
اليمن في مهب الريح .. حكومة فاشلة وشعب تحت خط الفقر
شهدت اليمن فترة انفلاب الحوثي على الدولة ثلاث حكومات متعاقبة للشرعية هي: حكومة أحمد عبيد بن دغر، حكومة معين عبد الملك، وحكومة أحمد عوض بن مبارك، تتفاوت هذه الحكومات في أدائها السياسي والاقتصادي، وتأثير ذلك على الفساد المالي والإداري وتدهور الخدمات وانخفاض قيمة العملة الوطنية.
إلا أن الوضع وصل مع حكومة بن مبارك وقبله معين إلى مرحلة انفلتت فيها كل ضوابط الفساد التي سار عليها سلفه فصادر فسادا مقننا يُمارس باسم الشرعية وتحت مظلتها.
"المنتصف" تسلط الضوء على تلك الاخفاقات وانعكاسها على الواقع المعيشي .
راتب يتآكل
في البداية وجد الموظف احمد عبد السلام راتبه الذي كان 62 ألف ريال قبل 2015 يساوي 266 دولارًا، ومع تعاقب الحكومات اخذ يتآكل عام بعد عام فأصبح اليوم يعادل 27 دولارًا، ولهذا يقول: "أصبحنا نعيش الفقر غير قادرين على شراء الضروريات الأساسية مثل الغذاء والدواء والسكن، ابراتب لا يفي حق ايجار المسكن، ولا حتى توفير المواد الغذائية لأسبوع من الشهر.خرجنا نتظاهر نطالب بتحسين الرواتب ونطالب الحكومة بوضع حد لتدهور العملة ما كان منها إلا أن اعتقلت المتظاهرين في عدن، واصدرت قرارًا بتعز يمنع التظاهر. حكومة فاشلة بكل المقاييس لا تستطيع عمل شيء سوى ادخال المواطن في ازمات او صراعها السياسي على السلطة".
نحو المجهول
حمود الراعي يرى البلد تتجه نحو المجهول وسط تدهور العملة والغلاء الفاحش وارتفاع سعر الدولار بسبب سياسة البنك المركزي النقدية التي تعالج الازمة بمزادات بيع الدولار والتي تسببت بالمزيد من الانهيار المخيف.. السؤال: لماذا البنك المركزي لا يعلن عن البنك الذي رسي عليه المزاد؟، في السابق كان بمحرد ان تصل الوديعة السعودية يهبط سعر الصرف للعملة الاجنبية، حاليا تأتي الوديعة ويرتفع الصرف وبشكل يومي. ما يجري في مناطق الشرعية فساد اصبح من الصعب القضاء عليه حتى لو غيرت الحكومة عشر حكومات. نحن بحاجة الى ثورة تقتلعهم من السلطة التي يديرونها من الخارج وتصرف لهم رواتب بعشرات الآلاف من الدولارات شهريًا وتحوّلوا بالمال المنهوب الى تجار وسماسرة وليسوا رجال دولة.
تضاعف الفقر
الباحث كمال عبد الرحمن يقول عرفت الحكومة الحالية بحكومة الفشل والتي لم تستغرق وقتًا طويلًا حتى تنخر في جسد الدولة عام واحد كان كافيًا ان تصل اليمن الى ما وصلت إليه من وضع اقتصادي كارثي على الشعب اليمني الذي كان يأمل من الشرعية ان تقوده الى بر الامان وليس الى الأزمات التي طالت لقمة العيش وضاعفت من مستوى الفقر.
حكومة النكسات والازمات
الباحث الاقتصادي محمد عبدالله سعيد يقول: "ان الاقتصاد اليمني شهد انهيارًا غير مسبوق لقيمة الريال اليمني أمام الدولار الأمريكي بعد الانقسام البنكي وطبع عملة جديدة وتوقف الصادرات النفطية والغازية وغياب الاستثمارات، ما أدى إلى تدهور اقتصادي لم تتمكن الحكومة من وضع الحلول، إلى حانب انها تقف عاجزة وتستمر في الفساد ونهب المال العام بينما الموظف يعاني من انخفاض مستوبات القوة الشرائية بشكل حاد، ففي عام 2015، كان سعر الصرف عند 225 ريالًا للدولار، لكنه قفز إلى 2300 ريال بحلول 2025، ما يمثل تراجعًا حادًا بأكثر من 877 % خلال عشر سنوات ولم تتخذ الحكومات أي إجراء حقيقي لمعالجة الأزمة رغم الضخ المهول والمنح المقدمة من دول الخليج والدول الصديقة.
