Image

بعد ضمها لأهداف الحرب... الضفة الغربية تعيش على صفيح ساخن

ما إن سمع الشاب أحمد الشايب (43 سنة) بمداهمة قوات مكثفة من الجيش الإسرائيلي مدينة جنين شمال الضفة الغربية في بداية تحرك قد يكون أوسع نطاقاً، حتى سارع ليقل ابنه من الروضة إلى المنزل بعيداً من أزيز الرصاص الذي أثار حالاً من الذعر بين الأطفال، إلا أن قناصاً إسرائيلياً استهدفه وهو برفقة عائلته في وادي برقين غرب المدينة، حتى انحرفت مركبته التي كان يقودها بسرعة كبيرة إلى جانب الطريق بعدما أصابته رصاصة أدت إلى مقتله أمام أطفاله، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الجيش والشاباك والشرطة أطلقوا الثلاثاء الماضي، بتوجيه من المجلس السياسي والأمني الإسرائيلي المصغر "الكابينت"، عملية عسكرية واسعة النطاق ومهمة لاستئصال "الإرهاب" في جنين تحت اسم "الجدار الحديدي"، التي أسفرت عن مقتل 10 فلسطينيين في الأقل وإصابة نحو 40 آخرين بجراح متفاوتة، في حين نزح أكثر من 600 فلسطيني من المخيم، وبعد إدراج الضفة على "قائمة أهداف الحرب" قال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إن العملية العسكرية في جنين ستكون "قوية ومتواصلة"، مؤكداً أنها تهدف إلى تعزيز حماية المستوطنات والمستوطنين في الضفة الغربية".وفيما يؤكد الجيش إن العملية العسكرية في جنين ستكون هذه المرة مختلفة بصورة كاملة عن العمليات السابقة، وأنها ستكون كبيرة، وستشهد تكثيفاً للاستهداف الجوي، وفرض طوق كامل حول المخيم، وقد تستغرق أياماً عدة بحسب التطورات الميدانية، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن العملية العسكرية في المخيم تشكل "تغييراً في المفهوم الأمني في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وستؤدي إلى مقتل مخربين وبنية تحتية إرهابية من دون أن يعودوا إلى داخل جنين في نهاية العملية"، مؤكداً ان إسرائيل "لن تسمح لأذرع الأخطبوط الإيراني والإسلام السني الراديكالي بتشكيل خطر على حياة المستوطنين وإقامة جبهة إرهاب".وجاءت العملية التي ما تزال مستمرة في أعقاب اتفاق هدنة هش بين السلطة الفلسطينية والفصائل المسلحة في جنين، أنهى مواجهة استمرت ستة أسابيع، حاولت فيها السلطة استعادة الهيبة والردع وإثبات حضورها وجاهزيتها لتحمل المسؤولية في قطاع غزة كذلك، وليس فقط الضفة الغربية، وحذرت المقررة الأممية الخاصة المعنية بحال حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، من احتمال ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في الضفة الغربية على غرار تلك التي ارتكبتها في قطاع غزة.

كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجيش الإسرائيلي إلى التحلي بـ"أقصى درجات ضبط النفس" في جنين.

ومع ذلك، تقول تقارير إسرائيلية إن تشديد القبضة الأمنية في الضفة، يهدف لمنع وقوع عمليات فلسطينية ضد جنود إسرائيليين أو مستوطنين، ويؤكد الجيش أن عدداً من المسلحين الفلسطينيين "ينطلقون من مدينة جنين ومخيمها لتنفيذ هجمات على أهداف إسرائيلية".

وبحسب بيانات مركز معلومات فلسطين "معطى"، نفذ الفلسطينيون منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أكثر من 2000 عملية إطلاق نار و31 عملية دهس و48 عملية طعن ضد مستوطنيين وقوات الجيش، فيما أظهرت الأرقام المعلنة قيام فلسطينيين خلال الفترة الممتدة نفسها حتى يناير (كانون الثاني) الجاري، بتفجير أكثر من 1050 عبوة ناسفة وإعطاب 177 آلية عسكرية إسرائيلية وإسقاط 18 طائرة مسيرة.

