Image

لا معالجات او استقالات .. عدن والمناطق المحررة بين رحى الفشل والفساد

مرت اربعة ايام وستمر ايام واسابيع اخرى، على بيان البنك المركزي اليمني بعدن الذي طالب فيه مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والتحالف والدول الداعمة، السماح لها اتخاذ معالجات لانقاذ ما تبقى من العملية المالية في اليمن، دون رد او استجابة من تلك الجهات.
يأتي ذلك مع تواصل مؤشرات الانهيار الكلي للمعيشة والريال والاقتصاد، الاتجاه نحو الكارثة الانسانية في عدن والمناطق المحررة واليمن عموما، في ظل استمرار معاول الفساد والفشل في اطار مجلس القيادة وحكومته.

فشل وفساد وقمع
ومع استمرار حالة التدهور في جميع مجالات الحياة على وقع استمرار تدهور العملة المحلية الريال، والخدمات، تعيش عدن في الرمق الاخيرة من مظاهر الحياة الطبيعية للمواطن، زاد من حدتها عمليات القمع التي تمارس ضد المحتجين على تلك الاوضاع.
ومنذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي بمنظومته الحالية في ابريل ٢٠٢٢، بدات اخر مراحل انهيار الاقتصاد والمعيشة للمواطنين، وغابت اي حلول لايقاف تدهور الصرف الذي كان حينها عند ٨٠٠ ريال للدولار واليوم يقترب من ٢٥٠٠ ريال للدولار.
كما زادت منذ ذلك التأريخ تدهور الخدمات خاصة الكهرباء والمياه والتعليم، وبقية الخدمات،  وصولا الى العجز والفشل في صرف مرتبات الموظفين، في حين زادت التعيينات وابتكار المناصب والتوظيف وتقاسم ذلك بين مكونات المجلس.
وعلى وقع تقاسم المناصب والثروات، وتحويل كل ذلك الى خارج البلاد، زادت الاعتمادات المالية للمسؤولين والموظفين المتواجدين في الخارج، وكلها اعتمادات بالعملات الصعبة، واتجهت الحكومة ومجلس القيادة للعمل والاهتمام بتلك الثلة التابعة لهم خارج البلاد، واهملوا بطريقة متعمدة الموظفين والمواطنين بالداخل.
وعلى وقع ذلك استبيحت حل مؤسسات الدولة خاصة الايرادية، وظهرت قضايا فساد واستفحلت قضايا سابقة تتعلق بالنفط والغاز والكهرباء والمنح والتعيينات وتقاسم ووصلت اروقة الحكومة والمجلس بشكل رئيسي.
في الوقت ذاته تدهورت الخدمات اكثر ووصلت الى حد توقف خدمة الكهرباء وتعطلت على اثرها عمليات ضخ المياه للاحياء والمنازل، وارتفعت اسعار مشتقات النفط وظهرت ازمة غاز منزلي، وتعطلت العملية التعليمية برمتها على خلفية اضراب المعلمين نتيجة وقف صرف المرتبات شهريا، في ظل ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية على وقع استمرار تدهور سعر العملة المحلية شبه اليوم لتتجاوز كل الخطوط الحمراء، فيما ظل مرتب الموظف كما هو منذ ما قبل نكبة ٢٠١١، واصبح لا يغطي قيمة وجبات غذاء للاسرة لمدة يوم واحد.
وعلى وقع كل ذلك، ظلت الجهات المعنية مشغولة بتقاسم المناصب والثروات، وتوفير مرتبات عناصرها في خارج البلاد بالعملات الصعبة التي لا يمكن مقارنتها بمرتبات موظفي الداخل، فالفارق كبير جدا حيث راتب الموظف في الداخل خاصة المعلم لا يتجاوز ١٠٠ ريال سعودي، فيما تتراوح الموظفين بالخارج بين ٥ الاف و٢٠ الف سعودي (٣٠٠٠ الى ١٠٠٠٠ دولار) ، غير مرتبات الوزراء واعضاء مجلس القيادة وكبار.
وعلى مدى قرابة ٣ اعوام فشل مجلس القيادة وحكومة المناصفة في ايجاد حلول ومعالجات لحالات تدهور العملة والحالة المعيشية والاقتصاد والخدمات، بل وعمدت على قمع المحتجين المطالبين بتوفير متطلبات بقائهم على قيد الحياة.

غياب التنسيق
ويرجع خبراء في الاقتصاد، ان ما تشهده البلاد خاصة عدن والمناطق المحررة ناتج عن عدة عوامل، اهمها فشل الادارة وغياب التنسيق واللهث وراء المكاسب والمصالح الخاصة للمسؤولين، الى جانب التنصل عن التزامات تلك القوى عند اسناد الامر لها، ورمي فشلها على عوامل اخرى، قد تكون لها تأثير لكنه ليس كبيرا كالفساد ونهب الثروات وتقاسم المناصب وتحويل الاموال الى الخارج.
كما تكمن ازمة تدهور العملة، في غياب المعالجات الحكومية لسد العجز في المالية العامة للدولة، وعدم ضبط نظام النقد المعمول به خلال الوقت الراهن، وتعطيل السياسات المالية الحكومية التي كان من المفترض أن تكون رأس حربة لمواجهة الإختلالات والتغلب على التحديات، وغياب الرؤية الاستراتيجية على ما يبدوا للحكومة لتفعيلها حالياً والعمل وفق أسس علمية سليمة وسياسات رشيدة.
واشارت الى ان السياسات المتبعة والمعتمدة لإدارة نظام النقد وأنشطة سوق الصرف من قبل السلطات النقدية، ما تزال تسير بشكل أحادي، تفتقر للتناسق والتناغم مع السياسات الحكومية، التي تمنحها فاعلية الأثر والتأثير على الواقع، إضافة إلى أن الإنقسام المصرفي الحاصل يساعد المضاربين والسوق السوداء على الاستفادة من النظام النقدي المتبع في إدارة النشاط المصرفي، ويمكنهم من التلاعب بقيمة العملة الوطنية بشكل مستمر.

الهروب من المسئولية 
وفي ظل استمرار واستفحال ازمات الموت القاتلة للمواطن، هربت مراكز القوى نحو الخارج حيث استثماراتها وعائلتها، وتركت المواطنين يواجهون الموت بشتى الطرق بما فيها القمع من قبل تشكيلاتها المسلحة، لتبدأ مرحلة صراع جديدة على تقاسم المصالح، فيما الدول الداعمة لتلك المكونات تدفع نحو مزيد من التدهور للحصول على تنازلات تخدم وجهة نظرها ومصالحها الخاصة.
ومن خلال المشاهد، نجد ان الشعب ميت من الجوع، ويعاني من غياب وتوقف خدمات الكهرباء والمياه، وانقطاع المرتبات التي لا تتجاوز راتب الموظف الحكومي 100 ريال سعودي، في حين تتكشف قضايا فساد مفجعة ابطالها اشخاص مقربة من قادة مجلس القيادة وحكومة بن مبارك.. ورغم ذلك لم يلمس المواطن احالت الفاسدين والمسؤولين عن هذه الحالة الى القضاء او تقديم استقالات فشل او اقالات فالعملية مرتبطة بمراكز قوى لا تؤمن بالوطن وخدمة المواطن لارتباطها بالخارج.