وهنا يمكن القول: أن الفساد في الحكومات السابقة والانهيار الاقتصادي كان بطيئًا بينما في حكومة بن مبارك استطاعت ان تحوز على لقب حكومة الفشل في عام انهيار اقتصادي غير مسبوق لم تعرفه اليمن الا بدولة بن مبارك التي عرفت اليمن المعنى الحقيقي للأزمات. حكومة تعمل من غير موازنة اي بطريقة عشوائية، الأمر الذي سهل الفساد والعبث بإيرادات الدولة التي أصبحت لا تورد اغلبها الى البنك المركزي بل الى حسابات بنكية تقوم مرافق ايرادية بفتحها ببنوك تجارية وبموافقة البنك المركزي بحجة مواجهة النفقات لهذا تجد كبار المسؤولين يعيشون حياة نعيم بينما الشعب في جحيم".
فشل المعالجات
وعن سبب الفشل في وضع المعالحات للأزمة الاقتصادية التي تنذر بمجاعة، يذهب محللون اقتصاديون إلى أن غياب المحاسبة والشفافية في إدارة الموارد المالية كان أحد الأسباب الرئيسية لتفشي الفساد. فقد تم تحويل أموال طائلة للخارج دون أي رقابة أو محاسبة، مما أدى إلى إفقار الدولة وتراجع الخدمات العامة. هذا الغياب للمحاسبة يعكس ضعف المؤسسات الحكومية وعدم وجود إرادة سياسية لمكافحة الفساد
موازنة الحكومة
الاخ حسين المقطري علَّق على تصريحات رئيس الحكومة حول وضع الموازنة بالقول: إذا كان كلام دولة رئيس الوزراء احمد عوض بن مبارك حقيقة بأن موازنة 2025 م جاهزة لعرضها على مجلس النواب، فإن الكرة الآن فى ملعب نواب الشعب ورئيس مجلس النواب سلطان البركاني ، وإذا تمت هذه الخطوة فتعتبر الخطوة الأولى لعودة الدولة بعد غياب 10 سنوات . وستكون الخطوة الأولى لمكافحة الفساد عبر تبويب الصرف وعدم دخول أي بنود مخالفة للقانون . والغاء خطة الإنفاق وتوحيد الرواتب للمدنيين والعسكريين فى الباب الأول.. ننتظر قادم الأيام .
البنك الدولى وحدة التحديات
دينا أبو غيدا، مديرة مكتب البنك الدولي في اليمن رأت أن حدة التحديات الاقتصادية والإنسانية في اليمن تزداد إلا إن الفرصة لا تزال قائمة لتغيير هذا المسار في الهبوط، بتقديم الدعم المناسب. ولا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة، منها معالجة اختلالات حسابات المالية العامة والحسابات الخارجية، والتخفيف من حدة انعدام الأمن الغذائي، وتحقيق المزيد من الاستقرار. ولا نزال ملتزمين بالتعاون الوثيق مع الشركاء لدعم جهود التعافي وتمهيد الطريق لتحقيق مستقبل مستدام في اليمن.
تعميق التشرذم
تقرير البنك الدولي يؤكد أن الآفاق الاقتصادية لليمن لعام 2025 لا تزال قاتمة، بسبب استمرار الصراع الإقليمي، والصراع الداخلي، الذي يهدد بتعميق التشرذم في البلاد، وتفاقم أزمتها على الصعيدين الاجتماعي والإنساني. ومع ذلك، وإذا تم التوصل إلى اتفاق سلام دائم، فيمكن لمكاسب السلام المحتملة أن تحفز التعافي الاقتصادي السريع وهذا من شأنه تمهيد الطريق أمام حصول اليمن على المساعدات الخارجية الحيوية، وإعادة الإعمار، وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحقيق استقرار البلاد واقتصادها.