لقاء الأحمر والمسوري وفبركات الحوثي.. تعاون هدفه طمس قضة تفجير جامع الرئاسة
لم يكن اللقاء الذي جمع القيادي في إخوان اليمن (حزب الإصلاح) حميد الأحمر والمحامي محمد المسوري الذي كان أحد فريق المحامين المترافعين في قضية تفجير جامع الرئاسة الإرهابية، والذي تزامن مع تعمد مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، اختلاق ادعاءات ومزاعم عن وقوف الرئيس السابق الشهيد علي عبدالله صالح ونجل شقيقه عمار صالح وراء تفجير منظومة دفاع جوية في العام 2004م ونشرها بالتزامن مع ذكرى وقوع جريمة تفجير جامع الرئاسة في أول جمعة من رجب الحرام مسألة مصادفة عادية، بل كان تعاوناً مخططاً ذا أهداف مشتركة بين الطرفين.
تعد جريمة تفجير جامع دار الرئاسة الإرهابية التي استهدفت الرئيس السابق الشهيد علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية آنذاك وكبار قيادات الدولة إحدى أبرز جرائم الإرهاب التي شهدتها اليمن خلال العصر الحديث وكشفت في الوقت نفسه عن تورط القوى المعارضة للرئيس السابق صالح وحكومته في تنفيذ الجريمة ومباركتها والسعي لإغلاق ملفها تماما.
الجريمة الإرهابية التي ارتكبت بالتزامن مع تصاعد حدة الأزمة السياسية في العام 2011م بين الحكومة وأحزاب المعارضة التي كان يقودها الإخوان المسلمون في اليمن (الإصلاح) وإلى جانبهم الحوثيون الذين كانوا جميعاً يقودون مظاهرات الفوضى المطالبة بإسقاط النظام هدفت إلى إسقاط النظام برمته خصوصا بعد أن فشلت تلك القوى في إسقاط الدولة ومؤسساتها طيلة أربعة أشهر من خروجهم إلى ساحة الجامعة.
ومع أن مليشيات الحوثي حاولت النأي بنفسها عقب تنفيذ الجريمة وتركت الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) يظهرون كمسؤولين عن الجريمة، إلا أن الهدف المشترك للطرفين النقيضين بالسعي لاغتيال صالح وأركان حكمه كان شيئا متفقا عليه بينهما وإن كان الإخوان هم من تولوا مسؤولية التنفيذ للجريمة، لكن موقف المليشيات الحوثية المبارك للجريمة والمساند لها تبين أكثر بعد مرور قرابة عقد من الزمن من خلال اتفاق وتوافق الطرفين، الإخوان المسلمين ومليشيات الحوثي، في التعاون لطمس معالم القضية المنظورة أمام القضاء ومحاولة إغلاق ملفها نهائيا من خلال تهريب المتهمين الرئيسين الخمسة بتنفيذها.
من التآمر الخفي إلى التعاون العلني
ومع أن الإخوان والحوثيين يحاولون إظهار أنهم على النقيضين بالنظر إلى الخلافات المذهبية والفكرية بينهما إلا أن أهدافهم المشتركة في إسقاط نظام صالح وتدمير مؤسسات الدولة والاستئثار بالسلطة والحكم كان كفيلا بإظهار اوجه كثيرة من التعاون والتقارب والتفاهمات التي تجمع الطرفين سرا وعلانية والتي بدأت مع أزمة العام 2011م حيث عمد الإخوان إلى تقديم الاعتذارات للمليشيات الحوثية وأفسحوا لها المجال لمشاركتهم ساحة التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام، وحاولوا تبرئة ساحتهم من حروب الدولة ضد تمرد المليشيات حتى وصل الأمر بقياداتهم إلى الاعتذار الشخصي من قياداتهم للحوثيين وإلى تبني الحكومة التي كان يرأسها الإخوان لبيان اعتذار رسمي للمليشيات الحوثية عن حروب الدولة ضد تمردها، وانتهاءً بسياسة الحياد التي واجهت بها سلطة الإخوان تنفيذ المليشيات الحوثية لمشروع إسقاط مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية وانقلابها في سبتمبر2014م، حيث ظل الإخوان يرمون بالمسؤولية على الرئيس صالح ويحملونه مسؤولية تعاونهم الخفي مع المليشيات الحوثية لا لهدف سوى اتفاقهما ضد صالح والمؤتمر الشعبي العام.
