تونس.. ثروات ضخمة واقتصاد مأزوم، فهل من حلول؟
تتمتع تونس بثروات طبيعية هائلة، إذ تمتلك احتياطيات ضخمة من الفوسفات تُقدر بـ 2.5 مليار طن بقيمة 900 مليار دولار، إلى جانب 425 مليون برميل من النفط بقيمة 30 مليار دولار، واحتياطي غازي يصل إلى تريليوني قدم مكعبة بقيمة 7 مليارات دولار.
كما تُعَدّ ثالث أكبر منتج لزيت الزيتون عالميًا، وثالث أكبر وجهة سياحية في القارة الإفريقية، حيث استقبلت عشرة ملايين سائح العام الماضي.
رغم هذه المقومات، يعاني الاقتصاد التونسي من تحديات كبرى، أبرزها ضعف النمو الاقتصادي وارتفاع الدين العام إلى نحو 45 مليار دولار. كما تشهد البلاد أكبر موجة نزوح للكفاءات بمتوسط 3000 شخص سنويًا، ما يضع الحكومة أمام معضلة تنموية معقدة.
في خطوة غير مسبوقة منذ سبع سنوات، قررت الحكومة التونسية فتح باب التوظيف في القطاع العام، الذي يضم حاليًا نحو 800 ألف موظف يتقاضون أجورًا تبلغ 7.5 مليار دولار سنويًا.
حول هذا القرار، يقول وزير التشغيل الأسبق فوزي عبد الرحمن خلال حديثه لسكاي نيوز عربية: "القطاع العام هو المشغّل الأول لحاملي الشهادات العليا، ونسبة البطالة في تونس تتجاوز 15 بالمئة، أي ما يقارب 700 ألف باحث عن عمل، 40 بالمئة منهم من أصحاب الشهادات العليا. هذا ما يجعل من التوظيف في القطاع العمومي ضرورة اجتماعية وأخلاقية".
أخبار ذات صلة أخبار تونسوزير تونسي يؤكد.. قطاع الزراعة يساهم بـ 10% من اقتصاد البلاد البنوكاحتياطيات تونس من النقد الأجنبي تهبط إلى 7.3 مليار دولار
لكن يبقى التساؤل: هل تمتلك الدولة الموارد الكافية للاستمرار في دفع هذه الأجور؟ يرى عبد الرحمن أن نسبة كتلة الأجور تبلغ 13 بالمئة من الناتج الوطني الخام، وهي ليست مرتفعة بالمقارنة مع دول أخرى، لكن الإشكال الحقيقي يكمن في جودة الخدمات التي يقدمها القطاع العام مقابل هذه النفقات.
الإصلاحات والخصخصة.. حلول مؤجلة؟
أمام هذه التحديات، يرى عبد الرحمن أن الحل لا يكمن فقط في زيادة التوظيف، بل في إصلاح جذري للقطاع العام، حيث يقول: "لابد من عصرنة القطاع وإدخال أساليب حديثة في إدارة الموارد البشرية، وجعله أكثر ديناميكية عبر دورة مستمرة من التوظيف والتقاعد".
وفيما يتعلق بملف خصخصة المؤسسات العمومية، يؤكد عبد الرحمن أن هناك أكثر من 300 مؤسسة حكومية تعاني من ضعف الأداء، وكان ينبغي على الحكومات المتعاقبة تحريرها من القيود الإدارية وتحويلها إلى كيانات قادرة على المنافسة. لكنه يصف الإدارة التونسية بأنها "قديمة جدًا ومحافظة"، مما يعرقل تنفيذ الإصلاحات الضرورية.
هل تنجح تونس في تجاوز أزمتها؟
في ظل هذه التحديات، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للاقتصاد التونسي أن ينهض ويستغل ثرواته الهائلة بشكل فعال؟ أم أن الأزمات المالية وهجرة الكفاءات ستظل تُكبّل فرص النمو؟ بينما تُطرح هذه التساؤلات، تبقى الحاجة ملحّة لإصلاحات عميقة تُوجّه الاقتصاد نحو مسار أكثر استدامة.
مسؤول سابق: كتلة الأجور في تونس تبلغ 13% من حجم الاقتصاد