14 اكتوبر ثورة غيرت حياة اليمنيين ورسمت معالم الطريق الى الوحدة
يواصل اليمنيين احتفالاتهم بأعيادهم الوطنية بالرغم من مآسي الحرب والدمار الذي حل بوطنهم للعام الرابع على التوالي, فقد شاءت الأقدار أن تتقارب الاحتفالات والانتصارات بتقارب القلوب ووحدة الأرض والانسان..
لم يمر أسابيع من احتفال اليمنيين بالعيد الـ56 لثورة الـ26 من سبتمبر المجيدة حتى كانوا على موعد مع الذكرى الـ55 لثورة الـ14 من أكتوبر المجيدة, وكأن هذه الذكرى جاءت لتضع اليمنيين أمام الصورة وتذكرهم بتضحيات جيل من الابطال بذلوها من اجل الحرية والجمهورية والوحدة .
احتفالات يراها كثيرون أنها جاءت لتخرج اليمنيين من بؤسهم ويأسهم الذي حل بهم, طيلة فترة الحرب, كما أنها تؤكد للجميع الاجيال الجديدة ماضية في طريق تحقيق وتعزيز قيم واهداف الثورة اليمنية.
ذكرى مهمة
تمثل ذكرى ثورة الـ 14 من أكتوبر المجيدة حدثا مهما للشعب اليمني, بل هي من أهم الثورات اليمنية التي غيرت حياة اليمنيين وقشعت عنهم غبار الاستعمار ومخلفاته, ومثلت امتدادا طبيعيا لثورة الـ26 من سبتمبر التي قامت في شمال اليمن آنذاك ضد الحكم الامامي الكهنوتي البغيض.
ونتيجة طبيعية لواحدية المصير والهدف يستعد اليمنيون في مختلف المناطق للاحتفاء بهذه المناسبة العظيمة التي تذكرهم بضرورة المقاومة وأهمية مشروع الوحدة والتضحية في سبيل ذلك مهما كلف الأمر.
مصير مشترك
لم ينتظر الأحرار من ابناء الجنوب التحرر من الاستعمار حتى يستطيعوا أن يشاركوا إخوانهم في الشمال في معركتهم المصيرية وثورتهم المباركة فقد انظم المئات من المقاتلين لصفوف الضباط الأحرار وثوار سبتمبر وكان من بين هؤلاء قائد ومفجر ثورة الـ14 من اكتوبر المجيدة الشهيد راجح بن غالب لبوزة.
والتحق الكثير منهم في صفوف الكلية الحربية في شمال اليمن حتى تمكنوا من تكوين نخبة من الأحرار الذين أصبحوا فيما بعد وقودا لثورة الـ14 من اكتوبر. كما كان للمتطوعين من ابناء المحافظات الجنوبية دورا كبيرا في نجاح وإسناد الثورة في الشمال لإدراكهم بواحدية المصير وايمانهم بالقضية الواحدة.
ممهدات الثورة
في منتصف شهر يونيو 1963م عقد اجتماع بين أبناء الجنوب والشمال في منزل القاضي عبدالرحمن الإرياني “الكائن أمام القصر الجمهوري”، ضم من الجانب الشمالي : عبدالرحمن الإرياني ومحمد محمود الزبيري ومن الجانب الجنوبي ناصر علوي السقاف وعبدالله محمد المجعلي وبخيت مليط الحميد وأحمد بن نمير العولقي. وكانت وجهة نظر الجانب الشمالي أنّه من أجل تخفيف الضغط على الثورة لابد من فتح جبهة قتالية في عمق أراضي الجنوب، فوافق الجانب الجنوبي على الفكرة، ولهذا عقد اجتماع آخر في اليوم التالي في منزل عبد الحافظ قائد في القاع بصنعاء، خاص بالجانب الجنوبي وقروا فيه تشكيل لجنة اتصال مهمتها الإعداد والتهيئة للثورة في الجنوب، مكوَّنة من 12 شخصاً (6)( ممثلين لحركة القوميين العرب و(6) ممثلين لتشكيل “القبائل”.
