شباب وكهول نساء ورجال، يخرجون صباح كل يوم بثيابهم الرثة وأجسادهم المنهكة للتسول في شوارع العاصمة صنعاء، يراقبون حركة المارة بانتظار من يرفق بهم بالقليل من النقود؛ من أجل الحصول على رغيف خبز يسدون به جوع، في ظل إجراءات إفقارية تتبعها مليشيات الحوثي الإرهابية في مناطق سيطرتها.
حين تسير في شوارع صنعاء، ترى أطفالا وفتية من الجنسين وآخرين متقدمين في العمر يمتهنون التسول طلبا للفتات من الناس، كطريق وحيد لكسب العيش، لاسيما الأسر التي ليس لديها مصدر آخر غير المرتب الحكومي الذي قطعته المليشيا الحوثي منذ سبع سنوات.
 رقعة التسول لم تعد مقتصرة على كبار السن، فالنساء والأطفال وجدوا أنفسهم أيضاً في فرزات الباصات وعلى أبواب المحلات والجولات والاسواق، والمستشفيات ودور العبادة وفي كل ما يقع عليه نظرك، يمدّون أيديهم للمارة بحثاً عما تجود به أيادي المحسنين لإنقاذهم من مجاعة محتملة.
مبروك الشرعبي، صاحب بقالة في شارع تعز، يقول للمنتصف نت إن المتسولين أكثر بكثير من الزبائن الذين يأتون إلى محله للشراء.
ويضيف مبروك أنه لا يفتح بقالته، في أغلب الأحيان، إلا على وجه متسول ولا يغلقها إلا على وجه متسول، حسب قوله.
وبحسب مراقبين حقوقيين، فإن التبعات الكارثية للانقلاب الحوثي والمتمثلة في انعدام فرص العمل، وتوقف صرف رواتب الموظفين منذ أعوام وانقطاع الدخل ساهم في تفاقم وضع ملايين الأسر اليمنية.
تقارير اقتصادية تحدثت عن أسر كانت تعيش حياة كريمة ومستقرة، قبل أن يدمر اجتياح الحوثي للمدن اليمنية وضعها المعيشي، ويقذف بها إلى أتون الفقر والفاقة ويحرمها من المصدر الوحيد لتأمين نفقاتها الشهرية.
ومع اتساع رقعة البطالة وتزايد حالات سوء التغذية، وجد آلاف اليمنيين أنفسهم أمام البحث عن خيار آخر، أجبرهم على امتهان التسول لتوفير لقمة العيش، بعد أن صادر الحوثيون أقواتهم خلال السنوات الماضية.
ورغم ما تسببت به مليشيا الحوثي من أوضاع كارثية، ودفعت بالسواد الأعظم من المواطنين إلى الشوارع كجيوش من المتسولين، أقدمت المليشيا الحوثية على تنفيذ حملة اعتقالات طالت معظم المتسولين من شوارع العاصمة صنعاء، وفرض جبايات عليهم.
وأوضحت مصادر محلية أن مليشيا الحوثي فرضت غرامة مالية قدرها 50 ألف ريال على كل فرد، مقابل الإفراج عنه، وهددت بمضاعفة الغرامات على من يعاود التسول.
وفي الوقت الذي تنظم فيه قوافل جيدة لجيش المتسولين في مناطق الحوثي، تزداد قيادات الحوثي غناء وثراء من قوت المواطن. 
سلطان السامعي، الموالي لمليشيا الحوثي، كان قد كشف جزء بسيط من فساد قيادات حوثية.
وقال السامعي إن «لصاً من اللصوص الجدد يشتري فلتين بستة ملايين ومائتي ألف دولار مع أنه عامل نفسه ضد الفساد» متسائلا من أين له «هذا المبلغ الخيالي بعد أن كان حافي القدمين».
وتحدث السامعي عن تسخير هذا الرجل للأموال العامة لشراء الولاءات والناشطين لمهاجمة وقمع المعارضين لممارساتهم وفسادهم وقال: «لا نعير الحملة التي مولها اللصوص الجدد بمبلغ 23 مليون ريال ضدنا من مال الشعب لأن نهايتهم ستكون إلى السجون».
ووفق ما ذكره ناشطون، فإن القيادي محمد علي الحوثي اشترى أكبر فيلا في صنعاء تقع في حي المباحث خلف منطقة جولة عمران شمالي العاصمة، إلى جانب عمارة مكونة من سبعة طوابق في شارع عمان المتفرع من شارع الجزائر وسط صنعاء، حيث بلغت قيمتها مليار ريال يمني، إلى جانب قادة آخرين يواصلون شراء العقارات والأراضي بمبالغ خيالية (الدولار حوالي 600 ريال في مناطق سيطرة المليشيات).
ويأتي هذا البذخ في وقت تظهر البيانات الأممية أن 80‎ في المائة من سكان البلاد يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدات وأن خمسة ملايين منهم يعيشون أوضاعا شبيهة بالمجاعة.
 
 
ختاما: كان يقال في السابق إن بعض الناس تأكل من القمامة، أما اليوم فلم يعد في القمامة من أكل للتسابق عليه الكلاب والقطط، بعد أن أكلت جائحة الحوثي الأخضر واليابس في هذا البلد.