Image

زيارة اردوغان للأمارات .. تفتح آفاق ابعد من الاقتصاد لضمان أمن المنطقة

عقدت في العاصمة الإماراتية أبوظبي، اليوم، مباحثات رسمية بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تناولت العلاقات الثنائية والآفاق الجديدة الواعدة للتعاون بين البلدين، إضافة إلى مجمل القضايا والتطورات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين.

وكان الرئيس التركي وصل الإمارات، اليوم، في زيارة رسمية تستمر يومين؛ حيث جرى له استقبال رسمي على أعلى المستويات لدى وصوله مطار الرئاسة في أبوظبي.

وذكرت مصادر إعلامية إماراتية، ان المباحثات بين الجانبين في قصر الوطن في أبوظبي، تعطي دفعاً قوياً لمسار تعزيز التعاون وبناء مرحلة جديدة مزدهرة من العمل والشراكات التي تصب في مصلحة البلدين وشعبيهما وجميع شعوب المنطقة.

واستعرض الجانبان فرص التعاون المتنوعة المتاحة في البلدين، خاصة في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والتنموية .. بجانب الزراعة والأمن الغذائي والصحة والتكنولوجيا والابتكار ومشاريع الفضاء والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، والتي لها أولوية كبيرة ضمن الأجندة التنموية الإماراتية وغيرها من القطاعات التي يرتكز عليها تحقيق التنمية المستدامة والتقدم في البلدين.

ووفقا للمصادر، فان الجانبين تبادلا وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والتطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، مؤكدين في هذا السياق توافق رؤى البلدين بشأن أهمية دعم الجهود والحلول السلمية الرامية إلى تعزيز الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، والتي تشكل ركائز أساسية للتعاون والتنمية والتقدم نحو المستقبل الذي تتطلع إليه شعوبها ودولها.

من جانبه، قال عبد الله بن طوق المري، وزير الاقتصاد الاماراتي، إن العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وتركيا قوية وراسخة، موضحاً أنها استمرت في التطور برغم المتغيرات المختلفة التي شهدتها المنطقة والعالم، مشيرا إلى أن أبوظبي هي الشريك التجاري الأول لأنقرة في المنطقة العربية.

وتوقع المري أن يشمل التعاون الاقتصادي بين الإمارات وتركيا خلال المرحلة المقبلة كل المجالات التي تخدم المصالح المشتركة وتحقق المنفعة المتبادلة، لافتاً إلى أن زيارة أردوغان ستعطي دفعة قوية لتسريع وتيرة التعاون بين البلدين على مستوى القطاعين العام والخاص.

وأضاف: "سيتم توقيع أكثر من 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم حول التعاون في مجالات عديدة، من بينها: الصحة وعلوم الحياة، والصناعات المتقدمة، والنقل البري والبحري، والزراعة، والتبادل الثقافي، وتمكين الشباب، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات".

وذكر أن الإمارات هي واحدة من أكبر 15 مستثمراً في تركيا، حيث بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر 15 مليار دولار أمريكي اعتباراً من عام 2020، وفي الوقت نفسه بلغت الاستثمارات التركية في الإمارات 310 ملايين دولار أمريكي في عام 2019، منوهاً بأنه تم توقيع 10 اتفاقيات في مجالات الطاقة والتمويل والتجارة خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا العام الماضي.

وتابع أن الإمارات أنشأت صندوقاً بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات الإستراتيجية في مجالي الطاقة والصحة في تركيا، معرباً عن مدى حرص البلدين على توسيع التبادل التجاري والاقتصادي في الفترة المقبلة، مع التركيز على فرص الاستثمارات.

وأعرب عن اعتقاده بأن هذه الرؤية مشتركة بين الإمارات وتركيا، وأن الإمارات حريصة على توسيع شراكتها مع تركيا في مختلف المجالات الحيوية إضافة إلى قطاع الدفاع.