وتحولت محافظة تعز إلى ساحة للإعداد والتدريب والتأهيل والتخطيط للثورة؛ ففيها عقدت عدة اجتماعات قبل تفجير الثورة لعدة مكونات وفصائل مقاومة للاستعمار, وفي مطلع اغسطس 1963م , اجتمعت عدة تنظيمات وفصائل ثورية مقاومة للاستعمار تحت مكون واحد أطلق عليه الجبهة القومية لتحرير الجنوب.
واستمرت جهود الإعداد والتجهيز والتدريب في المحافظات الشمالية المحررة من الحكم الإمامي، للمئات من عناصر المقاومة الجنوبية التي كانت تستعد لساعة الصفر وإطلاق الشرارة الأولى للثورة, بعد عودة الشهيد راجح بن غالب لبوزة من الشمال مع 100 شخص من رفاقه الذين شاركوا في ثورة سبتمبر المجيدة في شمال اليمن ضد الحكم الامامي الكهنوتي.
الشرارة الأولى
وبعد عودة الشهيد لبوزة جاءت عناصر الاستعمار لتطلب من الشهيد ورفاقه تسليم اسلحتهم فرفض رفضا قاطعا بعد أن تحصن مع رفاقه في جبال ردفان, بدورهم اعد المستعمرين العدة للقضاء على الشهيد ورفاقه بسبب رفضه لهم.
في 13 أكتوبر 1963م, قامت دورية للاستعمار في منطقة الحبيلين محافظة لحج, باختطاف احد رفاق الشهيد راجح لبوزة, من إحدى المزارع وتم ابلاغ الشهيد لبوزة بالأمر, فتحرك مع مجاميع التحقت به من القرى المؤدية إلى الحبيلين ليتم إعلان الثورة من ردفان.
أهمية منطقة ردفان
تحتل منطقة ردفان أهمية إستراتيجية وذات طبيعة قتالية, فهي تتوسط الضالع وأبين ولحج ، الأمر الذي سيسهل للثوار الدعم في حالة انطلقت الثورة كما أن ردفان قريبة من مدينة عدن الأمر الذي سيؤثر على وصول الإمدادات العسكرية البريطانية إلى المناطق القريبة من موقع الثوار مثل الضالع ويافع والعند وغيرها ، ومن ناحية التضاريس تتميز ردفان بتضاريسها الجبلية والتي يصعب على جيش الاستعمار الوصول إليها، والتمركز فيها ، بينما يسهل على الثوار وأبناء المناطق المجاورة لها التعامل معها.
بداية المعركة
وزع الشهيد البطل راجح لبوزة المقاتلين الذين التفوا حوله إلى مجموعات، وفي صباح 14 من أكتوبر، دارت المعركة بين الأبطال وبين جيش الاستعمار البريطاني واستمرت حتى الساعة الثانية بعد الظهر أستشهد خلالها قائد المقاومة ومفجر الثورة الشهيد البطل راجح لبوزة.
الاستشهاد والعهد
وبعد مرور تسعة أيام من استشهاد قائد المقاومة الجنوبية صدر البيان التاريخي من قبل الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني بتاريخ 23/10/1963م, أعلنت فيه استشهاد البطل راجح لبوزة، في الرابع عشر من أكتوبر 1963م، معلنة عزمها على مواصلة مسيرة النضال المسلح الذي بدأها لبوزة ورفاقه الأبطال وتوعد البيان قوات الاحتلال البريطاني بالمزيد من النضال المسلح حتى تحرير اليمن وإعلان النصر.. وهو ما تم فعلا وتوج بإعلان الاستقلال الناجز في 30 نوفمبر 1967 واستطاعت بعده دولة الاستقلال الوطنية في اجتراح معجزة عظيمة في توحيد 23سلطنة وامارة جنوبية كان عمرها قد تجاوز المائتي عام في دولة وطنية موحدة بهوية يمنية خالصة.
فثورة 14 أكتوبر لها مسيرة طويلة من الكفاح المسلح استمرت أربع سنوات، اشتركت فيها عدة قوى وطنية وسياسية، وجرت وقائعها القتالية على أكثر من عشر جبهات عسكرية قدمت فيه قوافل من الشهداء الأبرار. كما تظل اكتوبر مسيرة نضال وطني وملحمة ثورة غيرت حياة اليمنيين ورسمت معالم الطريق الاولى نحو تحقيق الوحدة اليمنية.
نقلاً عن: "26 سبتمبر نت".