![Image](uploads/news/67af88e9e8704.jpg)
خطة سلام عربية في مواجهة مقترح «التهجير»
تعكف دول عدة على صياغة «خطة عربية» للرد على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن مستقبل قطاع غزة. وأوضحت مصادر مصرية وعربية أن «الخطة ستتضمن إلى جانب إعادة إعمار غزة والتعافي المبكر، مقترحات بشأن تحقيق السلام الشامل»، وأن يكون «التطبيع» مع إسرائيل في مقابل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي هذا السياق، قالت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، إن الوزير بدر عبد العاطي، أكد خلال لقاء مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على هامش الاجتماع الوزاري بشأن سوريا الذي عُقد في باريس، الخميس، أن «القاهرة بصدد بلورة تصوّر شامل لإعادة إعمار غزة، دون تهجير سكان القطاع».
وذكرت «الخارجية» في بيان أن عبد العاطي أبلغ ماكرون، بأن هذا التصوّر يهدف إلى مساعدة سكان غزة «من خلال تنفيذ برامج ومشروعات للتعافي المبكر وإزالة الركام وإعادة الإعمار، بوجود الفلسطينيين على أرضهم».
كما أكد وزير الخارجية المصري، خلال لقاءات منفصلة مع نظرائه في إسبانيا والنرويج وآيسلندا وبولندا ورئيس المجلس الأوروبي، الجمعة، على هامش أعمال «مؤتمر ميونيخ للأمن»، «اعتزام القاهرة تقديم تصور شامل للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة بما يضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه»، وشدد في هذا الصدد على «أهمية البدء في عملية التعافي المبكر».
وقالت «رويترز» نقلاً عن 10 مصادر عربية، لم تسمِّها، إن النقاشات العربية العاجلة تهدف إلى إيجاد خطة بشأن مستقبل غزة في مواجهة طموح الرئيس الأميركي لتحويل القطاع إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» وإخلائه من سكانه الفلسطينيين.
وأكد المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي السعودي، اللواء محمد الحربي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك تنسيقاً عربياً وتحركات ككتلة واحدة ترفع صوتاً واحداً وهو (لا للتهجير)». وذلك في مواجهة «فكرة ترمب التي لاقت رفضاً واسعاً عربياً وعالمياً».
وأضاف أن «العرب سيوجهون رسالة إلى ترمب تتضمن موقفاً راسخاً وقوياً لا رجعة فيه»، موضحاً أن المقترح العربي «سيتضمن إعمار غزة في وجود أهلها»، لافتاً إلى ضرورة «وجود ضمانات كبيرة حتى لا يتكرر تدمير غزة مرة أخرى».
وذكر الحربي أن «الدول العربية ستؤكد موقفها الراسخ والثابت بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67، وأن لا سبيل للسلام إلا بحل الدولتين».
//صبي فلسطيني يسير بجوار أنقاض منزل في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
وأثار مقترح الرئيس الأميركي بـ«السيطرة على قطاع غزة» بعد ترحيل الفلسطينيين إلى مكان آخر، ردود فعل إقليمية ودولية رافضة على نطاق واسع، ودفع نحو تحركات ومواقف عربية مكثفة لدول عدة على رأسها السعودية ومصر والأردن، بهدف «رفض التهجير».
ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدرين عربيين، لم تسمهما، قولهما إن «قادة 5 دول عربية سيجتمعون لمناقشة معمقة لخطة ترمب بشأن غزة وسبل صياغة رد عربي عليها»، وذلك قبل «أيام» من قمة عربية مرتقبة بالقاهرة في27 فبراير (شباط) الحالي. وأشار المصدران إلى أنّ «القمة الخماسية» ستشدد على «عدم إخراج الغزيين من أرضهم» و«رفض التهجير».
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، قال الثلاثاء لصحافيين في واشنطن، إنّ «مصر ستقدّم رداً على خطة ترمب»، مشيراً إلى أن «الدول العربية ستناقشه في محادثات مشتركة».
بدوره، قال مصدر دبلوماسي عربي لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك تنسيقاً عربياً لصياغة مقترح متكامل رداً على خطة ترمب»، مشيراً إلى أن «قادة عرباً سيجتمعون لمناقشة تفاصيل المقترح قبل عرضه على القمة الطارئة بالقاهرة نهاية الشهر الحالي».