وأكد المري "سعى الإمارات لتعزيز علاقاتها مع تركيا سياسياً واقتصادياً، مع التركيز أيضاً على الاستثمار، ومن خلال هذه الزيارة والزخم الذي سينتج عنها نتطلع إلى تعزيز التبادل التجاري والتعاون المشترك في قطاعات اقتصادية جديدة تعود بالنفع على اقتصادات البلدين والمنطقة ككل".

وبيَّن أن القيمة الإجمالية للتجارة غير النفطية بين الإمارات وتركيا بلغت 13.7 مليار دولار أمريكي في 2021، بزيادة قدرها 54 في المائة عن 2020، وزيادة بنسبة 86 في المائة عن 2019.

وذكر أنه في ضوء التغيرات العالمية الكبرى، أصبح من المهم تشكيل إجماع إقليمي أكبر يضمن السلام والاستقرار ويعود بالنفع على دول المنطقة، موضحاً أنه لا يمكن للمنطقة أن تتحمل المزيد من الاستقطاب والمواجهة، كما أن العقود المقبلة تتطلب المزيد من التواصل والتكامل والتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والصحية، ومجال الأمن الغذائي على وجه الخصوص.

وخلال الفترة الماضية، ثار جدل واسع حول مستقبل العلاقات الخليجية التركية، على خلفية الفوضى التي شهدتها بعض الدول العربية فيما سمي "الربيع العربي"، والتي كانت تركيا وقطر الطرف الممول والداعم لتلك العمليات المزعزعة لأمن المنطقة.

ومع زيارة ولي عهد ابوظبي إلى انقرة في نوفمبر الماضي، زاد ذلك الجدل حول مستقبل تطبيع العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي، وشغل الرأي العام العالمي، الذي تسائل عن  انعكاس تلك العلاقات الاقتصادية على القضايا السياسية والأمنية من عدمه.

ونقلت وكالة الأناضول التركية عن محللين اتراك، قولهم، إنه ليس من السهل الإجابة على تلك التساؤلات،  لكن يمكننا القول إن دول المنطقة ستحظى باستقلالية ومبادرة أكثر، في ظل التحولات الجارية في المحاور، بين أمريكا والصين، وروسيا والناتو، وأوروبا وروسيا.

ونقلت الوكالة عن الدكتور في جامعة إسطنبول يسل كورت، أن من المفيد الإشارة هنا إلى مقالة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل زيارته للإمارات التي قال فيها: "حان وقت اتخاذ المبادرة"، بالإضافة إلى الدعوات التي تقوم بها الدول الأخرى في هذا الاتجاه من الأبواب الخلفية، للعمل على التغيير.

وبالنظر إلى الإرادة السياسية الواضحة للاتجاه نحو التقارب بين تركيا والإمارات، فلن يكون مفاجئاً انعكاس ذلك التقارب على الملفات الأخرى. ولهذا، ليس من الضروري تفكيك كافة الأزمات بين تركيا والإمارات، وليس من الصواب توقع ذلك.

وتابع: على سبيل المثال، يمكن للخلاف في الملف الليبي أن يستمر. ولا يعني ذلك عدم زيادة التعاون الاقتصادي، وانعكاسه على الملفات السياسية والأمنية. وحين ننظر من الناحية الاقتصادية، يمكن توقيع اتفاقيات إضافية علاوة على الاتفاقيات الموقعة في هذا الاطار.

وأوضح أنه رغم أن القضايا الأمنية سوف تتشكل بناء على توازنات حساسة، يمكن التقدم بخطوات متفرقة في هذه المساحة. وسوف ترغب الإمارات أيضاً في الاستفادة من التقدم التركي في قطاع الصناعات الدفاعية.

ولن يكون مفاجئاً إذا رغبت الإمارات في الاستثمار في هذا القطاع أو شراء معدات وأسلحة، وعلى رأسها الطائرات المسيرة.

واختتم بالقول: ولهذا، ليس من الضروري تشكيل رؤية أمنية مشتركة بين تركيا والإمارات، وباختصار فإن التقدم بخطوات في الملف الأمني، سوف يرتبط بما ستتشكل عليه ديناميكيات الوضع الإقليمي.