أبجديات اليمن.. وخطايا الجيران أيضا!!

07:15 2019/02/02

القوى التقليدية تعبير مخادع بإزاء الحالة اليمنية، يؤخذ بعيدا عن مدلولات سياقية ليطلق على قوة واحدة (كثيرة وكبيرة) توزعت الأدوار والمواقع وتغايرت من حيث الثياب ومجالس القات، جثمت على قلب اليمن الجمهوري الذي بقي كذلك اسما وبقي ما قبل جمهوري فعلا وممارسة؛ أدت في النهاية إلى نزع الثياب والأقنعة عن الوجوه لتكشف وجها واحدا تقليديا رجعيا إماميا انتهازيا.
 
الجميع ذلك الوجه بدون استثناءات مظللة تحاول وتجتهد هنا وهناك؛ لإعادة إنتاج القوى (القوة)نفسها بثياب جديدة أيضا وأقنعة لا تقوى حتى على ستر بشاعة وصفاقة وجوه غابرة مسكونة باللعنات وميراث طويل من الدجل والولاء لمعسكر القبيلة الإمامية المجمهرة كذبا وزورا.
 
ليست هذه مشكلة اليمنيين لوحدهم، وإن كانوا هم أصحاب المشكلة وضحاياها. لكن، حتى الذين يجدون الآن فسحة زائدة لتسليط الانتقادات من كل نوع، أقاربا وأباعدا، ينسون أو يفضلون التجاهل، أن محيطا جواريا ، بظروف وحسابات المراحل والأنظمة، هو من جعل هذا ممكنا وأدار إمكانات وممكنات هائلة للتمكين لهكذا إشكال تراكم وتضخم مع الأيام وانفجر دفعة واحدة.
 
وإذا كان على اليمنيين أن يجدوا مخرجا الآن جهة المستقبل، فإن على أشقاء وأصدقاء اليمنيين، أقاربا وأباعدا، أن يجدوا هم أيضا ولأنفسهم أولا وبدرجة رئيسية صيغة أخرى مختلفة للتعامل مع اليمن، بالقطع مع سالف أخطاء وكوارث وجنايات التمكين للعلل المزمنة وتغذية القوة التالفة والفاسدة والفاشلة وتمكينها زمنا طويلا سُرق من عمر اليمن ومن أعمار اليمنيين أجيالا متعاقبة.
 
يجدر باليمنيين أن يرفضوا الأقنعة والمساحيق والخديعة أيضا، كما يجدر بالجوار الشقيق ومن يليهم أن يجربوا التعاطي مع مسألة اليمن والمسألة اليمنية، لا باعتبارها دورة الرحى المعادة بنفس الكيفية في كل مرة.
 
 كما يجدر أن ينفتحوا على خيارات ومتاحات ومساحات اليمنيين، لا باعتبارها تلك الوجوه الغابرة والأزمات الطافحة والأدوات المستهلكة والأزمة المتوارثة.
 
يجب أن نتعافى، ولا نعرف كيف سيحدث ذلك؛ إذا كان ما يراد لنا هي تلك اللعنات والقوى اللعينة ذاتها، ويراد الآن تدويرها كنفايات ومن ثم إعادة إنتاجها وتصديرها للمشهد كحامل جديد؟ وكأنما يراد لنا كيمنيين أن نأخذ الدورة نفسها الطويلة المتعبة اللعينة والشاقة مرة إثر مرة.
 
لن ينطلي على التاريخ هذا الهراء المسرحي الفاشل إلى إرضاخ البلاد والناس لذات اللعنات التي خانتنا وجمهوريتنا دهرا وتوزعت أدوار وكراسي وأقنعة ومسميات المسرح الجمهوري عهدة الإمامة والملكيين.
 
من حقنا وقد بذلنا وبلادنا كل هذه الخسائر والأزمات والصدمات والمعاناة أن نختط طريقا ليس فيه أو من خياراته المفروضة جميع تلك الوجوه والقوى العفنة السرطانية التي أكلت ونهشت واعتاشت على لحم ودم وعرق وأحلام اليمنيين؛ لتؤسس ممالكها الإمامية والمشيخية والمالية والقبلية الخاصة تحت راية جمهورية مغدورة.
 
واليوم لا يراد لنا أن ننظر في خياراتنا إلا من خلالها وعبرها وبها. أقل ما يقال أن هذه ليست طريقة جيدة حتى للمزاح الثقيل.
 
جميعهم أنتجوا ومنتجوا النهاية السيئة والفاجعة وسلموا كل شيئ للإماميين وفروا.. ويحدثوننا وينظرون لنا من بعيد عن الجمهورية والتحرير واليمن الجديد، ولا يشكون أبدا في أنهم سيعودون حكاما وأئمة باركتهم آلة الزمن وفوضتهم مصير اليمن.
 
ليست فقط مشكلة اليمن ولا خطايا الزمن بمعزل عن الجيران.
 
وحتى نعرف ما نحن فاعلون... يجب أن نعرف ويعرفوا ما هم فاعلون.