الرقص كوكباني.. والإيقاع إخواني

12:33 2020/07/16

منذ نحو عامين، تخلى العميد أحمد الكوكباني قائد اللواء الأول تهامي، عن القتال في جبهات الساحل الغربي إلى جانب المقاومة الوطنية- حراس الجمهورية، وألوية الزرانيق، وألوية العمالقة الجنوبية، ضد ميليشيا الجماعة الحوثية، التي طالما دعت الكوكباني إلى العودة إلى حضن الوطن، الذي هو حضنها في الأساس.. 
 
حضنها الذي بات يتسع كثيراً لقيادات حزب الإصلاح التي تركت الجبهات الشمالية والوسطى، ورجعت إلى صنعاء تحلف أيمانًا غليظة أن معظم أعضاء حزب الإصلاح مع السيد عبد الملك قلباً وقالباً، وأن السعادة تغمر قلوبهم كلما سمعوا أن أنصار الله! أطلقوا صاروخاً ليضرب السعودية في العمق.. 
 
أما الكوكباني فلم يظهر -والحق يقال- أي رد فعل لمغازلة الجماعة الحوثية له، فهو يخضع خضوعاً تاماً لتوجيهات الشرعية، ولجماعة الإخوان المسلمين- حزب الإصلاح، محتفظاً بخبرته الجيدة في المراوغة، واستغلال الفرص لتحقيق طموحاته الشخصية والعائلية، دون أن يحول الخضوع بينه وبين التمرد على قرارات الشرعية نفسها كلما دعت الحاجة.
 
سحب الكوكباني أفراد اللواء من الجبهة، وصيَّر جزءاً منه حرساً شخصياً له، وجزءاً آخرَ للسيطرة على إدارة أمن مديرية الخوخة، ولبسط النفوذ في مدينتها الرئيسة.. ونتيجة مباشرة لذلك غدت المدينة وضواحيها وساحلها أكثر المناطق التهامية موضوعاً للسطو، والتملُّك غير المشروع للأراضي، والاستيلاء على المباني الحكومية، كما أضحت الخوخة مسرحاً مفتوحاً للجريمة، وأصبح الصيادون والتجار موضوعاً للسلب والنهب، فضلاً عن تشاركهم الظلم مع بقية المواطنين الفقراء، والنازحين الملهوفين.
 
منذ أشهر ظل الكوكباني يقاوم ضغوطاً من جهات متعددة: فمن جهة هو مطالَب من قبل محافظ المحافظة الدكتور الحسن ظاهر، ومدير عام أمن المحافظة العميد نجيب ورق، بتسليم مبنى إدارة أمن المديرية لقيادة السلطة المحلية في المحافظة، أسوة ببقية المديريات المحررة التي عينت لها قيادة المحافظة مسؤولين أمنيين ورجال شرطة، وترى أنه من غير المبرَّر أن تكون الخوخة هي الاستثناء من بين المديريات المحررة.. ومن جهة تطالبه قيادة العمالقة بضرورة عودة اللواء العسكري الأول تهامي إلى جبهة القتال ضد ميليشيا الجماعة الحوثية وترك المسألة الأمنية لأهلها المتخصصين.. ومن جهة ثالثة هناك سكان الخوخة الذين أصبحوا يضجون بالشكوى من المظالم والسلب والنهب وتفشي الجرائم.
 
فكّر الكوكباني في كيفية التخلص من كل هذه المطالب أو الضغوط، فهداه تفكيره الأخرق إلى تجميع عدد لا بأس به من أفراد اللواء الأول تهامي، وجعلهم يظهرون بثياب المدنيين، ولزيادة العدد جلب أولئك معهم عائلاتهم.
 
حضروا في اليوم الموعود، وهو يوم الاثنين الماضي، إلى أمام مبنى إدارة أمن مديرية الخوخة التي يسيطر عليها قائدهم.. وقبل ذلك زودهم بلافتات كُتبت له من قبيل: أمن تهامة للتهاميين، أمن الخوخة مسؤولية اللواء الأول تهامة واللواء التاسع عمالقة تهامية (قائد اللواء التاسع عمالقة تهامية نفى مشاركتهم في المظاهرة، وحذر من المشاركة فيها تجنباً للفتنة).
 
كان مطلب تلك الجموع المدنية المحتشدة هو الإبقاء على سيطرة اللواء العسكري التابع للكوكباني على الخوخة، وعدم تسليم إدارة أمن المديرية للسلطة المحلية، وهو مطلب عجيب، بل مطب وضعه الكوكباني لنفسه.. لذلك رأينا متظاهرين مدنيين يطالبون بعسكرة الأوضاع المدنية!!
 
