رحيل الزعيم

05:43 2019/12/06

الموضوع ليس بسيطاً أو بلا أهمية بالنسبة لي، فأنا ذلك الطفل الذي لطالما أعجبت بشخصية علي عبدالله صالح وخطاباته، وبما أني عشت في بساط مؤتمري وفي رعاية أب لا يفرض عليك أي سياسة ولا يلبسك عمامته أو أفكاره، كنت وما زلت أحب علي عبدالله صالح بدون أي تدخل أو أحد يفرض عليّ ذلك.
 
وبالرغم من خوضي الكثير من النقاشات مع والدي في شأنه وفي سياسته واختلاف آرائي السياسية وبالرغم من الكثير من التحفظات إلا أني كنت أرى هذا الرجل شجاعا بالقدر الكافي الذي يجعله يقود الوطن، غير ذلك فقد عشت أجمل فترة رأيت بها اليمن في عهده، بالإضافة ان سياسة المؤتمر كحزب كانت تتماشى مع فكري السياسي ولكن كتطبيق على الواقع كانت تحدث الكثير من الأخطاء.
 
رحيل الزعيم علي عبدالله صالح كان مؤلماً بالنسبة لي وكنت بعيداً عن والدي العالق في الحي السياسي فلم أره لمدة أسبوعين متواصلين، وكنت أتخيل الموقف الصعب الذي سأكون به عندما اقابل والدي واي حزن سيجمعنا -هذا لو استطعت لقاءه- هذا ما كنت افكر فيه ذلك الوقت الذي كنا محاصرين به من كل مكان، ولمعرفتي أن الوالد كان صديقاً قريباً لعارف الزوكا وتربطه علاقة احترام وتقدير متبادلة مع الزعيم كنت أدرك أن الموقف سيكون صعبا جداً أثناء مقابلته.
 
هذه الحادثة جعلتنا نعيش في قلق دائم، بما أن الوالد تمسك بموقفه الثابت وكان يتحدث بكل صراحة عن كافة الامور السياسية، فكان تحت الرقابة ومؤهلا كثيراً لدخول السجن لفترة لا نعرفها، عشنا القلق والحزن بكافة التفاصيل، مرت الأيام، وبقى حزني على رحيلهما كبيرا، لستُ حزينا او قلقا على ما ستؤول إليه الأمور أو أخشى عن مستقبلي بما أني مستقل بحياتي وبفكري، ولكني وبشكل شخصي فقد قابلت الزعيم عدة مرات منذ الصغر وتحدثت مع عارف الزوكا كثيراً وكان من أقرب اصدقاء الوالد، فذلك الأمر يحزنني كثيرا ويجعل هذه الذكرى مؤسفة لدي.
 
شعوري بالحزن الأكبر على الوطن والأمل الذي فقدناه وفقدنا آخر حبل للنجاة من الحوثيين، فقد كان علي عبدالله صالح يمثل حزبا سياسيا مدنيا يقوم بعمل توازن في ظل وجود الحوثيين تلك العصابة التي لا تفهم من السلطة الا الاستحواذ، وأنا انبذ الطائفة وأن تدخل الأفكار الدينية في إدارة الدولة وتحديد سياستها وأفكارها عبر التعبئة الكبيرة التي كان يقوم بها الحوثيون وما زالوا إلى الآن.
 
الحوثيون لم ينتصروا بقتلهم ولم يحققوا إلا انتصارا وحيدا وهو إثباتهم للناس أنهم مستعدون لقتل اي شيء مقابل استحواذهم على السلطة، ونضالنا ضد الحوثيين ليس لأجل علي عبدالله صالح أو غيره، ولكنه لأجل وطن كبير ضاع بيد هؤلاء الأطفال الطائفيين.
 
إنه الذكرى الأسوأ على الإطلاق، وإن الحب والاحترام باق بداخل صدورنا نحفظه للشهداء الزعيم علي عبدالله صالح ورفيقه الوفي عارف الزوكا.
 
فرحمة الله عليهما..