اليمن والإرهاب السلطوي الديني الثوري بعد 2011

09:47 2019/11/08

لا تختصروا كل شيء في تغيير النظام السياسي.

لقد كانت غلطتنا في2011م، أننا ظننا أن إسقاط النظام سيكون بداية كل شيء جميل، وأن الناس سيصبحون فجاة نظاميين وديمقراطيين ومتنورين وغير طائفيين ومدافعين عن دولة القانون والمساواة بمجرد سقوط (الديكتاتور).

لكن.. كيف يمكن لمن لم يتغير من الداخل أن يقود تغييرا جذريا بهذه الضخامة؟

لقد سافرت وشاهدت اليمنيين والعرب والمسلمين وهم يعيشون في دول الغرب الديمقراطية الليبرالية العادلة الملتزمة بالمساواة والقانون.

ورأيتهم لا يلقون بالاً للديمقراطية، ويخافون من الحرية ويكرهونها، ويتحايلون على القانون، ويضطهدون صاحب كل رأي مختلف، وهم يعيشون داخل بلدان تقدس حرية التعبير.

لقد وجدوا أنفسهم في دول كاملة الأوصاف، لكنهم لم يكونوا جاهزين للتكيف معها.!

عندما تجمعنا في الساحات كان بيننا من هو أسوأ من الديكتاتور، وكان بيننا من يريد إسقاط الديكتاتور بسبب إيجابياته القليلة، لا بسبب سلبياته الكثيرة! وكان بيننا من ثار على الديكتاتور بسبب تسامحه لا بسبب انتهاكاته.

وكانت قلة معزولة فقط من تملك حلما بوطن أجمل من وطن الديكتاتور.

والحقيقة لقد سقط حلم التغيير لأننا لم نتغير من داخلنا..

غير نفسك ورتب بيتك بنظام أولاً، ثم بعد ذلك فكر بتغيير العالم.

زمان.. حتى فترة الثمانينيات تقريبًا كان لدينا مصدر واحد للتهديد والتخوين هو السلطة.

بعدها ظهر لدينا مصدر جديد للتهديد والتخوين هو الجماعات الدينية.

كانت السلطة تتهمك أنك عدو الوطن، والجماعات تتهمك أنك عدو الدين..

آنذاك كان البعض يهرب من إرهاب السلطة إلى حضن الجماعة، أو من إرهاب الجماعة إلى حماية السلطة.

بعد أحداث 2011 والربيع العربي ظهر مصدر ثالث للتهديد والتخوين هو الإرهاب الثوري.

بل الأصح القول إن مصادر الإرهاب الثلاثة اندمجت في مصدر واحد.

سقطت الانظمة السابقة أو تحولت إلى الثورة، واندمج الإسلاميون في الثورة وصادروها، وتجمع المحبطون ليصبوا كل غضبهم وكراهيتهم في شعار الثورة.

إذا أغضبت أحدهم اليوم فأنت عدو الله والدين والوطن والتاريخ ونضالات الشعوب.. هكذا في ضربة واحدة.

صدقوني...

ما نراه اليوم، وخاصة في اليمن، من تهديد وتخوين هو الخلاصة المصفاة لاندماج الإرهاب السلطوي مع الإرهاب الديني مع الإرهاب الثوري في كتلة واحدة!