الإنسان العربي .. والإسقاط السياسي والموقفي السلبي ..!!

12:30 2022/03/09

تتحدد مواقف الإنسان تجاه القضايا المختلفة وفقاً لمصالحه واستجابةً لحاجاته النفسية والمعنوية ، فالإنسان المتشدد دينياً يحدد موقفه بما ينسجم مع نزعته الدينية المتشددة ، وبما يلبي حاجاته النفسية المتطرفة ، فقد يرى في القتل وسفك الدماء جهاداً مقدساً ، والإنسان المادي النفعي يحدد موقفه بما يلبي إشباع حاجاته المادية وغرائزه الحيوانية ، فقد يرى في الاعتداء على بلاد الآخرين ونهب ثرواتهم أمراً طبيعياً أقتضته الضرورة ، والإنسان العنصري يحدد موقفه بما ينسجم مع نزعته العنصرية ، فقد يرى في اضطهاد الآخرين ومصادرة حقوقهم وحرياتهم واستعبادهم أمراً عادياً إقتضاه التسلسل الطبقي والإصطفاء الإلهي والتمييز العرقي ، وهكذا ..!! 
 
وكذلك الحال يكون حال الإنسان الواقع تحت براثن الظلم والاستبداد أو الاحتلال أو العدوان ، فمواقفه الطبيعية يجب أن تكون رافضة للظلم والاحتلال والعدوان ، ومناصره للحق والحرية والاستقلالية ، ويجب أن يكون دائماً في صف المظلومين وضد الظالمين ، وفي صف المستضعفين وضد الطغاة ، وفي صف المدافعين وضد المعتدين ، فهذه هي المواقف العقلانية والايجابية ، لكن ليس من العقل والمنطق أن إنسان يعيش تحت الاحتلال ويعاني مرارته ومآسيه ، ويقف في صف قوى استعمارية تسعى لإحتلال بلاد أخرى ، فلا يوجد شيء يمكن أن يبرر استعمار الأوطان المستقلة ، وليس من العقل أن إنسان يعيش مظلومية العدوان عليه ويقف في صف قوى معتدية في أماكن أخرى ..!! 
 
الشاهد مما سبق ..... 
كم يصاب الإنسان بالصدمة وهو يشاهد مواقف بعض الفلسطينيين المحتلة بلادهم ، وهم يقفون اليوم في صف روسيا ، التي تقوم باحتلال دولة أوكرانيا المستقلة ، ويقفون ضد الأوكرانيين الذين يدافعون عن بلادهم ضد الاحتلال الروسي ،  وكم يصاب الإنسان بالذهول وهو يشاهد الكثير من العرب الذين يرفعون مظلومية العدوان على أوطانهم من قوى خارجية ، وهم يقفون اليوم في صف المعتدي الروسي على الشعب الأوكراني ، ويبررون للمعتدي الروسي عدوانه ، ويقفون ضد الشعب الأوكراني المدافع عن وطنه ..!! 
 
وهكذا مواقف سياسية متناقضة مع واقعنا العربي ، ومتعارضة مع مظلوميتنا العربية ، ليست مواقف صائبة ، يجب أن تكون مواقفنا دائما ضد الاحتلال بكل أشكاله وأنواعه ، فليس هناك إحتلال حرام واحتلال حلال ، ويجب أن تكون مواقفنا  ضد التدخلات الخارجية السلبية في الشأن الوطني الداخلي ، ومع سيادة الأوطان وحقها في الاستقلال والعيش في سلام ، فليس هناك تدخل خارجي جائز وآخر حرام ، فالسيادة والاستقلالية الوطنية لا تتجزأ ..!! 
 
وبذلك وبحسب القانون الدولي فإن ما تقوم به روسيا من أعمال عسكرية داخل الأراضي الأوكرانية ، هو إحتلال مباشر وانتهاك صارخ لسيادة واستقلال جمهورية أوكرانيا المستقلة ، وهو بمثابة عمل عدواني يخالف القوانين الدولية ، ويعرض الأمن والسلم الدوليين للخطر ، وليس هناك أي عذر يمكن أن يبرر لروسيا ما تقوم به من القتل والخراب والدمار وتشريد الملايين من منازلهم ، سوى غرور القوة والرغبة في المزيد من الهيمنة والتوسع مثلها مثل بقية الدول الاستعمارية والتوسعية ، ومن يبرر حرب روسيا ضد أوكرانيا فإنه يبرر سفك دماء المدنيين الأبرياء وتدمير المدن الآمنة وهدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها وتشريد ملايين الأطفال والنساء ، وفي الحقيقة لا يوجد هناك أي مبررات للحرب في أي مكان في العالم سوى الأطماع التوسعية والاستعمارية سواء كانت مغلفة بغلاف ديني أو قومي أو إيديولوجي أو عنصري أو جغرافي أو أمني الخ ..!!