Image

الحوثي واللعب على "الحبلين".. تفاوض في السويد وتصعيد وتفخيخ وارتكاب جرائم في اليمن – (تقرير مفصل)

دقت الأمم المتحدة في السويد جرس انطلاق مشاورات السلام اليمنية، فدوت معه في الحديدة قذائف مليشيا الحوثي، وعلت التهديدات في مطار صنعاء، معلنة التمرد من جديد على جميع مساعي إحلال السلام في البلد المثقل بالحرب منذ ما يزيد عن 4 أعوام.

ففي العاصمة السويدية ستوكهولم، حطت طائرة وفد المليشيا، وفي قلعة جوهانسبرج جلس مقابل وفد الحكومة الشرعية في قاعة واحدة، في مشهد بدا للحظة تاريخيا بالنسبة لمليشيات أجهضت العديد من محاولات السلام بتعنتها.

محطة جديدة خُيل فيها لمتابعين أنها أفلحت بالفعل هذه المرة، في نقل المشهد اليمني المستعر من جبهات القتال إلى طاولة المشاورات، في ضوء مؤشرات إيجابية رفعت منسوب الأمل بفتح الطريق نحو الحل السياسي.

بيد أن الحوثي المتمرس على وأد وإجهاض أحلام اليمنيين، ما زالت ألغامه تهدد طريق السلام الذي عبّده التحالف العربي، إذ إنه لولا الدور الذي لعبته القوات اليمنية بإسناد من التحالف في قلب الموازين على الأرض لصالح الشرعية، لما قبل المتمردون التظاهر بقبول المشاورات.

اللعب على الحبلين

في الوقت الذي كان فيه وفد الحوثيين يجلس إلى طاولة المشاورات في ستوكهولم السويدية، قصفت المليشيات، الخميس، مركزا تجاريا بمدينة الحديدة.

ونقلت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" عن مصادر محلية من المدينة الواقعة غربي اليمن، قولها إن "المليشيا الحوثية قصفت بقذائف الهاون والمدفعية، مركز سيتي ماكس، ما أسفر عن تدميره واحتراقه بالكامل".

وفي المحافظة نفسها، ما زال ميناء الحديدة خاليا من السفن منذ أسبوع، رغم تجديد التحالف العربي لدعم الشرعية، تصاريحها لأكثر من مرة، في خطوة تؤكد تعمد الانقلابيين في وضع المفخخات أمام إنهاء الأزمة.

وفي صنعاء، هددت المليشيا، في اليوم نفسه، بإغلاق كامل لمطار المدينة الدولي أمام رحلات الأمم المتحدة وموظفيها والرحلات الإنسانية.

وقال محمد علي الحوثي، رئيس ما تسمى بـ"اللجنة الثورية العليا" في مليشيا الحوثي: "إذا لم يتم فتح مطار العاصمة صنعاء خلال مشاورات جولة السويد، فأدعو إلى إغلاق المطار أمام جميع الطيران".

وأضاف الحوثي، في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر": "فليتحمل مسؤولو الأمم وغيرهم الوصول إلى صنعاء عن طريق البر".

وعلاوة على الحديدة وصنعاء، ارتكبت المليشيا الانقلابية العديد من الخروقات الميدانية في محافظات يمنية مختلفة، في مؤشر واضح على نية الجماعة المدعومة من إيران، بعدم رغبتها في تحقيق السلام وإنهاء الحرب.

فموافقة الجماعة على الحضور إلى ستوكهولم لم تكن سوى مناورة أرادت من ورائها كسب ود المجتمع الدولي، وارتداء عباءة الباحث عن السلام، سعيا نحو الحصول على تأييد قد تستخدمه لاحقا لاستكمال بقية مخططها.

الجلي في الأمر، أن الضغوط والانتقادات التي واجهتها المليشيا عقب إجهاضها، في سبتمبر/أيلول الماضي، مشاورات جنيف، لم يترك أمامها من حل هذه المرة سوى الخضوع لدعوة المبعوث الأممي مارتن جريفيث، والإقلاع باتجاه ستوكهولم.

لكن، وفي خضم مقاربة لا تحقق مآرب الجماعة وداعميها، كان لابد من اختلاق حجج وأسباب واهية لإفشال المشاورات في مهدها، مع التركيز في ذلك على معارضة النقاط الثابتة في موقف الحكومة الشرعية، ألا وهو أساس الحل السلمي.

والخميس، قال عضو الوفد الحكومي علي عشال، في تصريحات إعلامية، إن وفد المليشيا مستمر في رفض المرجعيات الثلاث التي تتمسك بها الحكومة، والتي أقر المبعوث الأممي بناء اتفاق عليها.

وتؤكد الحكومة الشرعية تمسكها بالمرجعيات السياسية الثلاث، وهي المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرار الأممي 2216، أساسا لأي حل سياسي بالبلاد، في ثوابت يبدو أن المليشيا ترنو لاستخدامها تعلة لوقف المشاورات وإفشالها من جديد.

فما حصل هو أن المليشيا وضعت تكتيكا لجميع تحركاتها، بدءا من قبولها المجيء إلى ستوكهولم مقابل الحصول على ضمان إجلاء جرحاها، قبل أن توقع اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين، ثم ذهبت إلى السويد وفي جعبتها بنود محددة للتشويش على المشاورات.

وتأجّل، الخميس، انعقاد الجلسة الافتتاحية للمشاورات بسبب إصرار وفد الحوثيين على الحضور بوفد أكبر من العدد المحدد، حيث أصروا على الحضور بـ21 شخصا، وهو عدد زائد عما حدده غريفيث والذي التزم به الفريق الحكومي والمحدد بـ12 مفاوضا، و3 من السكرتارية.

خروقات بالجملة، من اليمن إلى ستوكهولم، تفرض على المراقب تتبع الخط البياني للمحادثات السابقة وأسباب فشلها، فخلال المشاورات المقامة بجنيف عام 2015، انتهت وكأنها لم تنعقد، بسبب تعنت المليشيا وإصرارها على المشاركة بـ"حوار قوى سياسية"، أي ترفيع مستوى تمثيلها بالمفاوضات إلى أكثر من وفدها.

أمّا في الجولة الثانية من المفاوضات، والتي انعقدت بمدينة "بيل" السويسرية، فتمكّن المبعوث الأممي حينها إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من تجاوز مسألة الاختلاف حول صيغة الحوار.

وجرى الاتفاق على هدنة بالتزامن مع انطلاق المفاوضات في 15 ديسمبر/كانون الأول 2015، غير أنّ الحوثي اخترق الهدنة، ما قاد نحو نهاية خالية الوفاض للمشاورات.