وأضاف أن «الولايات المتحدة تنتظر المقترح العربي، ويبدو أن لديها استعداداً لقبوله»، لافتاً إلى أنه «لم يكن من الممكن مواجهة مقترحات التهجير الأخيرة دون تنسيق وتناغم عربي على أعلى مستوى». وأكد المصدر أن «مواجهة الضغوط الأميركية تتطلب قدراً من المرونة العربية، وقدرة على التنسيق بتناغم ومرونة وهو ما يجري حالياً» بجهود تشارك فيها أكثر من دولة.
فلسطينيون نازحون ينتظرون على طول طريق صلاح الدين بالنصيرات بالقرب من ممر نتساريم في وقت سابق (أ.ف.ب)
وأعلنت مصر، الأحد الماضي، استضافة «قمة عربية طارئة» تستهدف بحث التطورات «المستجدة والخطيرة» للقضية الفلسطينية في27 فبراير الحالي، وذلك بعد التنسيق مع الدول المعنية. ثم قالت القاهرة إنها «ستقدّم رؤية شاملة لإعادة إعمار غزة تضمن بقاء الفلسطينيين في أرضهم».
وأشار وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الخميس، إلى القمة العربية المقبلة، قائلاً: «في الوقت الحالي الخطة الوحيدة هي خطة ترمب، هي لا تعجبهم؛ لكنها الخطة الوحيدة. لذا إذا كانت لديهم خطة أفضل، فهذا هو الوقت المناسب لتقديمها».
وبحسب عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية في البرلمان)، عضو «لجنة الشؤون السياسية الاستشارية» التابعة لمجلس الوزراء، الدكتور عبد المنعم سعيد، فإن «التصور المصري ليس وليد اليوم، بل يجري العمل لإعداده منذ شهور عدة، لبلورة مقترح متكامل بالتنسيق مع الدول العربية والأطراف المعنية».
وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخطة تتضمن كثيراً من التفاصيل السابقة واللاحقة لوقف القتال في غزة بشكل دائم، والبدء في إعادة إعمار غزة»، لافتاً إلى أن «إعادة إعمار غزة جزء من خطة شاملة للسلام في المنطقة».
وأوضح أن «الفكرة ترتكز على نوع من المبادلة مع إسرائيل، بمعنى دمجها في المنطقة والاعتراف بها والتطبيع معها مقابل إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية»، مشيراً إلى أن «تنفيذ أي مقترح يبدأ بانسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة، ووقف إطلاق النار بشكل دائم، والتوافق على من سيدير قطاع غزة».
وأكد سعيد أن «هناك مقترحات بضرورة إقناع حركة (حماس) بالتخلي عن إدارة القطاع، مع ضرورة وجود مرونة لدى السلطة الفلسطينية لضم أفراد من الخارج لديهم قبول دولي»، مشيراً إلى أن «خطة السلام قد تتضمن نوعاً من تطوير العلاقات العربية - الإسرائيلية في المستقبل»، مقترحاً «إنشاء (منتدى البحر الأحمر) على غرار (منتدى شرق المتوسط)».
فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، قد أكد في تصريحات، منتصف الأسبوع الماضي، أن «القمة الطارئة في القاهرة ستناقش طرحاً عربياً يقابل مقترح أميركا». وقال إن «الطرح العربي سيقوم على التوافق الفلسطيني والدعم العربي والدولي»، مقترحاً «تنحي حركة (حماس) إذا اقتضت المصلحة الفلسطينية».
وبشأن إعادة إعمار غزة. أوضح عبد المنعم سعيد أن «هناك كثيراً من الأفكار في هذا الصدد اعتماداً على خبرات عدة مصرية وعربية في التطوير العقاري، من بينها مقترحات تتضمن إعادة استخدام حطام الحرب، وربما توسيع غزة بردم أجزاء من البحر».
ونقلت «رويترز» عن مصادر، لم تسمها، قولها إن المقترحات العربية قد تتضمن «صندوق إعادة إعمار، واتفاقاً لتنحية حركة (حماس) جانباً»، ولفتت إلى «وجود نحو 4 مقترحات على الأقل تمت صياغتها بالفعل بشأن مستقبل غزة، لكنّ مقترحاً مصرياً يبدو حالياً الأساس للمسعى العربي لطرح بديل لفكرة ترمب».
ويتضمن أحدث مقترح قدمته القاهرة «تشكيل لجنة فلسطينية لحكم قطاع غزة دون مشاركة (حماس)، وتعاوناً دولياً في إعادة الإعمار دون تهجير الفلسطينيين، إضافة إلى المضي نحو حل الدولتين»، وفق 3 مصادر مصرية أمنية تحدثت لـ«رويترز».