Image

موازنة وحيدة مليئة بأرقام مخالفة للقانون رقم (8) "الشرعية".. كتلة فساد يمنية تحتضنها السعودية ...(2-2)

 ما بين الفساد المتعمد والمتفق عليه بين جميع المكونات الحاكمة "شرعية – إخوان – حوثي – انتقالي" وغيرها من الجماعات المسلحة الفاسدة، وعشوائية  التعامل من مواقع المسؤولية والمناصب الحكومية، تتجه البلاد نحو الكارثة والهاوية الاقتصادية، وباتت البلاد تعاني من فساد بحجم دولة تسمى "الشرعية" وحلفائها.

موازنة فساد

مثلت الموازنة العامة المقرة في العام 2019، وهي الوحيدة التي تقرها حكومة شرعية ويعتمدها مجلس النواب، بعد تعهدات جمة سردها رئيس الحكومة معين عبدالملك حينها، لم يتم العمل بها، بل تم العمل على عكس ما ذكر في خطابه الشهير أمام البرلمان حينها.

الموازنة التي مثلت رواتب القطاع العام فيها 39.33% من النفقات المقدمة في الباب الأول من موازنة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً لعام 2019، ولا يشمل ذلك نفقات الحكومة على الهيئات والصناديق الأخرى التي هي من خارج الباب الأول.

مخالفات بحجم فاشل

 

ظلت حكومة عبد الملك تمارس مهامها في الجانب المالي، بطريقة عشوائية، دون الالتزام بأحكام ومواد القانون المالي، المنظم للعملية المالية وإعداد الموازنات المالية لكل عام. ورغم تقديمها بيان لموازنة مالية العام 2019، إلا أنها لم تلتزم بالبيان المالي لها، خاصة بند المرتبات والأجور.

ومن أهم مؤشرات فساد الحكومة، عدم التزامها بتعهداتها بصرف المرتبات والأجور في موازنة 2019، لجميع  الموظفين في الجمهورية، وظلت تمارس عملية تغييب لمرتبات الموظفين المتواجدين في وحداتهم الإدارية في مناطق الشرعية، لشهور، فيما عمدت إلى عدم صرف مرتبات الموظفين النازحين في مناطق متفرقة، خاصة فئة المعلمين، بحجج واهية، كما ظلت ملتزمة بصرف مرتبات ومستحقات ومكافأة موظفين جديد لا يتواجدون في مؤسسات الدولة وهيئاتها الإدارية وإنما في الفضاء الافتراضي وبمبالغ مالية بالعملات الأجنبية "الدولار والريال السعودي".

 

 من بند إلى بند

تم التلاعب بالصرف وعمل مناقلات البنود الخاصة بالصرف، في مخالفة للقانون المالي الذي ينص في مادته رقم (29) في القانون المالي، على أنه لا يجوز استخدام الاعتمادات المدرجة في الموازنات العامة إلا طبقا للقوانين واللوائح والأنظمة التي تنظم عملية الانفاق، كما لا يجوز وفقا للقانون ذاته في مادته (30) تجاوز الحد الأقصى لاعتمادات النفقات الواردة في القوانين المنظمة للعملية المالية.

 

إيرادات منهوبة

لم تقم الحكومة بأي عمل لتنظيم عملية تحصيل إيرادات الجمارك والضرائب في مناطق الشرعية والمقدرة في المنافذ الحدودية البرية، ومن الموانئ، وكذا عائدات الضرائب المحلية على الخضروات والقات والسيارات وعائدات النفط والغاز، وغيرها.

تشير إحصائية اقتصادية إلى أن منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية يحقق إيرادات سنوية بواقع 367 مليار ريال، تذهب كلها إلى حسابات عناصر الإصلاح، بحكم أن من يشرف على المنفذ القيادي الإخواني هاشم الأحمر، الذي رغم تعيينه خلال فترة من الفترات قائدا للمنطقة العسكرية السادسة في الجوف، إلا أنه رفض تسليم مهامه حتى تم استبادله، وذلك حتى لا يفقد العائد المالي من منفذ الوديعة.

