يمنيات يعانين من سياسة المتمردين الحوثيين المتشددة تجاه النساء
بصوت مرتجف، تروي الشابة اليمنية بلقيس مواجهة حصلت بين مجموعة من النساء كانت هي ضمنها، والمتمردين الحوثيين الذين يفرضون قواعد اجتماعية مشددة على النساء في المناطق الخاضعة لسيطرتهم في اليمن.
كانت الشابة (26 عاما) متوجّهة مع صديقتين لها من العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين إلى مدينة عدن الساحلية في جنوب البلاد التي تتخذ الحكومة اليمنية منها مقرا موقتا. توقفت الحافلة التي كانت تقلهن وكان على متنها مسافرون رجال أيضا عند نقطة تفتيش تابعة للمتمردين، وصعد مسؤول أمني إليها.
وتقول بلقيس -وهو اسم مستعار- لوكالة فرانس برس “كان يتكلم بطريقة سيئة للغاية. وبدأ بتوجيه الأسئلة والتحقيق والصياح على الفتيات”. وتابعت “كانت لديه مشكلة مع طريقة لبسنا. وقال إن ملابسنا قصيرة وملونة، ومخالفة للآداب العامة، وكانت لديه مشكلة أننا مسافرات دون محرم”.
وعلى الرغم من أن اليمن إجمالا بلد محافظ، لكن مرافقة “محرم” للنساء أثناء تنقلاتهن ليس إلزاميا قانونا.
وتقول بلقيس “كان أمرا طبيعيا أن تنتقل الفتيات” بمفردهن في السابق، مضيفة أنها شعرت أن المسؤول الأمني “يقوم بالتحقيق معي وكأنني مجرمة. عندما قلنا له إننا ذاهبات إلى عدن، أجابنا +لا، إن شاء الله ستذهبن إلى الجحيم+”.
وتدور حرب في اليمن منذ 2014 بين المتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران، والقوات الموالية لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وتصاعدت حدّة المعارك في آذار/مارس 2015 مع تدخّل السعودية على رأس تحالف عسكري دعماً للقوات الحكومية.
وتسبّب النزاع بمقتل وإصابة عشرات الآلاف، بينهم عدد كبير من المدنيين بحسب منظمات إنسانية، خصوصا منذ بدء عمليات التحالف ضد المتمردين لوقف تقدّمهم في البلد الفقير المجاور للمملكة الغنية.
في المناطق لخاضعة لسيطرتهم، يفرض المتمردون قوانين اجتماعية صارمة غالبا ما تؤدّي إلى تقييد حرية المرأة في المجتمع المحافظ للغاية.
وينتمي الحوثيون للمذهب الزيدي القريب فقهيا من السنة والذي يعتبر من متفرعات الشيعة.
وقالت مديرة “مركز المرأة والتدريب” في جامعة عدن هدى علي علوي لوكالة فرانس برس الأسبوع الماضي إن الحرب الدائرة في اليمن أدّت الى تراجع في حقوق النساء في كل المناطق اليمنية سواء تلك الخاضة للقوات الحكومية أو للمتمردين، “من الناحية المعيشية وتراجع مستوى التعليم”، و”العنف القائم على النوع الاجتماعي”.
وتقول منظمة “مواطنة” اليمنية غير الحكومية لحقوق الإنسان إنّ الانتهاكات ضد النساء في المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين زادت بدءا من عام 2021.
وتقول بلقيس إن رجل الأمن “اعتبرنا جميعا قاصرات مع أن اعمارنا جميعا فوق العشرين”.
وصادر المسؤول الأمني جوازات سفر الفتيات، واضطررن للتوجه بعدها إلى مركز صنعاء لاستعادتها من مركز أمن تابع للمتمردين.
تتابع بلقيس أنها شعرت ب”الظلم”، موضحة “لا حدود للعيب لديهم”. وتشكو أنه “لا توجد جهة نتوجه بالشكوى إليها. بعد هذا الموقف، كلما أخرج أشعر بأن شكلي خاطىء. لم تكن هذه الأفكار في رأسي من قبل”.
ولم تردّ سلطات المتمردين الحوثيين في صنعاء على طلبات وكالة فرانس برس التعليق.
بالنسبة إلى نورية سلطان، من منظمة “مواطنة”، فإنّ سلطات المتمردين “تتبنى أيديولوجية متشددة تجاه المرأة تحديدا. نستطيع نقول إن وضع النساء في مناطق سيطرة الحوثيين أسوأ بكثير من أي مناطق أخرى”.
ورغم أنّ المجتمع اليمني محافظ جدا، إلا أنّه معروف بحبه للفنون والموسيقى، وكانت توجد فيه قبل الحرب مساحة معينة من الحريات الشخصية.
وتشير سيدات كثيرات في صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة المتمردين إلى تراجع واضح في حقوقهن.
ففي تموز/يوليو الماضي، أصدرت محكمة في العاصمة الخاضعة لسيطرة المتمردين حكما بسجن عارضة أزياء يمنية لمدة خمس سنوات بعدما دانتها بتعاطي المخدرات وممارسة الدعارة، في قضية شابتها انتهاكات، بحسب منظمات حقوقية.
وفي 2020، أغلق عناصر مسلّحون من دون سابق إنذار مقهى للنساء في العاصمة.
وقام مسلحون خلال الفترة ذاتها باغلاق مطاعم يختلط فيها الرجال والنساء، وسار عناصر في مجمّعات مدرسيّة وجامعيّة ليتأكدوا من التزام الطلاب بملابس معيّنة.
وتقول امرأة مقيمة في صنعاء “كانت لدى المرأة اليمنية مكانتها في المجتمع والقبيلة. ولا يستطيع أي شخص أن يمسّ بها، أما في زمن الحوثيين، فأصبحت المرأة تتعرّض للضرب والسجن والإهانة”، متابعة “لا تستطيع القبيلة ولا المجتمع الدفاع عنها”.
وترى سيدة أخرى مقيمة في صنعاء رفضت أيضا الكشف عن اسمها أن المتمردين “يريدون العودة بالنساء اليمنيات إلى عهد الجاهلية”.
وتتابع “لا يوجد فرق بينهم وبين داعش من حيث التعامل مع المرأة”.