Image

خالدة جرار عن الفلسطينيين في سجون إسرائيل: يعاملوننا وكأننا لسنا بشرا

عندما نزلت من الحافلة التي أقلت معتقلين فلسطينيين من سجون إسرائيلية فجر الإثنين الماضي، لم تتمكن القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خالدة جرار من الكلام، وبدت شاحبة وقد غطى اللون الأبيض شعرها المرفوع.

بعد ساعات تحدثت لوكالة الصحافة الفرنسية عن "سوء معاملة" في السجون الإسرائيلية، وهو ما نفته مصلحة السجون.

كانت جرار واحدة من مئات المعتقلين الفلسطينيين، وغالبيتهم من النساء والأطفال، الذين أفرج عنهم في إطار اتفاق الهدنة بين حركة "حماس" وإسرائيل الذي بدأ تنفيذه الأحد الماضي. تحلق حولها المستقبلون في رام الله في الضفة الغربية وكانوا يهتفون فرحاً بالعائدين، أما هي فبدت منهكة وضعيفة.

في اليوم التالي، قالت جرار لوكالة الصحافة الفرنسية، "كانت المرة الأولى التي أتحدث فيها مع بشر بعدما عزلت في زنزانتي لمدة ستة أشهر".

وأثناء المقابلة، كانت صبغت شعرها باللون الأسود وأسدلته على كتفيها، وكانت تستقبل المهنئين.

" تهديد أمن الدولة"

وتشغل جرار (61 سنة) عضوية المكتب السياسي لـ"الجبهة الشعبية"، وترأس "مؤسسة الضمير" الحقوقية، وتعتبر ناشطة سياسية ونسوية.

اعتقلت إدارياً مرات عدة كان آخرها في ديسمبر (كانون الأول) 2023، بعدما كانت أمضت 20 شهراً في الاعتقال الإداري بين عامي 2018 و2019، وكانت توجه إليها في كل مرة تهمة " تهديد أمن الدولة".

والاعتقال الإداري نظام ورثته إسرائيل عن الانتداب البريطاني، ويتم بموجبه وضع الشخص رهن الاعتقال من دون توجيه تهمة محددة له، ويصنف "ملفه سرياً" لفترات تبدأ بثلاثة أشهر ومن الممكن أن تمدد لسنوات.

 

سوء المعاملة

وتقول جرار، "ظروف الأسرى والأسيرات صعبة جداً. منذ عام 1967 حتى اليوم، لم تكن الظروف بمثل هذه القسوة".

وتتحدث عن "اعتداءات متكررة"، مثل "الرش بالغاز بصورة مستمرة، وكمية طعام قليلة ونوعية رديئة"، منددة بـ"سياسة العزل التي تمارسها سلطات الاحتلال".

وتقول جرار "مكثت في العزل ستة أشهر"، مشيرة إلى أن هذا كان ظاهراً تماماً في صورها الاثنين لدى خروجها من الحافلة.

وتشير إلى أن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية "يعاملون وكأنهم ليسوا بشراً"، وتتابع "لذلك نقول إن قضية الأسرى والأسيرات هي قضية شعبنا، ويجب التصدي بصورة وطنية لكل السياسات التي تمارس في حق أسرانا وأسيراتنا حتى حريتهم جميعاً".

وبدأ الأحد تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" بعد أكثر من 15 شهراً من حرب مدمرة في قطاع غزة، وإضافة إلى وقف العمليات القتالية، يشمل الاتفاق تبادل رهائن إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة ومعتقلين في سجون إسرائيلية. وفي الدفعة الأولى من التبادل، أفرج عن ثلاث إسرائيليات ونحو 90 فلسطينياً.

الحرية أغلى شيء

وكانت جرار تستقبل المهنئين إلى جانب عبلة سعدات، زوجة الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات المعتقل لدى إسرائيل منذ عام 2002 بتهمة اغتيال وزير إسرائيلي. وعبلة أيضاً كانت رهن الاعتقال الإداري منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، وأفرج عنها ضمن صفقة التبادل.

وتقول سعدات لوكالة الصحافة الفرنسية إنها تسلمت قرار تجديد الاعتقال الإداري لستة أشهر إضافية في اليوم الذي أطلق فيه سراحها، وتضيف "التهمة التي وجهت إلي هي أنني أزعزع أمن الدولة، من دون أن أعرف كيف".

وتتابع سعدات، العضو في مجلس إدارة اتحاد لجان المرأة الفلسطينية الذي تعتبره إسرائيل "منظمة إرهابية"، "أتمنى الحرية لكل أسرانا وأسيراتنا لأن الحرية هي أغلى ما يملكه الإنسان".

وتقول، "كانت السجون تعتبر مدارس، لكن سحبت كل الإنجازات وأصبحت مقابر تضيق على الأسرى والأسيرات".

إسرائيل تنفي الاتهامات

ومنذ الهجوم غير المسبوق لحركة "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تتحدث منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان بينها المنظمة الإسرائيلية "بتسيليم"، عن تدهور ظروف اعتقال الفلسطينيين في إسرائيل، مشيرة إلى "سوء معاملة" و"تعذيب"، وأعلنت السلطات الإسرائيلية "حال الطوارئ" في السجون للحؤول دون حصول هجمات تستهدف إسرائيل منسقة من السجون.

وكانت تلك المرة الثالثة التي تعتقل فيها عبلة سعدات، وتقول "هذا الاعتقال كان الأصعب"، مضيفة أنه "يتم اعتقالي، فقط لأنني زوجة أحمد سعدات".

في إسرائيل نفت سلطات السجون، في بيان رداً على أسئلة لوكالة الصحافة الفرنسية، أقوال جرار وسعدات عن السجون.

وجاء في البيان، "لسنا على علم بهذه الادعاءات. ووفق معلوماتنا، لم تحصل مثل هذه الأحداث في السجون الواقعة ضمن مسؤوليتنا"، وذكر البيان أن "من حق المعتقلين رفع شكوى ستكون موضع درس عميق من المسؤولين".