وقفات كورونية

03:39 2020/03/14

فيروس كورونا أو كوفيد 19، الذي ظهر في الصين أواخر العام 2019، قتل خمسة آلاف وأربعين إنساناً، وأصاب أكثر من 134300 آخرين في 121 دولة، حتى يوم الجمعة الأخيرة.. وقد وصل إلى جيراننا في عمان والسعودية والإمارات وقطر والبحرين، وموجود في بلدان عربية أخرى يذهب إليها اليمنيون ويرجعون مثل مصر والسعودية.. وعندنا يتعامل معظم الناس بخفة مع هذه الجائحة، ويسخر ظرفاء، مثل ذلك الذي بشَّر الفيروس بالمصير نفسه الذي تلقاها حشرة الجراد أول ما تدخل حدود اليمن.. بينما الأمر خطر يا قوم، وخاصة أن عاداتنا اليومية يمكن أن تؤدي إلى انتشار الفيروس بسرعة الريح.. نتجمع في كل مكان، حول موائد الأكل، وحول أمين الصندوق، وفي الأسواق، ويرقد خمسة أولاد مع الأم والآب في غرفة واحدة.. فإصابة واحدة في اليمن يمكن أن تنتقل إلى عشرة خلال ربع ساعة.. لذلك علينا ترك المزاح مع هذه البلية التي يسمونها كوفيد19، وأن نعوض تقصير الحكومتين الساقطتين باحترازات شخصية وعائلية أينما كنا، وينبغي أن نتبعها منذ الآن.
 
،،،
 
قبل كتابة هذه الكلمات، كان أحد الشباب يصلي العصر قربي، وحينما انتهى قال له خفيف دم: ما زلت تتوجه في صلاتك نحو الكعبة؟ ألم تسمع في الأخبار أنهم قد قفلوها؟!
 
هذه أيضاً مزحة سخيفة.. وقد قرأنا كتابات من هذا القبيل كتبها كارهون للسعودية، بدليل أنهم لم يُعلِّقوا على إيران التي تدَّعي أنها سيدة الإسلام في هذا العصر، بعد أن أقفلت مساجدها، وألغت صلاة الجمعة التي كانت تعني كثيراً للملالي هناك، وفي العراق حظر رجال الدين الشيعة الزيارات الدينية للأماكن المقدسة التي كان يقيم فيها الشيعة حجاً واحداً كل ثلاثة أيام.
 
إنَّ الإجراءات التي أقدمت عليها السعودية مثل وقف العمرة، لضمان الصّحة العامة هي إجراءات صحيحة، وحتى تلك التي فعلتها إيران والعراق هي أيضاً صحيحة.. وإذا كان رجال الدين الشيعة، وكذا رجال الدين في منظمة العالم الإسلامي، وفي رابطتهم، وفي الأزهر، وفي هيئة كبار العلماء في السعودية، قد سوَّغوا تلك الإجراءات تسويغاً شرعياً بأثر رجعي، فهذه زيادة لا تحتاج إليها الهيئات الحكومية المعنية بالأمن والصحة العامة، إلا لإقناع المتدينين دون علم ديني صحيح، ودون معرفة علمية.
 
،،،
 
يأتي خفيف عقل يسخر قائلاً: قالوا منعوا الحج والعمرة هذه السنة، ما بش خبر بشأن أيش قرروا بالنسبة للصوم والصلاة.. وفعلاً قد أفتى رجال دين بمنع الصلاة، لكن صلاة الجمعة والجماعة فقط؛ لأنها تتألف من جموع بشرية هائلة، تماماً كما منعت السُلطات الأمنية والصّحية في بلاد مختلفة الحفلات في الصّالات الكبيرة، مثل حفل زواج أو الاحتفالات التي تقام لمناسبات أخرى في الفنادق أو غيرها.. ويأتي واحد جاهل، يقول لك انظر ماذا يفعل علماء السّلاطين، إنهم يفتون بتحريم صلاة الجمعة والجماعة، بدعوى تجنب انتشار كورونا.. وهذا نفسه لا يصلي جمعة ولا جماعة، ولا منفرداً، وأزعم أنه لو كان مصلياً لكان أول من يضحّي بصلاته خوفاً من كوفيد19.
 
،،،
 
أخمّن أنّ المسجونين هذه الأيام يقرأون بمختلف اللغات، عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم.. فقد نزل كوفيد19عليهم بالبركة والحُريّة، حيث أعتقت دول مثل أميركا وإيران والصين وحتى البحرين كثيراً من المسجونين، وأخرجتهم من السجون خوفاً من كورونا، أو كوفيد19.