عدنان الحمادي (35).. والمحور والمَقر!
بدايات وطريق وسيرة عدنان الحمادي لم تكن سهلة أو عاديّة. حياته العمليّة والعسكريّة عبر كافة المواقع والمهام التي أُسندت إليه وتولاها بجدارة واستحقاق، جميعها تشهد لقائد حقيقي صلب عنيد ملتزم مبدئي شجاع يتوقَّد وطنيّة، صاحب قرار وموقف.. واستثناء.
ليس من السّهولة أبداً تليين أو استمالة قائد بهذه الصفات عن موقفه وقناعاته أو حَرفه عنها. الطريقة الوحيدة للتعامل معه من موقع النِديَّة أو الخصومة هي: إما التسليم له فهو لن يستسلم، أو التخلّص منه بهذه أو تلك من الطرق طالما أدَّت النتيجة ذاتها. وقد يقال إنّ هذه أسوأ من غيرها، لاعتبارات الاغتيال المعنوي والجسدي في آن (...) أهكذا كان؟!
بالنسبة إلى "سالم" سيد المقر وحاكم المحور، كثير عليه إلى ما لا نهاية مقارنته بالقائد العميد، الشهيد، عدنان الحمادي. لا ذاتاً ولا موضوعاً يجوز ذلك. مدرّس جغرافيا شيء، وقائد عسكري مهني محترف ومكرس هو شيء آخر ومجال آخر ونقاش آخر ووجود آخر.
وسيبقى الأمر كذلك، حتى لو حالفت الصدفة الأول وآلت إليه، على حين غفلة من الزمن والعقل والتاريخ، كل السلطات والصلاحيات والامتيازات. بالنسبة إلى عدنان الحمادي، لا سلطة لهذا أو قرار عليه. ومضت هكذا الأمور على جانبي مفترق.
بلغت حملات الاستهداف والحرب المرئية وغير المرئية التي مورست في الأشهر الأخيرة بالذات على القائد العميد عدنان الحمادي واللواء 35 مدرع.. حداً خرافياً من قِبل المحور والمقر. ويمكننا سردها وجمعها في ملفات. وسنفعل وسيفعل كل من عرف وجالس وجلس إلى القائد العميد وتعرّف إليه وعليه عن قُرب.
وصل الأمر في لحظة استفحال عداوة فاجرة إلى اختلاق لواء مشاة من العدم.. تحت تعامي وتغافل الأركان والدفاع والرئاسة.. قوامه مدرسون وآخرون غير عسكريين بالمرّة.. وتموضعه طعنة في خاصرة اللواء ومنطقته ومسرح عملياته -هيجة العبد طور الباحة.
هذا.. بينما كان العميد ومقاتلوه وأبطال 35 ينجزون معركة تحرير الصلو بكفاءة عالية وتكتيك مباغت لم يعرف كثر عنه حتى اليوم ولا ساعتها وخلال سريان العملية التي فاجأت حتى المحور.
وبينما قوات اللواء انتهت من تحرير الصلو ودنت من الدمنة.. كانت خطوط إمداداته الرئيسة وإلى الجبهة، في الجنوب تتعرض للتقطع والضرب ومنع حركة الإمدادات، ما استدعى من القائد تثبيت مواقع وحاميات اللواء والتفرغ لتأمين ظهره عندما كانت الطعنات والتحركات تنشط للعبث والتخريب بنظر اللواء المستحدث من العدم وخدمة للمليشيات التي اكتسحتها كتائب 35 ورجال القائد الحمادي.
تحدث العميد، رحمه الله، في جلسات متكررة ولساعات طويلة، أنا حاضرها وشاهد بها، أسابيع لا غير من اغتياله الغادر، عن وقائع ويوميات وإجراءات استهداف وتقصّد جائر فاجر مصدرها المقر والمحور.. من كل نوع وبلا محرمات، تعتصر القلب وتنهد أمامها أعتى الهمم وأصلب العزائم.
ولكنه عدنان الحمادي؛ بقية العسكرية الوطنية. السارية الوحيدة الأخيرة التي بقيت لواء اعتصام المقاتلين المنتمين لشرعية الجمهورية. الطلقة الأولى في معركة اليمن الجمهوري 2015 في ساح الشرف ومعركة المطار القديم بتعز.
صمد عدنان وعميد 35.. واستعصى على الكسر والإلغاء والاحتواء والاجتياح والدخول في دين الجماعة وطاعة المقر والتخلي عن مبادئ العسكرية اليمنية والشّرف العسكري، كواحد من أعظم وأشرف وأهم القادة الاستثنائيين الذين أنجبتهم وقدمتهم المؤسسة العسكرية اليمنية عبر تاريخها.
ثم كان الغدر.. وارتقى القائد العميد ناصية المجد والخلود. لكن قاتليه عليهم أن يموتوا كل ساعة ويوم فلن يجانبهم القصاص أو يستطيعوا الإفلات من لعنة المصير الذي ينتظره القَتَلة وينتظرهم.
قال العميد مراراً.. وأمام قصص ومرويّات محاولات اغتيال كثيرة نجا منها جميعها بأعحوبة، وأخطرها متلبس بها الخصوم أنفسهم، بينما يتقدم ويلقي نفسه في غمار الموت غير هيّاب: أنا عسكري ومقاتل وليس بين المقاتل والموت أو القتل موعد محدد.
مجداً وخلوداً يا عدنان الحمادي...