كيف بنيت تشكيلة ليفربول ببراعة ولماذا يجني سلوت المكافآت الآن؟
بعد الهدف الذي سُجل بعد 22 ثانية، جاء الهدف الذي سُجل بعد 26 دقيقة ليقدم آرني سلوت تعريفاً لكل من البديل المؤثر والتأثير الفوري.
لقد سجل ديوغو جوتا في نوتنغهام فورست من لمسته الأولى، بعد 22 ثانية فقط من دخوله إلى أرض الملعب ومعه صانع الهدف كوستاس تسيميكاس، وبعد أربعة أيام كسر داروين نونيز الجمود والتعادل السلبي بتسجيل هدف بعد 26 دقيقة من دخوله، ثم أضاف هدفه الثاني بعد دقيقتين من الهدف الأول، وكان ذلك بمساعدة بديل آخر هو هارفي إليوت، بعد 13 دقيقة من دخوله أمام برينتفورد.
وقال سلوت "إنه لأمر رائع بالنسبة إليَّ، وبالنسبة إلينا كفريق، أن يكون لدي لاعبون يمكنهم التأثير في المباراة من على مقاعد البدلاء".
ومع استئناف ليفربول مشواره في دوري أبطال أوروبا، وهو في صدارة الجدول وبسجل مباريات متفرد خالٍ من الهزائم في المسابقة، جاء اثنان من أفضل عروضه في المسابقة من لاعبين من المرجح أن يبدأوا على مقاعد البدلاء ضد ليل الفرنسي مساء اليوم الثلاثاء، فعندما تفوق ليفربول على ريال مدريد بنتيجة (2 - 0) تصدى كاويمين كيليهر لركلة جزاء من كيليان مبابي، وإذا لم يكن حارس المرمى هو رجل المباراة، فذلك لأن زميله كونور برادلي قدم عرضاً رائعاً.
يشكل كل منهما جزءاً من صورة كبرى، إذ يبدو أن ليفربول لديه الآن الفريق الأكثر توازناً في أوروبا وربما الأفضل أيضاً، وهو أمر يبدو أكثر غرابة نظراً إلى خمول النادي في ما يخص التعاقدات الجديدة خلال الصيف الماضي، إذ كان الوافد الوحيد الذي أُدخل إلى القائمة هو فيديريكو كييزا، الذي لعب دقيقة واحدة في دوري أبطال أوروبا و21 دقيقة في الدوري الإنجليزي الممتاز، وبدت محاولتهم لجلب مارتن زوبيمندي وكأنها فشل كبير.
وبدلاً من ذلك، رُسمت مقارنات مدمرة منذ ذلك الحين بين بناء فريق أندية أخرى وليفربول، إذ وجد أرسنال نفسه يفتقر إلى الخيارات الهجومية التي يتمتع بها سلوت، وقد انتهى الأمر بمانشستر سيتي بطريقة ما إلى اللعب بقلب هجوم وحيد ولاعب وسط دفاعي وحيد، وبينما لم يتعرض إيرلينغ هالاند للإصابة، لكن رودري أصيب.
وفي الوقت نفسه يتمتع ليفربول بالمنطق والرفاهية المتمثلة في وجود لاعبين في الأقل لكل مركز (وعلى عكس تشيلسي، ليس هناك وفرة في بعض الأدوار التي يعانيها كبار اللاعبين من دون استخدامهم على الإطلاق)، لذلك فلديهم قوة في العمق.
وتبدو هذه المجموعة المنتصرة من اللاعبين جزءاً من إرث يُحسد سلوت عليه، لكن استخدامه فريقه بحكمة شديدة واعتماده المتزايد على البدلاء يضيف إلى نجاحه، بخاصة أنه لم يسهم في أي تعاقدات، بل شُكل هذا الفريق من قبل أشخاص عدة كان آخرهم المدير الرياضي ريتشارد هيوز، الذي جذبته رسوم الانتقال المنخفضة لكييزا وموهبته حتى لو كانت الإصابات تعني أن صفقة ضمه ليست ناجحة حتى الآن.
لكن هذه المجموعة الحالية من اللاعبين شُكلت من قبل كثير من الذين غادروا ملعب "أنفيلد" (وفي حال واحدة، عادوا) أو الذين يظلون في الخلفية.
يعود اتخاذ القرارات الممتازة إلى أعوام مضت، وهناك أخطاء قليلة حتى لو كان من الممكن وصف هدف الفوز في مباراة السبت بقيمة 85 مليون جنيه استرليني (104.41 مليون دولار) على هذا النحو.
يمكن لليفربول أن ينفق بصورة جزئية لأنه في بعض الأحيان يجعل القليل من المال يقطع شوطاً طويلاً، وقد زودتهم أكاديميتهم بخمسة من لاعبيهم الرئيسين البالغ عددهم 22 لاعباً، وقد يكون القائد الثاني للفريق ترينت ألكسندر أرنولد هو الخيار الأول الوحيد بينهم، على رغم أن كورتيس جونز بدا وكأنه واحد منهم في جولته القوية ضد تشيلسي، وأصبح جاريل كوانساه لفترة وجيزة واحداً منهم في الموسم الماضي، في حين أن برادلي وكيليهر بديلان جيدان لدرجة أن وضعهما كبديلين يبدو غير مستدام.
