
بتواطؤ دولي وعبر منافذ محلية عدة .. استمرار تدفق الأسلحة الإيرانية إلى عصابة الحوثي
كشفت واقعة ضبط أسلحة إيرانية جديدة في ميناء الحديدة على ساحل البحر الاحمر مؤخرًا، عن حجم التواطؤ الدولي والاقليمي والمحلي، في تسهيل مرور تلك الشحنات التي تصاحبها شحنات كبيرة من المخدرات والممنوعات.
اجراءات دعائية
وعلى الرغم من حظر تهريب وتزويد عصابة الحوثي الايرانية اليمن بالاسلحة الايرانية التي اقرتها الامم المتحدة في بداية الازمة اليمنية، ودخول البلاد تحت البند السابع الذي يشمل منع بيع او تزويد اي كيانات يمنية بالسلاح، تواصل الاسلحة الايرانية التدفق الى الحوثيين.
ورغم تشكيل قوات دولية متعددة المهام والجنسيات وانتشارها في المياه المحيطة باليمن، بما فيها قوات تابعة للتحالف العربي بقيادة السعودية، وقوات المهام الاوروبية وتحالف حارس الازدهار، ما زالت الاسلحة الايرانية تتدفق وبشكل كبير الى عصابة الحوثي.
وفوق هذا كله عمدت ايران عبر قواتها المنتشرة في مناطق الحوثيين، الى جانب ذراعها الحوثية في اليمن، على تنفيذ هجمات واعمال قرصنة على سفن الملاحة الدولية في البحر الاحمر والعربي منذ نوفمبر ٢٠٢٣.
ومن خلال تتبع اخبار عمليات ضبط مصادرة شحنات اسلحة ومخدرات ايرانية من قبل القوات الدولية العاملة في بحر العرب، كانت في طريقها من ايران الى الحوثيين، واختفاء اثر تلك الشحنات ومصير العناصر الذين ضبطوا معها، نجد ان كل ذلك عبارة عن دعائية اعلامية هدفها استمرار الدعم الدولي لتلك القوات، وذريعة لاستمرار عمل تلك القوات في المنطقة.
فشل التحالف والامم
ومن خلال متابعة ورصد التقارير والاخبار التي تحدثت عن مدى سنوات الحرب التي تشنها عصابة الحوثي على اليمنيين، نجد ان الاجراءات التي اتبعتها الامم المتحدة والتحالف العربي، بشأن مراقبة السواحل اليمنية خاصة الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، واجراء عمليات تفتيش، كانت فاشلة او متواطئة هي الاخرى، حيث استمرت عملية تدفق الاسلحة والمخدرات الايرانية الى مناطق الحوثي بدليل عمليات ضبط لبعض تلك الاسلحة والمخدرات في مناطق داخل اليمن.
وظلت اخبار عمليات ضبط ومصادرة شحنات اسلحة ومعدات تدخل في التصنيع الحربي ايرانية الصنع او قادمة من ايران، ومنها شحنات المخدرات والممنوعات في منافذ واراضٍ يمنية ، ظلت تتوالى منذ ما قبل الحرب وحتى اليوم.
كما ظلت عدد من التقارير الاستخباراتية الدولية، والصادرة عن لجنة الخبراء التابعة لمجلس الامن الدولي المعنية باليمن، تتحدث حول عمليات تهريب اسلحة ايرانية الى الحوثيين، وكذا شحنات المخدرات والمواد الممنوعة الاخرى، وبالتفصيل الدقيق.
كل ذلك واكثر، يعد دليلًا وقرائنًا تؤكد مدى فشل كل تلك الاجراءات في منع ايران من ارسال الاسلحة المتطورة والمواد والقطع التي تدخل في عمليات تصنيع حربي كالالغام والمتفجرات والعبوات الناسفة البرية والبحرية، الى وكلائها الحوثيين في اليمن.
وعلى ضوء ما تم سرده تطرح العديد من الأسئلة من قبل المراقبين المحليين والدوليين، حول جدية المجتمعين الدولي والاقليمي وكذا المحلي في اليمن، فيما يتعلق بمنع تهريب او تزويد الحوثيين بالاسلحة والمتفجرات التي تستخدمها في قتل المدنيين الابرياء في اليمن؟ وهل فعلًا تمارس القوات الدولية والعربية والتشكيلات المسلحة المحلية، مهامها بالشكل المطلوب في منع ذلك، أم يوجد تواطؤ من الجميع لتحقيق مصالح خاصة؟ ام ان ذلك ياتي في اطار تبادل المصالح والتخادم بين ايران والمجتمع الدولي والاقليمي؟
منافذ لتهريب الموت
ورغم ذلك كله، يظل الداخل اليمني عبر مكوناته وادوات ما بعد نكبة فبراير ٢٠١١، شريكًا ايضا في تسهيل وصول شحنات الاسلحة والمخدرات والممنوعات الايرانية الى عصابة الحوثي.
