النظام الدولي والتباس مفهوم الشرعية الدولية
النظام الدولي والتباس مفهوم الشرعية الدوليةالنظام الدولي والتباس مفهوم الشرعية الدولية ..
سواء أسميناه نظاما دوليا جديدا أم وضعا دوليا جديدا،فهناك واقع دولي مغاير للواقع الذي ساد ما بين نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية التسعينيات.جديد هذا الوقع ليس فقط انهيار احد القطبين المؤطرين للنظام السابق ،ولكن أيضا تحولات عميقة مست المنظومات الإيديولوجية والاقتصادية والثقافية التي كان يشتغل عليها النظام الدولي المنهار،ومست أيضا موازين القوى على المستوى العالمي.وحيث لا يمكن فصل القانون عن الاقتصاد والسياسة وموازين القوى السائدة في عالم تتداخل فيه المصالح وتتلاشى فيه الحدود،فان المنظومة القانونية والقيمية الدولية (الشرعية الدولية )تأثرت بشكل كبير بهذه التحولات وهو ما يصطلح عليه اليوم بأزمة الشرعية الدولية أو ازدواجية المعايير في التعامل مع الشرعية الدولية.
وحيث إن الشرعية الدولية في ابسط معانيها هو توافق الممارسة الدولية – علاقات الدول بعضها ببعض- مع القانون والاتفاقات والأعراف الدولية ،فأن ما يجري اليوم هو محاولة الولايات المتحدة الأمريكية فرض ممارسات دولية تضرب بعرض الحائط مرتكزات الشرعية الدولية السابقة وفرض شرعية جديدة تعكس وتعبر عن الموازين الجديدة للقوى المتسمة بالهيمنة الأمريكية المتجهة نحو تسخير المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة وسياسات ومصالح الدول بما يخدم المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة.وكان الشرق الأوسط من خلال مشكلتي العراق وفلسطين هو حقل التجارب الأول لاختبار هذه الشرعية الجديدة من خلال احتلال العراق تجاوزا للأمم المتحدة، وفرض حل على الفلسطينيين تجاوزا لقرارات الشرعية الدولة بهذا الشأن كالقرارات 181، 194 ،242 و 338، وهذا ما تجلى في ورقة الضمانات الأمريكية التي قدمه الرئيس بوش لرئيس الوزراء الإسرائيلي شارون خلال زيارة هذا الأخير لواشنطن يوم 15 أبريل 2004.
هذا البحث هو مقاربة علمية للتحولات التي طرأت على النظام الدولي ما بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وانعكاسات هذه التحولات على الشرعية الدولية –مفهوما وممارسة- وخصوصا في تعاملها مع قضايا الصراع في الشرق الأوسط قضيتي فلسطين والعراق.