إضافة إلى ذلك لقد استقبل ليفربول لاعبين اثنين مراهقين، وقعا في سن الـ16 والـ 18 مقابل 5.25 مليون جنيه استرليني (6.45 مليون دولار) ونجحا في تحسين مستويهما وهما جو غوميز وهارفي إليوت، وهما من نواب قائد الفريق الآن.
وبدا سلوت غير مقتنع في البداية بالمدافع غوميز عندما استبعده من قائمة الـ20 لاعباً لمباراة افتتاح الموسم ضد إبسويتش تاون، لكن هذه الثنائية التي كلفت ليفربول 5.25 مليون جنيه استرليني (6.45 مليون دولار) شاركت حتى الآن في ما مجموعه 370 مباراة مع "الريدز".
إن حقيقة أن غوميز سبق يورغن كلوب تظهر وقت استغرقه تجميع الفريق، ويعكس كثير من ذلك العمل الرائع الذي قام به مايكل إدواردز خلال فترته كمدير رياضي، وتراوح انتصارات إدواردز في سوق الانتقالات ما بين الصفقة الرخيصة، في صفقة أندي روبرتسون مقابل 7 ملايين جنيه استرليني (8.6 مليون دولار) والرقم القياسي في صفقة فيرجيل فان دايك مقابل 75 مليون جنيه استرليني (92.13 مليون دولار)، على رغم أن أعظمها كان ضم محمد صلاح، الذي سجل 232 هدفاً لليفربول حتى الآن.
ومع ذلك كان هناك عامل آخر، ففي فترة غياب إدواردز، قبل عودته كرئيس تنفيذي لكرة القدم في مجموعة "فينواي سبورتس" المالكة لليفربول، كان لكلوب رأي أكبر في التعاقدات.
وكان خط الهجوم وخط الوسط في "ليفربول 2.0" من نتاج عمله جزئياً. لقد جاء جوتا عندما سيطر إدواردز، وكودي غاكبو الممتاز بعد رحيل متخصص الانتقالات.
لم يقترح إدواردز ضم لويس دياز ولا نونيز، وأُعيد اختراع الجناح وجعله أكثر إنتاجية بواسطة سلوت، ويبدو المهاجم غير ملائم لتشكيلة سلوت، لكن الهولندي، على عكس بعض نظرائه في أماكن أخرى، وجد دوراً لنفسه مع الجميع.
وفي خط الوسط، أصبحت مهمة إعادة البناء لعام 2023 مهمة كلوب والمدير الرياضي لفترة وجيزة، جورج شمادتكه، أكبر عندما طلبت الأندية السعودية فابينيو وجوردان هندرسون.
وبعد نحو 18 شهراً، تبدو عملية الإصلاح التي تكلفت 150 مليون جنيه استرليني (184.25 مليون دولار) ملهمة، إذ كان واتارو إندو مناسباً لكلوب أكثر من سلوت، لكن المدير الفني الجديد حول رايان غرافينبيرش إلى شخصية محورية، وفي غضون ذلك، بدا أليكسيس ماك أليستر ودومينيك سوبوسلاي إضافتين رائعتين منذ البداية.
وإذا كان جزء من الحل هو أن ليفربول كان محصناً تقريباً من الأخطاء، فإن جزءاً آخر هو أنهم امتلكوا الحس اللازم للبحث عن مدير فني مناسب تماماً للفريق، حتى لو لم تكن بعض مشتريات كلوب مثالية لإدواردز، فهناك تماسك في ذلك، إذ يميل الوافدون إلى امتلاك القوة البدنية للعب كرة القدم التي يقدمها ليفربول، ولديهم عدد قليل من الإصابات حتى الآن، مع وجود جوتا وغوميز فقط على الهامش، ولكنهم تأقلموا مع الأمر في الخريف عندما كانت الغيابات أكثر تكراراً، وكان ذلك مؤشراً إلى أن البدلاء لديهم القدرة على أن يكونوا أساسيين.
في غالب فترات الموسم، كان التشكيل الأساس الأول حاسماً، ففي حين سجل وصنع اللاعبون البدلاء 49 هدفاً مع كلوب في الموسم الماضي، احتاج سلوت إلى عدد أقل، والآن جاءت آخر خمسة أهداف لليفربول من البدلاء، بما في ذلك هدفا جايدن دانس وكييزا ضد أكينغتون ستانلي، وكانت هذه الأهداف مجرد إضافات هامشية، ولكن الأهداف الأحدث قد تكون حاسمة في النتيجة النهائية، وقد يتحدد مصير لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، أو دوري أبطال أوروبا، في نهاية المطاف من قبل قائمة ليفربول الأوسع.