فخلال السنوات الماضية وحتى اليوم ،واحتمال خلال المستقبل، استمر تدفق تلك الشحنات القاتلة لليمنيين، عبر المنافذ البرية والبحرية، وبعضها عبر الجو، الى مناطق الحوثي بشكل او بآخر.
وخلال تتبع اخبار ضبط العديد من تلك الشحنات والمناطق التي ضبطت فيها نجد ان موانئ وسواحل الحديدة، متصدرة الترتيب وهذا امر طبيعي ما دام تركت تلك الموانئ والسواحل تحت سيطرة عصابة الحوثي بضغوط دولية.
كما نجد ان سواحل وموانئ المحافظات المحررة، في المرتبة الثانية خاصة تلك الواقعة تحت سيطرة تنظيم الاخوان ذراع اليمن ممثلًا بحزب الاصلاح كالمهرة وشبوة سابقا، وكل المناطق الاخرى خلال فترة تولي حزب الاصلاح الحكومة المعترف بها دوليا ابان حكم الرئيس السابق عبدربه منصور هادي.
وحسب المراقبين المحليين هذا امر طبيعي في ظل علاقة التنسيق والتخادم المشترك بين الجانبين، والذي شمل ايضا تهريب المقاتلين الاجانب عبر سواحل محافظتي ابين وشبوة وحضرموت بالتنسبق مع عناصر تنظيم القاعدة الشريك الثالث للجماعتين الاخوانية والحوثية.
المنافذ البرية
كما هو معلوم ان جميع المنافذ البرية اليمنية ترتبط بالمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، الأمر الذي جعل التحكم بتلك المنافذ بالشراكة مع الجانب اليمني السلطات في تلك الدولتين، خاصة فيما يتعلق بتدفق البضائع او الاشخاص.
ومن خلال مراجعة الاخبار المتعلقة بضبط شحنات اسلحة ومخدرات ايرانية اثناء تهريبها للحوثيين، نجد ان المنافذ البرية على الحدود مع. سلطنة عمان تتصدر الاحداث، اي منافذ محافظة المهرة التي تتحكم فيها بشكل كبير عناصر حزب الاصلاح.
فيما اقتصرت الحدود مع السعودية على تهريب الاشخاص والمخدرات، والتجارة بأدوات الدعارة كالنساء والاطفال، فيما ظلت عمليات تهريب الاسلحة مقتصرة على اسلحة مقدمة من دول التحالف العربي التي سلمت لقوات تابعة لحزب الاصلاح المنضوية تحت الشرعية.
الطرق .. همزة الوصل
ومن خلال تتبع طرق التهريب من المنافذ البحرية والبرية، نجد ان الجميع مشترك في تلك العمليات اما من خلال التخادم كحزب الاصلاح مع الحوثيين والقاعدة، او بهدف التربح والكسب المالي التي تمارسها تشكيلات الانتقالي الجنوبي، والقبائل.
ومن ابرز طرق نقل الاسلحة والمخدرات الايرانية، طرق الحديدة - صنعاء ومعظمها تقع تحت سيطرة الحوثيين، والطريق الثانية تلك التي تمر من محافظة المهرة عبر حضرموت ومأرب او شبوة الى مناطق الحوثيين، وتشرف عليها عناصر الاصلاح واخرى تابعة للانتقالي.
والطريق الثالثة، تمر عبر الصحراء الرابطة بين المهرة وحضرموت والجوف، وتتحكم بها القبائل الخاضع بعضها لحزب الاصلاح.
والطريق الرابعة، التي تأتي من راس العارة في لحج، مرورا بتعز او الضالع وصولا الى مناطق الحوثي في محافظة اب، وتخضع لعناصر الاصلاح بتعز، والانتقالي في لحج والضالع.
وهناك طريق اخرى،احدها تمر من شبوة الى البيضاء ، واخرى من عدن الى لحج ويافع الى البيضاء، او عدن الى ابين ومنها الى البيضاء، وتتحكم فيها عناصر الانتقالي، وعناصر القاعدة خاصة القادمة من ابين وشبوة. كما أن هناك طرقًا صحراوية اخرى تربط حضرموت بالجوف ومارب الى مناطق الحوثي.
أخيرًا،، لا يمكن توقع نهاية حتمية لما تشهده البلاد من اوضاع متدهورة في ظل تعدد الكيانات المحلية، وتعدد الداعمين الخارجيين، وتشعب المصالح لدول الخارج وكيانات الداخل.
ومع ذلك كله يظل الشعب حجر الزاوية في كل ذلك فهو من يدفع الثمن لكل مؤامرات الداخل والخارج، وهو الامل في تخليص وتطهير البلاد منها.. فقط ينتظر القيادة الوطنية لحمل راية العودة الى الدولة اليمنية المفقودة.