فيما تحدثت مصادر إعلامية يمنية عن حجم إيرادات بقية المنافذ، ومنها منفذ شحن في المهرة مع سلطنة عمان، يحقق عائدات مالية ما بين 7- 10 مليارات ريال يمني سنويا.

فيما تحقق عوائد النفط والغاز في مأرب 5.4 مليار دولار، سنويا، وكلها تذهب إلى حساب الفساد في البنك الأهلي السعودي.

يرى مراقبون اقتصاديون في اليمن، أن الأوضاع كانت مواتية لتفعيل الحكومة للأدوات النقدية والمالية العامة، خلال العام 2019، في ظل الزخم الدولي والدعم الإقليمي خلال تلك الفترة، لكنّ الحكومة لم تقم بأي شيء من ذلك؛ ما فاقم الوضع الاقتصادي، كما نشهده اليوم، على كافة المستويات، وتراجع مستمر للعملة الوطنية.

تحدث تقرير للحكومة صادر عن وزارة التخطيط أن النشاط الاقتصادي انكمش بأكثر من 50%، وتراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي بحوالي ثلثين، فضلا عن قفز الفقر إلى نسبة 80 في المائة.

وتفاقمت المشكلة الاقتصادية، نتيجة الانقسام النقدي والمصرفي الحاصل في البلاد، وحظر الطبعة الجديدة من العملة، منذ أواخر ديسمبر من العام 2019، في مناطق الحوثيين، وتفاقم عمولات التحويل المالي الداخلي، وانهيار أسعار الصرف في مناطق الشرعية، وتصاعد فساد الجهات الحكومية ونهب الإيرادات، التي قدرتها الحكومة في موازنتها في 2019، بقيمة 2.159 تريليون ريال يمني (4.9 مليارات دولار)، بسعر صرف 440 ريالا/دولار واحد، وفق البنك المركزي اليمني.

وكانت لجنة مالية في مجلس النواب، اوصت الحكومة بسرعة إنشاء الوحدات التنفيذية في المحافظات الإيرادية، لكن الحكومة لم تول ذلك اهتماما حتى لا تفقد مصالحها مع الجهات التي تنهب إيرادات الدولة منذ العام 2014.

كل تلك الإيرادات كانت كفيلة بتغطية عجز موازنة 2019، التي تحدثت عنها حكومة الفساد، والتي طالبت بتوفير دعم دولي للموازنة العامة، من صندوق النقد الدولي بواقع 2 مليار دولار للحفاظ على استقرار سعر صرف الريال حينها.

ووفقا لمؤشرات اقتصادية يمنية، فإن الدين العام المحلي ارتفع من 3180 مليار ريال عام 2014 إلى 6019 مليار ريال في يونيو 2019، وبما يمثل 44.5% و 94.1% من الناتج المحلي الإجمالي خلال نفس الفترة على التوالي. وهذا يظهر الزيادة السريعة في حجم وأعباء الدين العام إلى مستويات تنذر بالخطر.

 

 

الحساب الختامي

لم تلتزم الحكومة بعمل أي حساب ختام للموازنة العامة للدولة، أو موازنات القطاعات العاملة في إطارها؛ وهو ما يعد مخالفا لنص القانون المالي الذي اشترط في مادته "67" على قيام وزارة المالية بإعداد الحسابات الختامية للموازنات العامة عن السنة المالية المنتهية، والتي تشتمل على الإيرادات والنفقات الفعلية للموازنات العامة موزعة على الأبواب والفصول والبنود والأنواع والمجموعات والحسابات. كما تشتمل على حسابات التسوية ومرفقات الحسابات الختامية، طبقاً لما تحدده اللائحة التنفيذية، وتعرض الحسابات الختامية للموازنات العامة على مجلس الوزراء، ثم تعرض بعد ذلك على مجلس النواب في مدة لا تزيد على تسعة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية للمصادقة عليها بقوانين.