1/11يؤكد الجيش الإسرائيلي أن العملية العسكرية في جنين ستكون هذه المرة مختلفة بشكل كامل عن العمليات السابقة، وأنها ستكون كبيرة (اندبندنت عربية)2/11فرض الجيش الإسرائيلي إغلاقاً بالضفة وأقام بوابات حديدية، ما تسبب بأزمات سير خانقة وعرقلة وصول المواطنين الفلسطينيين بلداتهم ومنازلهم (اندبندنت عربية)3/11تقول تقارير إسرائيلية إن تشديد القبضة الأمنية في الضفة، تهدف لمنع وقوع عمليات فلسطينية ضد جنود إسرائيليين أو مستوطنين (اندبندنت عربية)4/11رغم تسجيل انخفاض بنسبة 40 في المئة في عدد الهجمات التي وقعت خلال عامي 2023 و2024، تشير البيانات ذاتها إلى ارتفاع عدد القتلى الاسرائيليين (اندبندنت عربية)5/11كتابات بالعبرية على جدران في مدينة جنين (اندبندنت عربية)6/11تشهد الضفة الغربية تصاعداً ملحوظاً في تشديد الإجراءات الأمنية على الحواجز العسكرية الإسرائيلية (اندبندنت عربية)7/11ألغى ترمب الأمر التنفيذي رقم 14115 الذي يسمح بفرض عقوبات معينة على 17 فرداً و16 منظمة يقوضون السلام والأمن والاستقرار في الضفة الغربية (اندبندنت عربية)8/11آثار الدمار جراء الاشتباكات في جنين (اندبندنت عربية)9/11مع إطلاق أول دفعة من الأسرى ضمن صفقة التبادل المتفق عليها بين إسرائيل وحركة "حماس" الأحد الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي الدفع بمزيد من قواته إلى الضفة الغربية (اندبندنت عربية)10/11على وقع العمليات الأخيرة التي أودت بحياة إسرائيليين، هاجم مستوطنون قريتي جينصافوت والفندق، شرق مدينة قلقيلية في الضفة الغربية، وأشعلوا النيران في المنازل والمركبات (اندبندنت عربية)11/11فيما رحب بن غفير سموتريتش بقرار ترمب الجديد اتهمت وزارة الخارجية الفلسطينية الرئيس الأميركي بتشجيع "غلاة المستوطنين" على ارتكاب مزيد من الجرائم في الضفة (اندبندنت عربية)

تشديد وحصار

وفيما يواصل الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية في عدد من أحياء مدينة جنين ومخيمها، تشهد الضفة الغربية تصاعداً ملحوظاً في تشديد الإجراءات الأمنية على الحواجز العسكرية الإسرائيلية، مما أدى إلى تفاقم معاناة المواطنين الفلسطينيين، إذ فرض الجيش طوقاً أمنياً على جميع مداخل مدن الضفة ومخارجها وفرض إغلاقاً وأقام بوابات حديدية، مما تسبب بأزمات سير خانقة وعرقلة وصول الفلسطينيين إلى بلداتهم ومنازلهم.

وكشفت "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان"، التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية عن زيادة عدد الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية، وإغلاق مزيد من الطرق بالسواتر الترابية، وذكرت أن أكثر من 146 بوابة حديدية أقامها الجيش بأنحاء الضفة بعد السابع من أكتوبر 2023، منها 17 منذ بداية العام الجاري، وبينت أن مجموع كل الحواجز اليوم يصل إلى نحو 900، موزعة بين بوابة وحاجز دائم أو موقت أو ترابي ومكعبات وغيرها.

ومع إطلاق أول دفعة من الأسرى ضمن صفقة التبادل المتفق عليها بين إسرائيل وحركة "حماس" الأحد الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي الدفع بمزيد من قواته إلى الضفة الغربية ونشر سبع سرايا، وسط تحذيرات أطلقها رئيس الأركان هرتسي هاليفي من احتمالية إطلاقه "عمليات كبيرة" في الضفة الغربية، قائلاً إن قوات الأمن الإسرائيلية تخوض منذ أكثر من عام قتالاً شديداً مع مسلحين في الضفة الغربية، مؤكداً اعتماد الغارات الجوية التي كانت نادرة في المنطقة. وتشير البيانات الأمنية الإسرائيلية إلى إحباط أكثر من "1000 هجوم إرهابي كبير" خلال العام الماضي، معظمها باستخدام الأسلحة النارية والعبوات الناسفة، فيما فشلت الأجهزة الأمنية، بحسب "هيئة البث الإسرائيلية"، في إحباط 231 هجوماً آخر.

وعلى رغم تسجيل انخفاض بنسبة 40 في المئة في عدد الهجمات التي وقعت خلال عامي 2023 و2024، تشير البيانات ذاتها إلى ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين، بسبب ما وُصِفَ بـ"العمليات النوعية" التي لم يتم إحباطها، فجراء تلك الهجمات التي وقعت عام 2023، قُتل 43 إسرائيلياً فيما ارتفع العدد عام 2024 إلى 46. ومنذ مطلع العام الجاري، لقي ثلاثة إسرائيليين مصرعهم وأصيب آخرون في هجوم بإطلاق نار وقع قرب مستوطنة "كدوميم" شمال الضفة الغربية، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي قبل أيام مقتل جندي من كتيبة الاحتياط "8211" وإصابة أربعة آخرين، بينهم ضابط كبير حالته خطرة، جرّاء انفجار عبوة ناسفة في آليتهم العسكرية أثناء قيامهم بدورية روتينية في بلدة طمون القريبة من جنين شمالاً.

