Image

مع اقتراب عيد الفطر.. جائحة الحوثي تصيب الأسواق بالشلل

لا شيء أثقل وطأة على المواطن اليمني من هذه الأيام، وهو محاصر بنظرات أطفاله الصغار ينتظرون منه كل يوم إجابة على سؤالهم: متى ستخرج لشراء كسوة العيد لنا؟! 
ينتظرون منه إجابة، دون أن يعرفوا أنه عاجز عنها. هم يعتقدونه قادرا على الإجابة عن سؤالهم فورا إذا ما قرر ذلك، ولا يعرفون أنه عاجز كل العجز، ولدرجة أنه يكاد يستجدي منهم أن يعفوه عن الرد على سؤالهم. لا يعرفون أن مليشيا الإرهاب حرمته من أن يظل أمام أطفاله ذلك الشخص القوي القادر على تلبية كل متطلباتهم والحريص على إفراحهم وإبهاجهم على الدوام. وهل هناك ما هو أكثر مرارة من موقف أب لا يستطيع الإجابة عن سؤال أطفاله: متى ستكسونا يا بابا؟!
لا يعود أمامه سوى التسويف والتحجج أمامهم بالانشغال بأعمال وأمور أخرى حالت دون أن يقوم بشراء كسوة لهم. فمن الصعب عليه أن يقول لهم بأنه غير قادر هذا العام على أن يلبي مطلبهم. وأقصى ما يستطيع فعله هو الاستعانة بأمهم، عسى أن تقدر هي على إقناعهم بتلك الحقيقة. لكنها الأخرى لا تستطيع، لأن الأطفال ببساطة "لا يرحمون".
أسواق العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي بدت هذه الأيام بمظهر لم تعتده المدينة اليمنية منذ سنوات، وأصبحت خالية على عروشها رغم أن عيد الفطر بات على الأبواب، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار بشكل جنوني؛ وهو ما عصف بالقدرة الشرائية للمواطنين.
يقول عاطف محمد ثابت، صاحب أحد المحلات لبيع الزبيب في شارع مأرب لـ"المنتصف نت": لم نشهد ركودا في البيع مثل هذا العام على طول السنوات الماضية.
واوضح عاطف أنه رغم انخفاض أسعار الزبيب هذا العام عن العام السابق إلا أنه ليس هناك إقبال من المواطنين على شراء الزبيب وجعالة العيد هذه الأيام، مشيرا إلى أن المواطن أصبح مهتما فقط بلقمة العيش.
عاطف أشار إلى أنه في الأعوام السابقة كان لا يمر الأسبوع الأول من رمضان إلا وقد ابتاع من الزبيب بمبلغ نصف مليون ريال، أما هذا العام فسينتهي شهر رمضان ولم يحصل على نصف المبلغ.
"ملك الجعالة" (اسم مستعار لصاحب محل لبيع جعالة العيد) يقول لـ "المنتصف نت" إن كل ما يبيعه لا يغطي سوى إيجار المحل في ظل حملات الجباية التي تقوم ميليشيا الحوثي على أصحاب المحلات وكذلك عزوف المواطنين عن شراء جعالة العيد.
ويضيف "ملك الجعالة" (الذي اختار له هذا الاسم حفاظا على حياته من مليشيا الحوثي): أنا كصاحب هذا المحل لم أعد سوى مجرد عامل مع جماعة الحوثي، التي تقوم بابتزازنا تارة باسم دفع الزكاة وتارة باسم الضرائب وتارة باسم المجهود الحربي وتارة باسم النظافة ومسميات أخرى عدة.
ونوه إلى أن فاتورة الكهرباء هذا العام ارتفعت أضعاف ما كانت عليه الأعوام السابقة.
وفي أسواق صنعاء، تتكدس البضائع في المحلات، فيما يشعر السكان بالضيق إثر تراجع قدرتهم الشرائية المتدهورة أصلاً، في الوقت الذي تواجه البلد مجاعة حقيقية محتملة.
يقول المواطن عبده سعيد في صنعاء: "الأسعار مرتفعة للغاية ولم نعد نستلم الرواتب. الوضع متدهور وكل البلاد من سيئ إلى أسوأ".
الشلل الاقتصادي أصاب ايضا سوق الأدوية في صنعاء، حيث يقول الدكتور فواز الحميري، مالك صيدلية جوار مستشفى الجمهوري بصنعاء لموقع المنتصف نت: "أصبحت المبيعات بالسالب. أفكر بإغلاق الصيدلية لكن لا يوجد مشروع بديل".
وأشار فواز إلى أنه يدفع شهريا 300 ألف ريال إيجار المحل فقط دون الكهرباء ومرتبات العمال في الصيدلية.
أخيرا وفي ظل توقف صرف الرواتب، وانعدام الخدمات والاستقرار، وغلاء الأسعار، وغياب الرقابة على جشع التجار، وانتشار البطالة، أضحت التزامات العيد ثقيلة؛ فيما يفضل مستغلو الأزمات إبقاء الأمور على حالها.