Image

لعنة الطرد تلاحق النازحين في مساكن مستأجرة وخيام نصبت في أرض بور

ثمان سنوات من الحرب ومثلها من الشتات، ومصير مجهول ينتظر اللاجئين الفارين من الحرب المدمرة والسجون الحوثية، بعد أن شردت الحرب الكثير من الأسر عن قراهم ومدنهم، منهم من سكن في بيوت مستأجرة وآخرون لم يجدوا سوى مباني المؤسسات الحكومية أو المخيمات تؤويهم في رحلة الشتات التي فرضتها حرب قذرة قادتها مليشيا الحوثي في كل بقعة من أرض اليمن. اليوم برزت على السطح مشكلة الطرد والإخلاء للنازحين في أماكن النزوح كلعنة تؤرق معيشتهم تلاحقهم في خيامهم والمنازل مستأجرة، وسط جشع وانعدام الرحمة والتكافل بين أوساط المجتمع، وهي لعنة لا تختلف عن لعنة الحوثي الذي حرمهم أمنهم واستقرارهم. 
"المنتصف" تسلط الضوء على تلك الإشكالية. يقول محمد عبدالله 
اطإن الحرب التي طالت أظهرت بعض الناس بمظهر غير متوقع كمجموعة من المستغلين للنازحين، وبدلا من أن يتعاطفوا ويتكافلوا ظهر الاستغلال والجشع، ما دفع بالعديد من النازحين إلى حياة التشرد. بعد أن كانوا مستورين، أصبحوا يعيشون قساوة الحياة والقلوب، ينحتون الصخر حتى يوفروا قوت يومهم. امتهنوا أعمالا لم تكن في الحسبان، بعد أن كان الكثير من الموظفين من ذوي المناصب والتخصصات امتهنوا حرفا شاقة حتى يستطيعوا أن يتعايشوا مع الاستغلال المفروض عليهم من أصحاب المنازل المؤجرة، بعد فرضهم إيجارات خيالية يصعب دفعها من راتب لا يفي قيمة كيس من القمح، في ظل عدم وجود قانون يمنع الاستغلال. 
في طريق هيجة العبد، مهندس مدني الحرب فرضت عليه ببيع البترول للسيارات المارة، وفي الجانب الآخر دكتور جامعة في إب حولته الحرب إلى  عامل طوب وأحجار. وهكذا مع  توقف صرف الرواتب من المليشيات والتي تكتفي بصرف نصف راتب ما بين الشهرين والثلاثة أشهر، وعدم تحمل الدولة مسؤوليتها في التخفيف من معاناتهم، إضافة إلى فساد المنظمات التي تصرف مساعداتها الى غير مستحقيها.
بدوره سعيد ناصر إن الحرب جعلت الناس تأكل بعضها البعض، وصار المطلوب من النازح الذي شرد من مدينته أن يتحول إلى بقرة حلوب في المناطق التي نزح إليها. ومثلما أن الحرب عبء على النازحين، فإن مناطق النزوح شكلت عبئا مضاعفا حتى المساعدات التي يفترض أن تقدم لهم  من المنظمات صار أهالي تلك المناطق يقاسمونهم، لدرجة أن ط النازح لا يلقى شيئا. 
ويضيف: نزحت إلى مدينة التربة منذ سبع سنوات ولم إتحصل على مساعدات سوى مرتين في بداية النزوح 2015 وبعدها، والسبب تسلم أبناء المنطقة عملية توزيع المساعدات والتسجيل. دخلت الأسرية والحزبية  في كشوفات المساعدات وصرفت مبالغ مالية لأصحاب المنزل المؤجر بدل إيجار، بينما المستأجر لم يتحصل على شيء. وبقي النازح مطالبا بدفع زيادة إيجار أو الإخلاء، على الرغم من أن محافظ تعز أصدر قرارا بمنع رفع الإيجار في فترة الحرب، ووجه في القرار الجهات الأمنية يضبط المغالين في الإيجارات إلا أن القرار لم يفعل من قبل أجهزة الضبط.
 كثير من الأسر الفقيرة وفئات المهمشين سكنت مؤسسات حكومية مثل المدارس، بعد أربع سنوات اتخذ قرار من المجلس المحلي بإخلاء المدارس، وعبر المنظمات نقلوا الى مخيم في دبع؛ منطقة مقطوعة غير مأهولة بالسكان. وأمام جشع أصحاب الأرض استؤجرت الأرض من قبل المنظمة، إلا أن مصير النازحين يظل مهددا بمدى الالتزام بدفع الإيجار.
يقول أحد المهتمين بقضايا النازحين 
في مأرب، التي تضم ملايين من النازحين من أكثر من محافظة: في البداية استقبلوا بحفاوة وظهر الكرم الحاتمي، فتحت البيوت وقدم الاهالي المساعدات، وما هي إلا سنوات قلائل حتى ظهر الجشع. الغرفة التي كانت مغلقة وسكن فيها نازح طرد منها، لأن أصحابها أرادوا إيجارا من اللاجئين، وطرد من لا يستطع أن يدفع. بعدها وفرت خيم، وما إن استقروا في خيمهم بمناطق نائية جاء أصحاب الأراضي وطالبوا إيجارا على الأرض التي نصبت عليها الخيم. رفع الكرت الأحمر في وجه النازحين: الدفع أو الإخلاء. 200 أسرة نازحة طردت من خمسة مخيمات نزوح خلال العام الجاري، كانت قد وضعت خيامها على أراض خاصة طردوا منها من قبل ملاك تلك الأراضي بعد قضائهم فيها لأكثر من عامين. قرروا الرحيل بعد أن عجزت إدارة مخيمات النازحين وضع حد لتهديدات ومضايقات ملّاك الأراضي.
الأمر الذي يفاقم من معاناة النازحين اذا ظل الحال مثل ما هو عليه دون حلول من قبل قيادة مجلس الرئاسة والحكومة ووضع معالجات تنقذ النازحين من بطش وجشع ملاك الأراضي وأصحاب المساكن، من خلال الإسراع في إصدار قانون يحمي وينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.