Image

«العرب بين الأنوار والظلمات» لهاشم صالح

صدر حديثاً عن دار المدى في العراق كتاب «العرب بين الأنوار والظلمات» للزميل هاشم صالح.

ومما جاء في مقدمة الكاتب «ما سأقوله هنا يُعَدُّ امتداداً لما سبق، وإضافة جديدة إليه. فتجربة الإنسان تتسع بفضل الرحلات الاستكشافية والبعثات العلمية. وحتماً لولا أن الحظ الذي أتاح لي السفر إلى أوروبا ـ فرنسا تحديداً ـ والعيش فيها زمناً طويلاً لما اتسعت مداركي، ولظلّت محدودة من الناحية الفكرية بحدود اللغة العربية وسوريا، أو حتى العالم العربي ككل. وهذا شيء ليس بالقليل، ولكنه لا يكفي على الإطلاق. يعرف ذلك كل من عاش تجربة أوروبا، والدراسة في معاهدها وجامعاتها، والتمتع بمكتباتها الكبرى وحرياتها. كل رواد النهضة العربية مرّوا من هنا: من رفاعة رافع الطهطاوي، إلى أحمد لطفي السيد، وطه حسين، وميخائيل نعيمة، وجبران خليل جبران، ومحمد مندور، وعشرات غيرهم. على أي حال، فإذا كان العرب في حاجة إلى شيء ما بعد الأكل والشرب، فهو المطالعة وتوسيع الآفاق المعرفية. ينبغي أن يخرجوا من أنفسهم قليلاً، من انغلاقاتهم اللاهوتية، وتحجراتهم المزمنة. ولا يمكن لهم توسيع آفاقهم المعرفية إلا إذا قرأوا عشرات، وربما مئات، وربما آلاف الكتب. كل من عاش في الغرب زمناً طويلاً يدرك ما أقول هنا.

وكان أول شيء لفت انتباهي عندما وصلت إلى فرنسا هو كثرة القراء، وبالأخص القارئات في الأماكن العامة. كثيرات كن يضعن كتاباً في وجوههن، وهن ينتظرن الوصول، أو الرحيل. شعب بأكمله يقرأ ويثقف نفسه بنفسه. ولكنه شعب تجاوز مرحلة الأمّية كلياً تقريباً. أقصد الأمية بالمعنى الحرفي للكلمة هنا. أما شعوبنا العربية، فلا تزال تعاني من الأمّية بنسب ضخمة ومخيفة، وبخاصة فيما يتعلق بالنساء. فكيف يمكن أن تشجع على القراءة شعباً وهو أمي إلى حد النصف، وربما أكثر؟ علّمه أولاً القراءة والكتابة، وبعدئذ شجّعه على القراءة والمطالعة».