في نهاية المطاف لم تنجح رقصة الكوكباني لابتزاز محافظ الحديدة ومدير أمنها، أو قل لم يكسب من تمثيلية المظاهرة الشيء الكثير، سوى الإفلات من مطلب قوات العمالقة بضرورة عودة اللواء الأول تهامي إلى جبهة القتال، وترك القضايا الأمنية والعدلية للمعنيين في سلطتي الأمن والقضاء.
 
بعد النكير التهامي الواسع على تمرُّد الكوكباني على ممثلي الحكومة الشرعية، وبعد افتضاح الهدف من تلك المظاهرة اللحظية، قيل إن أقصى ما تذهب إليه أماني الكوكباني للاحتفاظ بنفوذه ومصالحه، هي أن يقع اختيار محافظ محافظة الحديدة ومدير عام أمنها، على العقيد عادل كعلان، وذلك حين يتوافقان على قرار تعيين مدير أمن لمديرية الخوخة.. ولا نظن أن هذا المكسب قد تحقق تماماً، لأن المؤهل الوحيد الذي يحمله العقيد عادل كعلان هو أنه زوج ابنة الكوكباني، ويدرك الحسن طاهر ونجيب ورق أنه لم يتخرج من أي كلية شرطة، حتى إنه ظهر مرة وعلى كتفيه رتبة العقيد، ولكنها وضعت بالمقلوب حيث منقار النسر متجه إلى وراء صاحب الرتبة، خلافاً للتقاليد العسكرية المحترمة!
 
كانت تلك أهداف الكوكباني التي أراد الوصول إليها من خلال الرقصة المثيرة للسخرية.. على الرغم من أنه حشد لها مكبرات صوت كثيرة، فقد بعثت وسائل إعلام الإخوان مبعوثيها إلى الخوخة لينقلوا الرقصة بإيقاعهم المختلف، فصار الخبر في قنوات ومواقع حزب الإصلاح، كما في مارب برس، يمن شباب، بلقيس، تعز أونلاين، المهرة بوست، الجند بوست، أخبار اليمن الآن، وفي قناة الجزيرة أيضاً خبراً واحداً موحداً، وهو أن مظاهرة حاشدة في مدينة الخوخة لرفض محاولات قوات طارق صالح، المدعومة إماراتياً السيطرة على إدارة أمن الخوخة! والتمسك ببقاء أمن الخوخة تحت سلطة اللواء الأول تهامي! وطالبت الحشود الهائلة برحيل قوات عفاش من الخوخة.. وعن وسائل الدعاية الإخوانية هذه أخذت وسائل إعلام الجماعة الحوثية نتفاً من هنا وهناك وفبركت خبراً يشوه سمعة الإصلاح والكوكباني وطارق معاً.. ولكن سرعان ما فقدت العلكة الإخوانية حلاوتها، وتفككت الحبكة الحوثية.. فكل تلك القنوات الفضائية، والصحف الإلكترونية، والفسبكات والتغريدات التي لاكت العلكة أو الكذبة الإخوانية، هزمها التهاميون من تلقاء أنفسهم.. هزمها قادة عسكريون في لواء الكوكباني عينه، وقادة عمالقة، وقيادات محلية معتبرة.. مثالاً لذلك: العميد فاروق الخولاني من لواء الكوكباني، اللواء هاشم الخبتي المسئول عن الحالة الأمنية في الخوخة، العميد يحيى وحيش قائد اللواء التاسع عمالقة تهامية، عقيد بحري عبد الجبار الزحزوح مدير عام خفر السواحل في قطاع البحر الأحمر، العميد زايد منصر مدير عام مديرية بيت الفقيه، حسن هنبيق مدير عام مديرية التحيتا... والقائمة تطول، حتى يمكنك القول إن العميد طارق عفاش قائد المقاومة الوطنية- حراس الجمهورية، قد فوجئ بسعة وقدرة هذه الهبَّة التهامية الصادقة، في مواجهة أكاذيب الإخوان المسلمين.. وزيادة على من ذكرنا كان هناك العقيد أحمد غانم، نائب مدير عام إدارة الأمن في محافظة الحديدة، الذي اختصر كل ما قال التهاميون، بقوله: إن ما جرى في مديرية الخوخة يوم الاثنين، محاولة مفضوحة للهروب من الامتثال للنظام والقانون، من قبل الذين يعارضون تسليم إدارة أمن الخوخة إلى قيادة شرطة محافظة الحديدة المعينة من الحكومة الشرعية.