صنعاء.. مليحة عاشقاها الموت والشيطان
المشاهد اليومية للموت في صنعاء تدمي الصخر وتصهر قلوب العالم إذا تمكن من المشاهدة عن قرب، الشوارع والأماكن والمتنزهات والمستشفيات والمساجد والمدارس أصبحت مسارح للجريمة التي ينتهك الموت فيها حق الحياة للمواطنين الذين تجرعوا سقوط العاصمة بيد ميليشات الإرهاب الحوثية.
لعل الأمر الذي أصبح سائداً عند جميع الذين فقدوا الحيلة في العيش الكريم هو البحث عن طريقة مناسبة تنهي حياتهم، لعلهم في ذلك يجدون الراحة من الألم والعذاب والجوع والقهر وامتهان الكرامة.
كل يوم تصرخ الشوارع من مشاهد الموت إما بالحرق أو الموت قهراً لا يخبر به إلا سقوط الشخص في الشارع أو على عتبة بيته وهو عائد بيديه الفارغتين من الطعام لأطفاله، أو الموت على مشنقة الكرامة التي نصبتها الميليشيات لكل من لا يذعن لأوامرها، أو الموت بالأنفلونزا التي اجتاحت السكان وملأت بهم المستشفيات وما تبقى من المقابر.
تسقط الحياة في صنعاء ولا يبقى إلا وجه الموت وعبدالملك الحوثي وهو يرغي بالسفاهات التي تطعن الناس في فكرهم وعقليتهم وتصغر من حجمهم وتطعنهم في واقعهم الذي لا يعيشه هذا الشخص المغيب عن المرارة والوجع، ويسقط المجتمع في وحل الجوع بصمت تغلفه نبرة الحياء والكرامة.
لم يتجرأ أحد على أن يسقط صنعاء في المجاعة والأمراض والأوبئة، والموت المعربد في كل بيت وحارة ومستشفى إلا أدعياء الإمامة والكهنوت من عهد الهادي الرسي مروراً بالطغاة من آل حميد الدين وصولاً إلى أحط الأدعياء عبدالملك الحوثي وجماعته التي تعتنق الجهل والتخلف والعار الذي يذعنهم للركوع بلا خجل من إنسانيتهم ويمنيتهم.
كل يوم تشهد صنعاء احتفالات الموت ورقص العبثية الممنهجة، ونحيب الفُقد المفاجئ بلا مقدمات أو وصايا، رحيل دفعت به الحياة المشوبة بالعذابات إلى كل شخص وجد نفسه بلا شيء، لا مال ولا عمل، لا غذاء ولا دواء ولا وظيفة، لا حلم ولا أمل، لا وطن ولا دولة، يحاول كل شخص أن يتشبث بنفسه ويتماسك لكن الأمر أكبر وأفظع مما يتصوره الآخرون، ولا يجد نفسه إلا وقد ابتكر طريقة ليموت وينهي كل عذاباته.
بينما يتساقط الموت والقهر والألم على سكان صنعاء، نجد من يصم أذنيه عن صرخات المستغيثين ونداءات النجدة والاستجداء بالإغاثة من هذا الوضع بأي شكل من الأشكال، نرى الشرعية التي يعتريها الفساد غارقة في الانتشاء بخمرة الدماء والبيع للشيطان في صنعاء والتحالف معه، ونرى جماعة الإخوان التي تنشد حباً في شوارع تركيا وقطر تحتفل بالحياة وهي ترى شواء أجساد الناس فلا يهمها ذلك.
هل كُتب على صنعاء أن يتحكم بها الشيطان والموت؟! ويصفق لما يحدث فيها أولئك الذين أفترشوا ساحاتها لإسقاط النظام والدولة وتسليمها للشيطان، ثم رحلوا بالأموال التي جنوها من دماء الضحايا وأصبحت تلك الدماء استثمارات في تركيا وقطر وماليزيا وأوروبا!!