اعتداءات مستوطنين

وعلى وقع العمليات الأخيرة التي أودت بحياة إسرائيليين، هاجم مستوطنون قريتي جينصافوت والفندق، شرق مدينة قلقيلية في الضفة الغربية، وأشعلوا النيران في المنازل والمركبات، وأسفر هجموهم العنيف عن إصابة 21 فلسطينياً، 12 منها ناجمة عن التعرض للضرب المبرح، وتسع من استنشاق الغاز السام.

وقال رئيس مجلس قرية الفندق لؤي تيم، إن المستوطنين أحرقوا أيضاً جرافة ورافعة ومشتل أشجار، كما حاصروا منزلاً كانت تختبئ فيه عائلة فلسطينية ورموه بالحجارة، وعلى رغم اتساع هجمات المستوطنيين على قرى ترمسعيا، وسنجل وبرقا والمغيّر الواقعة في قضاء مدينة رام الله وغيرها من قرى جنوب الضفة منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين "حماس" وإسرائيل حيّز التنفيذ صباح الأحد الماضي، ألغى الرئيس الأميركي دونالد ترمب العقوبات التي فرضتها إدارة سلفه جو بايدن على جماعات وأفراد من المستوطنين من اليمين المتطرف لارتكابهم أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة.

وذكر الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض أن ترمب ألغى الأمر التنفيذي رقم (14115) الصادر في أول فبراير (شباط) 2024 الذي سمح بفرض عقوبات معينة على 17 فرداً و16 منظمة "يقوضون السلام والأمن والاستقرار في الضفة الغربية".وجاءت الخطوة بعد أقل من أسبوع من تمديد بايدن لحال الطوارئ في الضفة الغربية لعام إضافي، وهو ما كان سارياً حتى الأول من فبراير المقبل.

وفيما رحب وزيرا الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل، إيتمار بن غفير، والمالية بتسلئيل سموتريتش بقرار الرئيس الأميركي الجديد، معتبرين الخطوة "تاريخية" اتهمت وزارة الخارجية الفلسطينية الرئيس الأميركي بتشجيع "غلاة المستوطنين" على ارتكاب مزيد من الجرائم في الضفة الغربية، وحذرت في بيان من "محاولات تفجير الأوضاع في الضفة تمهيداً لبسط حال من الفوضى العنيفة لتسهيل ضمها".

وأكدت أنها تتابع حراكها السياسي والدبلوماسي والقانوني الدولي مع الدول والمنظمات الحقوقية والإنسانية المختصة، وكذلك مع مكونات المجتمع الدولي والأمم المتحدة "لفضح جرائم المستوطنين، وحشد أوسع جبهة دولية ضاغطة لإجبار الحكومة الإسرائيلية على وقف اعتداءاتها وإنهاء احتلالها لأرض دولة فلسطين".

من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن الحكومة الإسرائيلية تحاول جرّ الضفة إلى مواجهة شاملة بهدف التصعيد، وخلق مناخ للعنف والتوتر، معتبراً أن "قرار إلغاء العقوبات على المستوطنين يشجعهم على ارتكاب مزيد من الجرائم".

انفجار وشيك

ووفقاً لما جاء في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن قرار وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إلغاء فرض الاعتقالات الإدارية على المستوطنين الإرهابيين قبل أسابيع عدة شكل دعماً لهم وعزز استعدادهم لاعتداءات على فلسطينيين دونما إنفاذ القانون ضدهم.

وأفادت الصحيفة بأن لواء الشرطة في الضفة، المسؤول عن تنفيذ القانون في المستوطنات وتجاه المستوطنين، "لا يعمل كما ينبغي ضد مظاهر العنف، وفي حالات كثيرة يصل أفراد الشرطة إلى مواقع الاعتداءات بتأخيرٍ كبير". وتثير الاعتداءات التي نفذها المستوطنون أخيراً في قريتي الفندق وجينصافوت، شرق قلقيلية، قلقاً كبيراً في الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن، خصوصاً بعدما أطلق شرطي إسرائيلي النار وأصاب مستوطنَين اثنين بجروح خطرة، أثناء الهجوم بزعم أن بعض المستوطنين ألقوا الحجارة باتجاه رجال الشرطة، ورشهم برذاذ الفلفل.وعلى رغم تحذيرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في وقت سابق من احتمال تدهور الأوضاع في الضفة تحت تأثير التطورات الحاصلة، واقتراحها إعادة السماح للعمال الفلسطينيين بالعمل داخل إسرائيل وتحويل أموال المقاصة للسلطة الفلسطينية التي يعطلها وزير المالية سموتريتش، كخطوات للتهدئة، إضافة إلى الحفاظ على "الوضع القائم" في المسجد الأقصى، قال مسؤولون عسكريون لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن القيادة المركزية في الجيش الإسرائيلي تستعد لتنفيذ عمليات هجومية في الضفة لمنع "حماس" من ترسيخ موطئ قدم فيها، بعد إطلاق سراح أعضاء من الحركة ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.