Image

صحيفة لندنية: الحوثيون يناورون عبر الأمم المتحدة للبقاء في الحديدة.. ولا خيار غير الحسم العسكري (تفاصيل مهمة)

اعتبرت مصادر يمنية تتابع عن كثب معركة الحديدة أن لا خيار آخر أمام القوى الساعية إلى تحرير المدينة ومينائها من الحوثيين سوى الحسم العسكري.

وقالت إن أيّ خيار آخر سيوفّر جرعة أوكسيجين أخرى لـ”أنصار الله” والذين يقفون وراءهم. وسيستغل هؤلاء هذه الجرعة لمتابعة الحصول على إيرادات مالية كبيرة يوفرها الميناء ذو الموقع الاستراتيجي والذي يعتبر الميناء اليمني الأهمّ على البحر الأحمر.

وذكرت المصادر في تصريح لـ”العرب” أن الأهمّ من ذلك أن ميناء الحديدة تحول إلى المنفذ الوحيد الذي تستطيع منه إيران تهريب أسلحة ثقيلة، مثل الصواريخ، إلى الحوثيين.

وكشفت أن المنافذ الأخرى ليست صالحة سوى لتهريب أسلحة خفيفة بكميات محدودة.

وذكر مسؤول عسكري يمني يشارك في معركة الحديدة أنّ مطار المدينة يعتبر ساقطا عسكريا، كذلك الميناء، لكنّ القوات اليمنية التي تسعى إلى طرد الحوثيين من المطار والميناء والمدينة نفسها تعتمد حاليا سياسة التقدّم البطيء وذلك تفاديا لسقوط ضحايا في صفوف المدنيين.

ومعروف أنّه إضافة إلى الميناء والمطار، هناك في الحديدة مدينة كبيرة تعتبر من أكبر المدن في اليمن ومن أكثرها كثافة سكانية.

وأشار المسؤول العسكري إلى أن أكثر ما يدل على ورطة الحوثيين في الوقت الراهن سعيهم إلى تقديم حلول وسط عبر الأمم المتحدة. وتقضي هذه الحلول بإشراف ممثلين للمنظمة الدولية على نشاط الميناء، على أن يبقوا في الحديدة بطريقة أو بأخرى.

وحذّر من أن الذي يجري حاليا مناورة لجأ إليها الحوثيون بهدف التقاط أنفاسهم في وقت بدأوا يشعرون فيه بقرب الحسم العسكري. وقال إنّ معظم القوات الحوثية باتت تعاني الآن من ضعف في المعنويات، مشيرا إلى أنّه لو لم يكن الأمر كذلك لما كان “أنصار الله” قدموا أي تنازلات في شأن الحديدة لممثل الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث.

وسئل المسؤول العسكري عن طبيعة تشكيل القوى التي تعمل على استعادة الحديدة فأجاب إن الدور الأبرز يلعبه “لواء العمالقة” الذي يضم عناصر جنوبية في معظمها.

كذلك هناك وحدات تعمل بإمرة هيثم قاسم طاهر، وهو وزير سابق للدفاع في مرحلة ما بعد الوحدة اليمنية. كذلك يعتبر من أبرز ضباط الجيش اليمني الجنوبي وقد لعب دورا أساسيا في حسم المعركة الداخلية في الجنوب، مطلع العام 1986، لمصلحة الجناح الذي كان يقف ضد الرئيس الأسبق علي ناصر محمد. وكوفئ بعد ذلك بأن عيّن أول وزير للدفاع في الحكومة التي تشكلت برئاسة حيدر العطاس مباشرة بعد إعلان الوحدة في الثاني والعشرين من مايو 1990.

 

وتحدّث المسؤول العسكري أيضا عن دور بارز يلعبه العميد طارق محمد عبدالله صالح الذي يشارك على رأس قوة يقودها بنفسه في استعادة الحديدة.

ودعت مسودة خطة للسلام في اليمن، وضعتها الأمم المتحدة، الحوثيين إلى التخلي عن السلاح مقابل الحصول على تسوية سياسية.

وأظهرت مسودة للوثيقة أنه يجب أن تسلم الأطراف العسكرية التي لا تتبع الدولة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة بما في ذلك الصواريخ الباليستية بطريقة منظمة ومخططة.

ووصف مسؤول حكومي يمني خطة المبعوث الأممي مارتن غريفيث لإحلال السلام بأنها “خطة مثالية في واقع شديد التعقيد”، لافتا إلى أن المشكلة الأساسية لم تعد في كيفية صياغة رؤية لإنهاء الحرب وإنما في طريقة لإجبار الحوثيين على الالتزام بالاتفاقات التي يوقعونها.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن غريفيث اصطدم بتعنت الحوثيين أثناء زيارته لصنعاء حول تسليم ميناء الحديدة الذي بات في حكم المحرر، وهو ما يؤكد تفكير الميليشيات الحوثية خارج منظومة العمل السياسي وارتكاز قراراتها على بنية راديكالية متطرفة لا يمكن أن تنتج أي تسوية سياسية إلا من خلال الحسم العسكري.

واعتبر مراقبون أن مسودة خطة غريفيث حاولت التعامل مع أسباب التوتر المباشرة سواء بين الفرقاء اليمنيين أو بين الحكومة اليمنية والحوثيين من قبيل نزع الصواريخ الباليستية من أيدي الحوثيين مقابل وقف العمليات الجوية للتحالف العربي.

وعلى الصعيد الداخلي تتضمن الخطة توافق الأطراف اليمنية على تشكيل حكومة انتقالية تمثل فيها جميع القوى الفاعلة بشكل عادل بما في ذلك الجماعة الحوثية.

وفي ما يتعلق بقضية الأسلحة وخصوصا تلك التي استولى عليها الحوثيون من مخازن الجيش اليمني عقب الانقلاب في سبتمبر 2014 والتي تعد أبرز القضايا الخلافية التي تعترض طريق التسوية السياسية في اليمن، نصت مسودة وثيقة الحل على ضرورة تسليم جميع الميليشيات أسلحتها الثقيلة والمتوسطة لمجلس عسكري وفق آلية مزمنة.

وأكدت مصادر خاصة لـ”العرب” أن المبعوث الأممي يعد لإطار عام لفك الاشتباك وتطبيع الأوضاع في المحافظات التي تشهد صراعا بين الشرعية والحوثيين مثل الحديدة وتعز وحجة والبيضاء.

وتشتمل خطة غريفيث، وفقا للمصادر، على إجراءات لتعزيز الثقة تتضمن وقفا لإطلاق النار وإطلاق الأسرى والمعتقلين، إضافة إلى بند خاص بالضمانات، وتترافق الخطة مع إجراءات أخرى تهيئ المشهد اليمني والمكونات السياسية والحزبية لاستئناف العملية السياسية بشكل متكامل عقب تجفيف آثار الحرب، ومن ذلك العودة مجددا لانتخاب مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية تحت إشراف الحكومة الانتقالية.

ويعتقد العديد من المراقبين أن المشهد المعقد في اليمن يحتاج إلى إضعاف الميليشيات الحوثية وتعميق خسارتها الاستراتيجية وإكمال السيطرة على محافظة الحديدة من قبل قوات المقاومة المشتركة، إضافة إلى تطمين دول الإقليم إلى عدم مقدرة الحوثيين بعد اتفاق على الانقلاب عليه واستهداف دول الجوار مجددا، وكل ذلك يجب أن يترافق مع ضغوطات دولية من قبل الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي تصل إلى درجة التلويح باستخدام القوة ضد أي طرف يرفض الانصياع لاتفاقات التسوية