ومع أن الإخوان المسلمين انضموا إلى صف التحالف العربي الذي شن حربا ضد انقلاب مليشيات الحوثي إلا أن التعاون الخفي بين الطرفين ظل يأخذ مجراه بصور عدة لعل أبرزها عملية التبادل للأسرى بين الطرفين بعيدا عن الاتفاقات والتفاهمات الرسمية التي وقعت خلال المشاورات التي تمت برعاية الأمم المتحدة في جنيف والكويت والسويد.
وجاء ت عملية إفراج المليشيات الحوثية عن المتهمين الخمسة الرئيسين في تنفيذ جريمة تفجير جامع دار الرئاسة لتكشف عن مشهد جديد في مسار التعاون الخفي الذي يدار من وراء الكواليس بين الطرفين اللذين يزعمان أنهما عدوان لبعضهما، وهما مليشيات الحوثي وحزب الإصلاح (إخوان اليمن).
وكان نيوزيمن كشف في تقرير سابق له عن معلومات خاصة ومفصلة عن الصفقة الإخوانية الحوثية التي تم بموجبها إفراج المليشيات الحوثية عن المتهمين الرئيسين بتفجير جامع الرئاسة رغم أن القضية منظورة أمام القضاء..
تورط المليشيات الحوثية بالإفراج عن المتهمين الخمسة الرئيسين في القضية وهم من أعضاء حزب الإصلاح أكد تطور التعاون بين الطرفين وأخذه أبعادا متقدمة خصوصا فيما يتعلق باتفاق الطرفين على هدف مشترك وهو مواجهة أي شيء يتعلق بالرئيس السابق الشهيد علي عبدالله صالح ورفاقه من قيادات المؤتمر.
وجاء لقاء القيادي الإخواني حميد الأحمر بالمحامي المسوري، أحد المحامين الذين ترافعوا في القضية والذي تؤكد المعلومات تورطه في تسليم كافة المعلومات للقيادي الإخواني علي محسن الأحمر، وتوقيت اللقاء الذي تزامن مع ذكرى وقوع الجريمة محاولة من الإخوان المسلمين وخصوصا القيادي حميد الأحمر إخفاء وطمس القضية، وهو ما أكدته تصريحات المسوري التي أعقبت اللقاء والتي استهدفت نجل الشهيد صالح السفير أحمد علي عبدالله صالح.
في المقابل فإن مليشيات الحوثي تعمدت، وفي توقيت ذكرى الجريمة، أن تختلق قصة تفجير منظومة دفاع جوي وتبث معلومات كاذبة ومضللة بهدف الضغط على قيادات المؤتمر في صنعاء ومنعها من إثارة الحديث عن الموضوع أو المطالبة للمليشيات بتنفيذ وعودها بعقد محاكمة غيابية للمتهمين في القضية.
ولعل تزامن لقاء الأحمر والمسوري وقصة المليشيات الحوثية المفبركة حول منظومة الدفاع الجوي مع ذكرى وقوع جريمة تفجير جامع الرئاسة كشف عن مسار جديد من التفاهمات التي تأخذ أبعادا أكثر علنية طالما كان الهدف المرجو منها مشتركا لدى الطرفين وهو تشويه تاريخ صالح من جهة، والسعي لغلق ملف قضية جريمة تفجير جامع الرئاسة خصوصا وأن القضية لا يزال المتضررون منها من قيادات المؤتمر والمصابين من القيادات المدنية والعسكرية يطالبون بمحاكمة المتهمين فيها بل ويرون أنها قضية ثأر ودم لا يمكن التنازل عنها.
ولعل ما يثير الريبة أكثر ويقدم أدلة أكثر وضوحا على التعاون والتنسيق بين الإخوان ومليشيات الحوثي هو تورط الإخوان في الانسحاب وتسليم مناطق نهم ومحافظة الجوف لمليشيات الحوثي بالتزامن مع التعيينات الجديدة في الجيش وآخرها تعيين اللواء صغير بن عزيز رئيسا لهيئة الأركان العامة، وفي الوقت نفسه اتفاق الطرفين على شن حملات إعلامية تستهدف قائد قوات حراس الجمهورية العميد طارق صالح، ووصول الأمر بالإخوان إلى التهديد بشن حرب ضده.. وكلها شواهد تؤكد أن التعاون الحوثي الإخواني يأخذ مسارات وأبعاداً تتطور يوماً عن يوم.