تباهي حوثي بإنجاز أكثر من 300 مقبرة للشعب اليمني في ثلاث سنوات
كشفت ميليشيات جماعة الحوثي أمس أنها أنجزت في مناطق سيطرتها إنشاء أكثر من 300 مقبرة خلال ثلاث سنوات من انقلابها على الشرعية، وشن ميليشياتها حربها الظالمة على اليمنيين، في سياق مخططها المدعوم إيرانيا لتحويل اليمن إلى ذراع طائفي عسكري في الخاصرة العربية تنفيذا لأجندة طهران التوسعية.
ولم يرد الكشف عن هذا الكم المهول من المقابر الحوثية المستحدثة، في سياق إبداء الجماعة ندمها على آلاف القتلى الذين دفعت بهم إلى محارق للموت من عناصرها، وبقية المغرر بهم ممن استطاعت تجنيدهم طائفيا في صفها، ولكن في سياق التباهي والتفاخر بمشروعات الموت التي تروج لها الجماعة لاستقطاب مزيد من القتلى.
وإذ جاء الحديث عنه أمس خلال استقصاء رسمي للمقابر الجديدة، التي أنشأتها الجماعة خلال ثلاث سنوات لمواراة قتلاها في مختلف مناطق سيطرتها، وأوردته النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» في هيئة ما زعمت أنه تحقيق صحافي للكشف عن «جماليات» هذا الإنجاز الحوثي غير المسبوق.
وفيما تطلق الجماعة على المقابر التي شيدتها اسم «رياض الشهداء»، والتي قالت إنها تزيد عن 300 مقبرة، تحرص على تجاهل جميع الكوارث التي جلبتها على اليمنيين منذ الانقلاب المشؤوم في سبتمبر (أيلول) 2014، على الدولة والسلطة الشرعية التوافقية القائمة حينها بين المكونات والأحزاب اليمنية.
وفي معرض التباهي، تحدثت الجماعة بأن هذا الكم من المقابر الجديدة المزينة بالأشجار والعشب الأخضر والمرسومة في أشكال هندسية بديعة على حد قولها، هو نوع من التعبير الدنيوي عن الخلود، الذي تحاول من خلاله أن تحاكي الصورة التي تتخيلها الجماعة عن الخلود الأخروي الذي ينتظر قتلاها، حيث النعيم المقيم كما تزعم.
ويذكر القيادي الحوثي المسؤول عن تشييد مشروعات المقابر، في معرض حديثه عن الإنجاز الكبير لجماعته، أن هذا كله لم يكن ليتحقق إلا عبر إنفاق مبالغ ضخمة من الأموال التي تم نهبها من مقدرات الشعب اليمني وعائدات المؤسسات الحكومية، وأنواع الجباية التي تفرضها الميليشيات على التجار ورجال الأعمال.
وتحاول الجماعة وهي تتحدث بزهو عن «مقابر الموت» أن تغري عناصرها الأحياء وبقية اليمنيين، بأن جمال هذه المقابر وأشكالها الجميلة والمتناسقة مع الأشجار والعشب الذي يحفها من كل مكان، هو في مجمله، دافع أساسي لليمنيين من أجل أن ينضموا للقتال في صفوفها، كي يحصلوا على قبور وثيرة في «رياض الشهداء».
وبحسب ما يقوله المسؤول التنفيذي لمشروع الحوثي، فإن هذا الكم من المقابر الجديدة التي يشير إليها بفخر: «يستدعي الاهتمام الشامل لها من تسوير وتزيين وتشجير، وتوفير المياه والأضرحة والصور والأحجار، وكذلك الإسمنت». ليس هذا وحسب؛ بل إن هناك - كما يؤكد المسؤول الحوثي - في هذه المقابر «كوادر متطوعة تعمل ليلاً ونهاراً وتواكب العمل أولاً بأول» وهو ما يستغرق «كلفة باهظة» تضطر معها الجماعة - بحسب تعبيره - إلى طلب مزيد من التبرعات من أنصارها.
يذكر أن الجماعة الحوثية تحتفل كل عام على المستوى الرسمي والشعبي في كل المحافظات والمديريات والمؤسسات الواقعة تحت سيطرتها، بما تطلق عليه «أسبوع الشهيد» لتمجيد قتلاها وتكريس ثقافة الموت بين أنصارها، وبالتزامن مع هذه الاحتفالات، تدشن كل مرة مزيدا من المقابر الجديدة، بحضور كبار قياداتها.
وتلقى الاحتفالات الحوثية بالموت والمقابر الجديدة سخرية واسعة بين اليمنيين، الذين يرون في الأمر دلالة تؤكد أنه لا مستقبل للبلاد في ظل وجود سيطرة الميليشيات الطائفية التي لا تفقه - كما يقولون - أي مشروع يحتفي بالحياة والابتهاج، سوى ما تتقنه من استحداث للمقابر وحض على الموت في سبيل أفكارها الطائفية.
وبقدر ما يدل الحديث الرسمي للميليشيات في تباهيه بعدد المقابر على «عدمية المشروع» الذي تقاتل عنه الجماعة التابعة لإيران، يشير أيضا بشكل غير مباشر إلى حجم الخسائر الضخمة التي تكبدتها خلال ثلاث سنوات في صفوف مقاتليها، إذ إن اعترافها بإنشاء أكثر من 300 مقبرة، يعني بحسب تقديرات مراقبين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» سقوط 50 ألف قتيل على الأقل، إذا كانت كل مقبرة تضم 150 قبرا فقط.
ويأتي الحديث الحوثي عن عدد المقابر التي أنجزتها الجماعة خلال ثلاث سنوات من الانقلاب، في ظل أوضاع إنسانية متدهورة في مناطق سيطرتها، لجهة تصرفاتها التي فاقمت من معاناة المواطنين، وأجبرتهم على العودة إلى عقود خلت لاستخدام الحطب لإنضاج الطعام جراء تلاعبها بكميات الغاز المنزلي وبيعها في السوق السوداء