Image

مأساة الحديدة في "غفلة" الأمم و"الإنسان" مصطلح باهت في قاموسها (تقرير)

يتربع الإنسان على الأولويات الأممية التي تدعو مراراً للسعي لمواجهة "المعاناة الإنسانية"، كما تولف اليوم على ذات النغم تبريراً شائكاً، رغبةً منها لإيقاف العمليات العسكرية المتجهة نحو الحديدة لإنقاذ سكانها من لهب الكهنوت المضطرم في المدينة وأروقتها، بعد أن حولها الإرهابيون الحوثيون إلى ثكنة عسكرية تشبه الموصل العراقية قبل عامين حينما كانت ترزح تحت قبضة إرهابيي داعش، ولا مناص في الأساس من استعادة الحديدة إلى فلك الجمهورية وإبعاد المليشيات الكهنوتية عنها بأي طريقة كانت. والسؤال المُلِح دائماً بالذات في هذا التوقيت الحرج هو: (ماذا تفعل الأمم المتحدة؟).

لا تبدو المدينة في خير، ولا يُبان أن سكانها في أمان، وأيضاً لا تبدو الأمم المتحدة راغبةً برفع المعناة الإنسانية في المحافظة، والمشاهد والصور اليومية الوافدة من مدينة الحديدة عبر الإعلام توضح كيف أصبحت عروس البحر الأحمر عندما أراد لها أحفاد الإمامة أن تصحو على زمجرة المدافع، غير أن القوات المشتركة ترفض حتى اللحظة  نقل المعركة إلى المدينة حفاظاً على حياة المدنيين العالقين فيها، والتزاماً أخلاقياً من التحالف العربي والقوات المشتركة  بالعرف الإنساني وكذا القانون الدولي الإنساني، فكانت الخيارات العسكرية لتطهير المدينة تقدم الأولوية الإنسانية على كل الأولويات الأخرى مهما كانت التنازلات المقدمة.

مجدداً يبرهن الحوثيون عاداتهم في الحرب، والمعلوم أن مليشيات الإرهاب الحوثية لا تقدم في الحرب إلا نموذج للإرهاب بأسوأ صورة له، ويبات المدنيون ضحايا حرب الكهنوتيين الراغبين بنقل المعركة إلى داخل أحياء الحديدة لينفذوا مذبحةً في صفوفهم ويحولون الحديدة إلى نهر دافق من الدماء البريئة، والانتقام بكل بشاعة من السكان الأبرياء الرافضين لتواجد المليشيات في مدينتهم.

ليست المرة الأولى التي تمارس فيها المنظمة العالمية "الأمم المتحدة" هذا الابتزاز في اليمن، فنفسه الأسلوب يُكرر اليوم كما كان يُتخذ بالأمس ذريعة أممية لمنح فرصة للمليشيات الحوثية باستعادة الأنفاس وإعادة ترتيب الصفوف، وكعملية إنقاذ باللحظة الأخيرة يعاود الحوثيون صلفهم بضوء أخضر غير معلن من الأمم المتحدة. إذ يرى مهتمون بالشأن السياسي أن الموقف الأممي فيما يتعلق بمعركة الحديدة غير صائب البتة، فكلما طال الوقت زاد الحوثيون من انتهاكاتهم بحق المدنيين وقد يغدو أن تتحول الحديدة إلى منطقة أشباح في ظل النزوح والتهجير اليومي الذي يمارسه كهنوت إيران في اليمن.

بحسب مصادر محلية وأخرى مطلعة وثالثة حقوقية في مدينة الحديدة فإن الوضع داخل المدينة أصبح مؤلماً للغاية، وثمة 13شاباً في الداخل اعتقلوا خلال الـ 48ساعة الماضية، ولا يعلم مصيرهم حتى اللحظة، فيما عدد آخر اعتقلوا في مديريتي زبيد والتحيتا جنوباً من المدينة، ضمن الانتهاكات التي يمارسها الحوثيون.

ورُصد إلى الساعة الرابعة والنصف عصر يوم الخميس، 05/تموز/2018 م، منذ الثلاثاء الماضي عدد 47 حادثة أمنية في المدينة، بين اعتداءات ومداهمات منازل واعتقالات طالت مدنيين في الشوارع، بحسب مصدر حقوقي في المدينة تحدث إلى محرر "وكالة 2ديسمبر".

وعندما سؤل المصدر عن طبيعة الموقف الأممي أجاب "إذا كانت الأمم المتحدة ترغب في إحلال السلام فليس بالطريقة التي تتعامل بها مع المليشيات الحوثية بنعومة". مزيداً "الانتهاكات والجرائم في هذا الأسبوع كافية لأن تعلن الأمم المتحدة دعمها لعملية استعادة الحديدة إذا كان المدنيون يهمونها فعلاً".

واستاء كثير من اليمنيين والمهتمين بالشأن اليمني من موقف الأمم المتحدة، معتبرين الموقف الذي تبدو به المنظمة غطاءً يكفُ البصر عن جرائم الحوثيين وانتهاكاتهم بحق المدنيين واستغلال واضح يبرهن أن المنظمة "تكيل بمكيالين" وتساوي بين الجلاد والضحية، دون أدنى مراعاة للمعاناة الإنسانية المتفاقمة في المحافظة. حيث ما يزال الحوثيون يستغلون ميناء الحديدة حتى اللحظة ويسيرون من داخله قوارب عسكرية ومفخخة لتهديد الملاحة البحرية في المياه اليمنية.

وأطلعت الوكالة على مواقف لجنودٍ وقادة ميدانين مشاركين في العمليات العسكرية المتقدمة على مقربة من مدينة الحديدة، أكدوا عزمهم على استعادة المدينة وتطهيرها كاملةً من رجس المليشيات الحوثية، لافتين إلى أنهم في أتم الجاهزية لتطويق الجماعة الإيرانية، بيد أن قرار معركة الدخول يدعو القوات العسكرية للتريث إلى حين قريب حتى لا يبقى للمليشيات أي عذرٍ إزاء الدعوات المواجهة لها بالانسحاب فوراً دون شروط من هناك، وكي لا تجد الأمم المتحدة أيضاً عذراً تتحجج به مرةً أخرى.

المصدر: وكالة (2 ديسمبر الإخبارية)