Image

«طه حسين.. وجوه متعددة للعقل»

 

نظم مجلس شما بنت محمد للفكر والمعرفة، بالتعاون مع مركز أبوظبي للغة العربية، ضمن برنامج «بصيرة العقل»، ندوة ثقافية بعنوان «طه حسين، وجوه متعددة للعقل»، احتفاءً باختيار د. طه حسين عميد الأدب العربي شخصية رئيسة لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب 2022، وذلك بحضور ومشاركة الشيخة د. شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، التي قدمت مشاركة بعنوان «تجربتي مع طه حسين»، كما شارك د. حسين حمودة بورقة بحثية عنوانها «معارك طه حسين الفكرية - قضايا عابرة للزمن»، ود. سهير المصادفة بورقة عنوانها «تأثير طه حسين في نهضة الرواية العربية – الأيام نموذجاً»، في حين ناقشت د. هويدا صالح «طه حسين بين نقد التراث والانتصار له»، فيما أدار الجلسة الكاتب وليد علاء الدين.

قالت الشيخة د. شما بنت محمد بن خالد: ذلك الفتى الصغير طه حسين لم يدرك عند اللحظة التي أظلمت فيها عيناه تحت وطأة الجهل والخرافة، بأن تلك الظلمة هي بوابة النور التي غمرت بصيرته بالفكر والمعرفة والعلم وقبلها بالشغف والإرادة، مشيرة إلى أن طه حسين واحد من المفكرين والأدباء العرب الذين أثاروا الجدل والصراع الفكري ما بين النخب المثقفة وبين حراس الجمود التراثي، منذ دراسته في الأزهر الشريف وحتى اليوم بفكره الحي بين صفحات كتبه التي تركت أثراً واضحاً بالثقافة العربية والإنسانية.

وتحدثت الشيخة د. شما عن تجربتها الخاصة مع عميد الأدب العربي، قائلة: حين بدأت خطواتي الأولى في عالم القراءة والمعرفة، مدفوعة بشغف التعرف على العالم، التقيت مع فكر طه حسين في ذاك الوقت، حيث تشبعت ببعض الأفكار والاتهامات المعلبة في كتابات الكثير من حراس التجمد التراثي، المضادة لفكره، فصدمتني بعض الأفكار التي كانت تسكن كتبه متأثرة بالأحكام المسبقة، فشعرت بالخوف من كتاباته الفكرية، واكتفيت بقراءة أعماله القصصية كـ«دعاء الكروان»، وغيرها.

واستطردت الشيخة د. شما: حين كنت أقوم بالإعداد لرسالة الدكتوراه اطلعت على دراسة طه حسين لفكر ابن خلدون، وكنت مدفوعة بشغف المعرفة المتراكم بعقلي، فوجدت في نقد طه حسين لمقدمة ابن خلدون رحلة فكرية عميقة، حمستني للتعمق في عالمه، فالتقيت مع أهم ما كتب، وهو كتاب «في الشعر الجاهلي» والذي خاض بسببه معركة حامية في القرن الماضي مع حراس التراث. وأكدت الشيخة د. شما أنه من هنا بدأت تجربة التغيير بعد أن قرأت الكتاب، وتعلمت كيف أفكر متجردة من الكثير من المسلمات والأحكام المسبقة، فأدركت قيمة ما قدمه من فكر، وأنه يريد إحياء التراث العربي بصورة علمية بحثية تعيده إلى الحياة، وتستعيد الثقافة العربية قيمتها بروح عصرية. بينما قدم ضيوف الندوة حواراً فكرياً رصيناً، بطرحهم حول سيرته الحافلة ومعاركه ومحنته التي كانت سبباً لصبره وقوته، ودوره في إعادة النظر للتراث بعين النقد العقلاني، مؤكدين أن د. طه حسين سيظل علامة بارزة ونبعاً متجدداً لكل الدارسين عبر الأجيال.